الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      السخاوي

                                                                                      الشيخ الإمام العلامة شيخ القراء والأدباء علم الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد بن عطاس الهمداني ، المصري ، السخاوي ، الشافعي ، نزيل دمشق .

                                                                                      ولد سنة ثمان وخمسين أو سنة تسع .

                                                                                      وقدم الثغر في سنة اثنتين وسبعين ، وسمع من أبي طاهر السلفي ، ومن أبي الطاهر بن عوف ، وبمصر من أبي الجيوش عساكر بن علي ، وأبي القاسم البوصيري ، وإسماعيل بن ياسين ، وبدمشق من ابن طبرزذ ، [ ص: 123 ] والكندي ، وحنبل ، وتلا بالسبع على الشاطبي ، وأبي الجود ، والكندي ، والشهاب الغزنوي .

                                                                                      وأقرأ الناس دهرا ، وما أسند القراءات عن الغزنوي والكندي ، وكانا أعلى إسنادا من الآخرين ، امتنع من ذلك لأنه تلا عليهما ب " المبهج " ولم يكن بأخرة يرى الإقراء به ولا بما زاد على السبع ، فقيل : إنه اجتنب ذلك لمنام رآه .

                                                                                      وكان إماما في العربية ، بصيرا باللغة ، فقيها ، مفتيا ، عالما بالقراءات وعللها ، مجودا لها ، بارعا في التفسير . صنف وأقرأ وأفاد ، وروى الكثير وبعد صيته ، وتكاثر عليه القراء ، تلا عليه شمس الدين أبو الفتح الأنصاري ، وشهاب الدين أبو شامة ، ورشيد الدين بن أبي الدر ، وزين الدين الزواوي ، وتقي الدين يعقوب الجرائدي ، والشيخ حسن الصقلي ، وجمال الدين الفاضلي ، ورضي الدين جعفر بن دنوقا ، وشمس الدين محمد بن الدمياطي ، ونظام الدين محمد بن عبد الكريم التبريزي ، والشهاب بن مزهر ، وعدة .

                                                                                      وحدث عنه الشيخ زين الدين الفارقي ، والجمال بن كثير ، والرشيد بن المعلم ، ومحمد بن قايماز الدقيقي ، والخطيب شرف الدين الفزاري ، وإبراهيم بن المخرمي ، وأبو علي بن الخلال ، وإبراهيم بن النصير ، وإسماعيل بن مكتوم ، والزين إبراهيم بن الشيرازي ، وآخرون .

                                                                                      وكان مع سعة علومه وفضائله دينا ، حسن الأخلاق ، محببا إلى الناس ، وافر الحرمة ، مطرحا للتكلف ، ليس له شغل إلا العلم ونشره .

                                                                                      [ ص: 124 ] شرح " الشاطبية " في مجلدين ، و " الرائية " في مجلد ، وله كتاب " جمال القراء " ، وكتاب " منير الدياجي في الآداب " ، وبلغ في التفسير إلى الكهف ، وذلك في أربع مجلدات ، وشرح " المفصل " في أربع مجلدات ، وله النظم والنثر .

                                                                                      وكان يترخص في إقراء اثنين فأكثر كل واحد في سورة ، وفي هذا خلاف السنة ، لأننا أمرنا بالإنصات إلى قارئ لنفهم ونعقل ونتدبر .

                                                                                      وقد وفد على السلطان صلاح الدين بظاهر عكا في سنة ست وثمانين زمن المحاصرة فامتدحه بقصيدة طويلة ، واتفق أنه امتدح أيضا الرشيد الفارقي ، وبين الممدوحين في الموت أزيد من مائة عام .

                                                                                      قال الإمام أبو شامة وفي ثاني عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وستمائة توفي شيخنا علم الدين علامة زمانه وشيخ أوانه بمنزله بالتربة الصالحية ، وكان على جنازته هيبة وجلالة وإخبات ، ومنه استفدت علوما جمة كالقراءات ، والتفسير ، وفنون العربية .

                                                                                      قلت : كان يقرئ بالتربة وله حلقة بالجامع .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية