الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      المتنبي

                                                                                      شاعر الزمان أبو الطيب أحمد بن حسين بن حسن الجعفي الكوفي الأديب الشهير بالمتنبي .

                                                                                      ولد سنة ثلاث وثلاثمائة وأقام بالبادية ، يقتبس اللغة والأخبار ، وكان من أذكياء عصره .

                                                                                      بلغ الذروة في النظم ، وأربى على المتقدمين ، وسار ديوانه في الآفاق . ومدح سيف الدولة ملك الشام ، والخادم كافورا صاحب مصر ، [ ص: 200 ] وعضد الدولة ملك فارس والعراق .

                                                                                      وكان يركب الخيل بزي العرب ، وله شارة وغلمان وهيئة . وكان أبوه سقاء بالكوفة ، يعرف بعبدان .

                                                                                      روى عنه أبو الحسين محمد بن أحمد المحاملي ، وعلي بن أيوب القمي ، وأبو عبد الله بن باكويه ، وأبو القاسم بن حبيش ، وكامل العزائمي ، والحسن بن علي العلوي من نظمه .

                                                                                      قيل : إنه جلس عند كتب ، فطول المطالعة في كتاب للأصمعي ، فقال صاحبه : يا هذا أتريد أن تحفظه ؟ فقال : فإن كنت قد حفظته ؟ قال : أهبه لك ، قال : فأخذ يقرؤه حتى فرغه ، وكان ثلاثين ورقة .

                                                                                      قال التنوخي : خرج المتنبي إلى بني كلب ، وأقام فيهم ، وزعم أنه علوي ، ثم تنبأ ، فافتضح وحبس دهرا ، وأشرف على القتل ، ثم تاب .

                                                                                      وقيل : تنبأ ببادية السماوة ، فأسره لؤلؤ أمير حمص بعد أن حارب .

                                                                                      وقد نال بالشعر مالا جليلا ، يقال : وصل إليه من ابن العميد ثلاثون ألف دينار . وناله من عضد الدولة مثلها .

                                                                                      أخذ عند النعمانية فقاتل ، فقتل هو وولده محسد . وفاته في [ ص: 201 ] رمضان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة .

                                                                                      وكان يبخل .

                                                                                      وقد طولت أمره في " تاريخ الإسلام " .

                                                                                      وهو القائل

                                                                                      لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقر والإقدام قتال

                                                                                      وله هكذا عدة أبيات فائقة ، يضرب بها المثل .

                                                                                      وكان معجبا بنفسه ، كثير البأو والتيه ، فمقت لذلك .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية