الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      إبراهيم بن طهمان ( ع )

                                                                                      ابن شعبة الإمام ، عالم خراسان أبو سعيد الهروي ، نزيل نيسابور ، ثم [ ص: 379 ] حرم الله -تعالى .

                                                                                      ولد في آخر زمن الصحابة الصغار ، وارتحل في طلب العلم ، فحمل عن آدم بن علي ، وثابت البناني ، وعبد العزيز بن رفيع ، وسماك بن حرب ، وأبي حصين ، ومحمد بن زياد الجمحي ، صاحب أبي هريرة ، ومنصور بن المعتمر ، وأبي جمرة الضبعي ، وأبي إسحاق السبيعي ، وأبي الزبير ، وعاصم بن بهدلة ، وعاصم بن سليمان ، وحسين المعلم ، وعطاء بن أبي مسلم الخراساني ، وعبد العزيز بن صهيب ، ومطر الوراق ، ويحيى بن سعيد ، وخلق سواهم . وعنه : صفوان بن سليم شيخه ، وأبو حنيفة ، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير ، وابن المبارك ، وحفص بن عبد الله السلمي ، وأبو عامر العقدي ، وعمر بن عبد الله بن رزين ، وعبد الرحمن بن مهدي ، ومحمد بن سابق ، ومعن القزاز ، ويحيى بن أبي بكير ، ويحيى بن الضريس ، وأبو حذيفة النهدي ، وعبد الرحمن بن سلام الجمحي ، ومحمد بن سنان العوقي ، وأمم سواهم .

                                                                                      وثقه ابن المبارك ، وأحمد ، وأبو حاتم ، وغيرهم .

                                                                                      وقال عبد الله بن أحمد عن يحيى بن معين : لا بأس به .

                                                                                      وقال أبو حاتم أيضا : حسن الحديث ، صدوق .

                                                                                      وقال عثمان بن سعيد : لم يزل الأئمة يشتهون حديثه ، ويرغبون فيه ، ويوثقونه . [ ص: 380 ]

                                                                                      وقال أبو داود : ثقة من أهل سرخس ، خرج يريد الحج ، فقدم نيسابور ، فوجدهم على قول جهم فقال : الإقامة على هؤلاء أفضل من الحج ، فأقام فنقلهم من قول جهم إلى الإرجاء .

                                                                                      وقال صالح بن محمد جزرة : ثقة ، حسن الحديث ، يميل شيئا إلى الإرجاء في الإيمان ، حبب الله حديثه إلى الناس ، جيد الرواية .

                                                                                      قال إسحاق ابن راهويه : كان صحيح الحديث ، كثير السماع ، ما كان بخراسان أكثر حديثا منه ، وهو ثقة .

                                                                                      وقال أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي : سمعت سفيان بن عيينة يقول : ما قدم علينا خراساني أفضل من أبي رجاء عبد الله بن واقد . قلت له : فإبراهيم بن طهمان ؟ قال : كان ذاك مرجئا . ثم قال أبو الصلت : لم يكن إرجاؤهم هذا المذهب الخبيث : أن الإيمان قول بلا عمل ، وأن ترك العمل لا يضر بالإيمان ، بل كان إرجاؤهم أنهم يرجون لأهل الكبائر الغفران ، ردا على الخوارج وغيرهم ، الذين يكفرون الناس بالذنوب . وسمعت وكيعا يقول : سمعت الثوري يقول في آخر أمره : نحن نرجو لجميع أهل الكبائر الذين يدينون ديننا ، ويصلون صلاتنا ، وإن عملوا أي عمل . قال : وكان شديدا على الجهمية .

                                                                                      قال يحيى بن أكثم : كان إبراهيم من أنبل الناس بخراسان والعراق والحجاز ، وأوثقهم وأوسعهم علما . [ ص: 381 ]

                                                                                      قال حفص بن عبد الله : سمعت إبراهيم بن طهمان يقول : والله الذي لا إله إلا هو ، لقد رأى محمد ربه .

                                                                                      وقال حماد بن قيراط : سمعت إبراهيم بن طهمان يقول : الجهمية والقدرية كفار .

                                                                                      وقال أبو حاتم : شيخان بخراسان مرجئان : أبو حمزة السكري ، وإبراهيم بن طهمان ، وهما ثقتان .

                                                                                      وقال أبو زرعة : كنت عند أحمد بن حنبل ، فذكر إبراهيم بن طهمان ، وكان متكئا من علة ، فجلس ، وقال : لا ينبغي أن يذكر الصالحون فيتكأ . وقال أحمد : كان مرجئا شديدا على الجهمية .

                                                                                      قال غسان أخو مالك بن سليمان : كنا نختلف إلى إبراهيم بن طهمان [ ص: 382 ] إلى القرية ، فكان لا يرضى منا حتى يطعمنا ، وكان شيخا واسع القلب ، وكانت قريته باشان من القصبة على فرسخ .

                                                                                      أنبأني علي بن البخاري ، أنبأنا أبو اليمن الكندي عام ست مائة ، أنبأنا عبد الرحمن بن محمد ، أنبأنا أحمد بن علي الحافظ ، أنبأنا محمد بن عمر بن بكير ، حدثنا الحسين بن أحمد الصفار ، حدثنا أحمد بن محمد بن ياسين : سمعت إسحاق بن محمد بن بورجه يقول : قال مالك بن سليمان : كان لإبراهيم بن طهمان جراية من بيت المال فاخرة ، يأخذ في كل وقت ، وكان يسخو به . فسئل مرة في مجلس الخليفة ، فقال لا أدري . قالوا له : تأخذ في كل شهر كذا وكذا ، ولا تحسن مسألة ؟ فقال : إنما آخذ على ما أحسن ، ولو أخذت على ما لا أحسن ، لفني بيت المال علي ، ولا يفنى ما لا أحسن . فأعجب أمير المؤمنين جوابه ، وأمر له بجائزة فاخرة ، وزاد في جرايته . قلت : شذ الحافظ محمد بن عبد الله بن عمار ، فقال : إبراهيم بن طهمان ضعيف مضطرب الحديث . وقال الدارقطني وغيره : ثقة ، إنما تكلموا فيه للإرجاء . وقال الجوزجاني : فاضل يرمى بالإرجاء . وكذلك أشار السليماني ، [ ص: 383 ] إلى تليينه وقال : أنكروا عليه حديثه عن أبي الزبير عن جابر ، " في رفع اليدين " وحديثه عن شعبة ، عن قتادة ، في " سدرة المنتهى " . وقال أحمد بن حنبل : هو صحيح الحديث مقارب . قلت : له ما ينفرد به ، ولا ينحط حديثه عن درجة الحسن .

                                                                                      أخبرنا جماعة في كتابهم : أنبأنا عمر بن محمد ، أنبأنا ابن عبد الباقي ، وأحمد بن محمد بن ملوك ، قالا : أنبأنا القاضي أبو الطيب الطبري ، أنبأنا أبو أحمد محمد بن أحمد ، بجرجان ، حدثنا أبو خليفة الجمحي ، حدثنا عبد الرحمن بن سلام ، حدثنا إبراهيم بن طهمان ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : من ذكرت عنده فليصل علي ; فإنه من صلى علي مرة صلى الله عليه عشرا [ ص: 384 ] روي عن مالك بن سليمان الهروي : مات سنة ثلاث وستين ومائة إبراهيم بن طهمان . وقيل : سنة ثمان .

                                                                                      أخبرنا أبو الفداء إسماعيل بن عبد الرحمن بن المنادي ، أنبأنا العلامة موفق الدين عبد الله بن أحمد المقدسي -في رجب سنة عشرين وست مائة- أنبأنا محمد بن عبد الباقي ، وقرأت على ست الأهل بنت علوان أنبأنا البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم ، أخبرتنا فخر النساء شهدة قالا : أنبأنا الحسين بن أحمد النعالي ، أنبأنا علي بن محمد المعدل ، أنبأنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز حدثنا أحمد بن إسحاق ، حدثنا محمد بن سنان العوقي ، حدثنا إبراهيم بن طهمان ، عن بديل بن ميسرة ، عن عبد الله بن شقيق ، عن ميسرة الفجر ، قال : قلت : يا رسول الله : متى كتبت نبيا ؟ قال : وآدم بين الروح والجسد .

                                                                                      هذا حديث صالح السند ، ولم يخرجوه في الكتب الستة وأخبرناه سنقر القضائي ، أنبأنا عبد اللطيف بن يوسف ، أنبأنا عبد الحق اليوسفي ، أنبأنا علي بن محمد العلاف ، أنبأنا أبو الحسن بن الحمامي ، حدثنا عبد الباقي بن قانع ، حدثنا محمد بن يونس بن مبارك الأحول ، حدثنا محمد بن سنان بهذا ، لكنه قال : متى كنت ؟ أخبرنا محمد بن أبي عصرون : أنبأنا أبو روح إجازة ، أنبأنا تميم ، أنبأنا [ ص: 385 ] أبو سعد ، أنبأنا أبو عمرو الحيري ، أنبأنا أبو يعلى ، حدثنا عبد الرحمن بن سلام ، حدثنا إبراهيم بن طهمان ، عن أبي إسحاق ، عن ناجية بن كعب ، عن علي قال : لما مات أبو طالب أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت : إن عمك الشيخ الضال مات ، قال : اذهب فواره ، ولا تحدث شيئا حتى تأتيني . ففعلت الذي أمرني به ، ثم أتيته ، فقال لي : اغتسل . وعلمني دعوات هي أحب إلي من حمر النعم .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية