الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      جرير بن حازم ( ع )

                                                                                      ابن زيد بن عبد الله بن شجاع ، الإمام الحافظ الثقة ، المعمر ، أبو النضر الأزدي ، ثم العتكي البصري .

                                                                                      حدث عن : الحسن ، وابن سيرين ، وأبي رجاء العطاردي - وهو أكبر شيخ له ، وحديثه عنه في " الصحيحين " - ونافع مولى ابن عمر ، وأبي فزارة العبسي ، وعطاء بن أبي رباح ، وابن أبي مليكة ، وسالم بن عبد الله ، وطاوس ، وحميد بن هلال ، وعمه جرير بن يزيد ، وزبيد اليامي ، وأبي إسحاق ، وزيد بن أسلم ، وجميل بن مرة ، وثابت ، وأيوب ، والزبير بن الحريث ، والزبير بن سعيد الهاشمي ، وسهيل بن أبي صالح ، وأسماء بن عبيد الضبعي ، [ ص: 99 ] وإبراهيم بن يزيد الثاتي المصري القاضي - وثات ، بمثلثة ثم مثناة : قبيل من حمير - وحرملة بن عمران المصري ، وحميد الطويل ، وحنظلة السدوسي ، والأعمش ، وعبد الله بن عبيد بن عمير ، وعبد الله بن ملاذ الأشعري ، وعبد الرحمن بن عبد الله السراج ، وعدي بن عدي الكندي ، وغيلان بن جرير ، وقتادة ، وقيس بن سعد ، وكلثوم بن جبر ، ومحمد بن عبد الله بن أبي يعقوب ، ومنصور بن زاذان ، والنعمان بن راشد ، ويزيد بن رومان ، ويعلى بن حكيم ، ويونس بن يزيد ، وجماعة من أقرانه ، ويحيى بن أيوب المصري - وهو أصغر منه - . وقيل : إنه روى عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، والمحفوظ أنه رأى جنازته بمكة . ورأيت غير واحد يعد جريرا في صغار التابعين . حدثنا علي ، أنه سمع من أبي الطفيل خاتمة الصحابة ، وهو خاتمة من لحق أبا الطفيل ، وكان من أوعية العلم .

                                                                                      حدث عنه : ولده وهب بن جرير الحافظ ، وأيوب السختياني ، والأعمش ، وهشام بن حسان ، ويزيد بن أبي حبيب - وهم من شيوخه - والثوري ، والليث بن سعد ، وطائفة من أقرانه . وقيل : إن ابن عون روى عنه .

                                                                                      وممن روى عنه : ابن وهب ، ويحيى القطان ، وابن المبارك ، وابن مهدي ، ويحيى بن آدم ، ومسلم بن إبراهيم ، ومحمد بن عرعرة ، وعارم أبو النعمان ، وأبو عاصم ، وأبو سلمة المنقري ، ويزيد بن هارون ، وشيبان ، وهدبة ، وأبو النصر التمار ، وأمم سواهم .

                                                                                      قال أبو نوح قراد : قال لي شعبة : عليك بجرير بن حازم فاسمع منه . وروى محمود بن غيلان ، عن وهب قال : كان شعبة يأتي أبي ، فسأله عن أحاديث الأعمش ، فإذا حدثه . قال : هكذا - والله - سمعته من الأعمش . ابن المديني : قلت ليحيى : أيما أحب إليك ، أبو الأشهب أو جرير بن حازم ؟ [ ص: 100 ] قال : ما أقربهما ! ولكن جرير كان أكثرهما وهما . قلت : اغتفرت أوهامه في سعة ما روى ، وقد ارتحل في الكهولة إلى مصر ، وحمل الكثير ، وحدث بها .

                                                                                      وقال عبد الرحمن بن مهدي : جرير أثبت عندي من قرة بن خالد .

                                                                                      وقال أحمد بن زهير ، عن يحيى بن معين : هو أمثل من أبي هلال ، وكان صاحب كتاب . وروى عثمان بن سعيد ، عن يحيى : ثقة . وروى عباس ، عن يحيى : هو أحسن حديثا من ابن أبي الأشهب ، وأسند . وقال العجلي : بصري ثقة . وقال أبو حاتم : صدوق ، صالح ، قدم هو والسري بن يحيى مصر ، وهو أحسن حديثا من السري ، والسري أحلى منه .

                                                                                      وقال النسائي وغيره : ليس به بأس .

                                                                                      قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سألت يحيى بن معين عن جرير بن حازم فقال : ليس به بأس . فقلت : إنه يحدث عن قتادة ، عن أنس أحاديث مناكير . فقال : هو عن قتادة ضعيف .

                                                                                      وروى يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد ، عن وهب بن جرير ،

                                                                                      قال : قرأ أبي على أبي عمرو بن العلاء ، فقال : أنت أفصح من معد .

                                                                                      قال سليم بن منصور بن عمار ، عن أبي نصر التمار ، قال : كان جرير بن حازم يحدث ، فإذا جاءه إنسان لا يشتهي أن يحدثه ، ضرب بيده إلى ضرسه ، وقال : أوه .

                                                                                      قال ابن عدي : جرير من أجلة أهل البصرة ورفعائهم ، اشترى والد [ ص: 101 ] حماد بن زيد وأعتقه ، فحماد مولى جرير . قال : وقد حدث عن جرير من الكبار : أيوب السختياني ، والليث بن سعد نسخة طويلة . قال : وهو من ثقات المسلمين . حدث عنه الأئمة : أيوب ، وابن عون ، والثوري ، وحماد بن زيد ، والليث ، ويحيى بن أيوب ، وابن لهيعة ، وهو مستقيم الحديث إلا في روايته عن قتادة ، فإنه يروي عنه أشياء لا يرويها غيره .

                                                                                      وقال أبو بكر الخطيب : حدث عنه : يزيد بن أبي حبيب ، وشيبان بن فروخ ، وبين وفاتيهما مائة وثمان سنين .

                                                                                      قال أبو نصر الكلاباذي : حكى عن جرير ابنه وهب ، قال : مات أنس سنة تسعين ولي خمس سنين ، ومات جرير سنة سبعين ومائة .

                                                                                      وروى أحمد بن سنان القطان ، عن عبد الرحمن بن مهدي قال : اختلط جرير بن حازم ، وكان له أولاد أصحاب حديث ، فلما أحسوا ذلك منه حجبوه ، فلم يسمع منه أحد في حال اختلاطه شيئا .

                                                                                      قال أبو حاتم الرازي : تغير قبل موته بسنة . قال أبو سلمة التبوذكي : ما رأيت حماد بن سلمة يكاد يعظم أحدا تعظيمه لجرير بن حازم .

                                                                                      أخبرنا أحمد بن إسحاق ، أنبأنا الفتح بن عبد السلام ، أنبأنا هبة الله بن الحسين ، أنبأنا أحمد بن محمد البزاز ، حدثنا عيسى بن علي إملاء ، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد ، حدثنا شيبان بن فروخ ، حدثنا جرير بن حازم ، عن عبد الملك بن عمير ، عن جابر بن سمرة قال : خطبنا عمر - رضي الله عنه - بالجابية فقال : قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " أحسنوا إلى أصحابي ، ثم الذين يلونهم " . . . [ ص: 102 ] الحديث . وأخبرنا أحمد بن هبة الله ، أنبأنا عبد المعز بن محمد ، أنبأنا تميم بن أبي سعيد ، أنبأنا أبو سعيد الكنجروذي ، أنبأنا أبو عمرو محمد بن أحمد ، أنبأنا أبو يعلى الموصلي ، حدثنا شيبان وعلي بن حمزة البصري ، قالا : حدثنا جرير عن عبد الملك ، ولفظ شيبان : سمعت عبد الملك بن عمير ، عن جابر بن سمرة قال : خطبنا عمر بن الخطاب بالجابية فقال : قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقامي فيكم اليوم ، فقال : " أحسنوا إلى أصحابي ثم الذين يلونهم " .

                                                                                      وأخبرنا عبد الحافظ بن بدران ، ويوسف الغسولي ، قالا : أنبأنا موسى بن عبد القادر ، أنبأنا سعيد بن أحمد ، أنبأنا علي بن أحمد ، أنبأنا أبو طاهر المخلص ، حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن عبد الملك بن عمير ، عن جابر بن سمرة قال : خطب عمر الناس بالجابية ، فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام في مثل مقامي هذا فقال : " أحسنوا إلى أصحابي ، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ، ثم يجيء قوم يحلف أحدهم على اليمين قبل أن يستحلف عليها ، ويشهد على الشهادة قبل أن يستشهد ، فمن أحب منكم أن ينال بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة ، فإن الشيطان مع الواحد ، وهو من الاثنين أبعد ، ألا لا يخلون رجل بامرأة ، فإن ثالثهما الشيطان ، ومن كان منكم تسره حسنته ، وتسوءه سيئته فهو مؤمن " [ ص: 103 ] هذا حديث صحيح ، اتفق الجريران على روايته ، عن عبد الملك بن عمير . أخرجه النسائي والقزويني من طريق جرير بن عبد الحميد ، فوقع لنا بدلا عاليا . وأخرجه النسائي من حديث ابن حازم ، فقال : حدثنا عبد الله بن الصباح ، عن عبد الأعلى السامي ، عن هشام بن حسان ، عن جرير بن حازم : فوقع لنا عاليا جدا .

                                                                                      قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله ذكر قول حماد بن زيد : كان جرير أحفظنا ، ثم نظر إلي أبو عبد الله فتبسم ، وقال : ولكنه بأخرة . فقلت : يحفظ عن يحيى ، عن عمرة ، عن عائشة ، قالت : أصبحت أنا وحفصة صائمتين فأنكره ، وقال : من رواه ؟ قلت : جرير . قال : جرير كان يحدث بالتوهم . قلت : أكان يحدثهم بالتوهم بمصر خاصة ، أو غيرها ؟ .

                                                                                      قال : في غيرها وفيها . وقال أبو عبد الله : أشياء يسندها عن قتادة باطل .

                                                                                      قلت : قدمت جريرا ، وإن كانت وفاته تأخرت ، والخطب يسير في مثل هذا .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية