الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      إبراهيم بن أبي يحيى ( ق )

                                                                                      هو الشيخ العالم المحدث أحد الأعلام المشاهير ، أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي ، مولاهم المدني الفقيه ولد في حدود سنة مائة ، أو قبل ذلك .

                                                                                      وحدث عن : صالح مولى التوأمة ، وابن شهاب ، ومحمد بن المنكدر ، وموسى بن وردان ، وصفوان بن سليم ، ويحيى بن سعيد ، وخلق كثير . وصنف " الموطأ " -وهو كبير- أضعاف موطأ الإمام مالك .

                                                                                      حدث عنه جماعة قليلة منهم : الشافعي ، وإبراهيم بن موسى الفراء ، والحسن بن عرفة ، وقد كان الشافعي -مع حسن رأيه فيه- إذا روى [ ص: 451 ] عنه ربما دلسه ، ويقول : أخبرني من لا أتهم . فتجد الشافعي لا يوثقه ، وإنما هو عنده ليس بمتهم بالكذب ، وقد اعترف الشافعي بأنه كان قدريا ، ونهى ابن عيينة عن الكتابة عنه .

                                                                                      وقال أبو همام السكوني : سمعت إبراهيم بن أبي يحيى يشتم بعض السلف .

                                                                                      وقال بشر بن عمر : نهاني مالك عن إبراهيم بن أبي يحيى . فقلت : من أجل القدر تنهاني ؟ فقال : ليس هو في حديثه بذاك .

                                                                                      وقال القاضي هارون بن عبد الله الزهري : حدثنا إبراهيم بن سعد قال : كنا نسمي إبراهيم بن أبي يحيى -ونحن نطلب الحديث- خرافة .

                                                                                      وقال سفيان بن عبد الملك : سألت ابن المبارك ، لم تركت حديث إبراهيم بن أبي يحيى ؟ قال : كان مجاهرا بالقدر ، وكان صاحب تدليس .

                                                                                      إبراهيم بن محمد بن عرعرة : سمعت يحيى القطان يقول : سألت مالكا عن إبراهيم بن أبي يحيى : أثقة في الحديث ؟ قال : لا ، ولا في دينه .

                                                                                      وقال أحمد بن حنبل عن المعيطي ، عن يحيى بن سعيد قال : كنا نتهمه بالكذب -يعني ابن أبي يحيى - ثم قال أحمد : قدري جهمي ، كل بلاء فيه ، تركوا حديثه ، وأبوه ثقة .

                                                                                      وروى عباس عن ابن معين قال : هو رافضي قدري . وقال مرة : كذاب . وقال أبو داود نحو ذلك . [ ص: 452 ] وقال البخاري : قدري جهمي ، تركه ابن المبارك والناس . وقال مؤمل بن إسماعيل : سمعت يحيى القطان يقول : أشهد على إبراهيم بن أبي يحيى أنه يكذب .

                                                                                      وقال محمد بن عبد الله بن البرقي : كان يرى ، أو قال : يرمى بالقدر والتشيع والكذب . وقال النسائي وغيره : متروك الحديث .

                                                                                      وقال العقيلي : حدثنا محمد بن أحمد بن النضر ، حدثنا أبو بكر بن عفان ، قال : خرج علينا ابن عيينة ، فقال : ألا فاحذروا ابن أبي رواد المرجئ ، لا تجالسوه ، واحذروا إبراهيم بن أبي يحيى لا تجالسوه .

                                                                                      قال أبو محمد الدارمي : سمعت يزيد بن هارون يكذب زياد بن ميمون ، وإبراهيم بن أبي يحيى ، وخالد بن محدوج .

                                                                                      قال ابن حبان : اسم جده أبي يحيى : سمعان . كان مالك وابن المبارك ينهيان عنه . وتركه القطان ، وابن مهدي ، إلى أن قال ابن حبان : وكان يكذب في الحديث .

                                                                                      حجاج الأعور ، عن ابن جريج ، عن إبراهيم بن أبي عطاء ، عن موسى بن وردان ، عن أبي هريرة ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : من مات مريضا مات شهيدا ، ووقي فتان القبر ، وغدي عليه ، وريح برزقه من الجنة . [ ص: 453 ] قال يحيى بن معين : إبراهيم بن أبي عطاء هو إبراهيم بن أبي يحيى . قلت : لعله " مرابطا " بدل " مريضا "

                                                                                      وقال علي بن خشرم : كان عيسى بن يونس إذا مر بأحاديث إسماعيل بن عياش ، وإبراهيم بن أبي يحيى يقول : يضرب عليه .

                                                                                      قال ابن حبان : كان الشافعي يجالس ابن أبي يحيى في حداثته ، ويحفظ عنه حفظ الصبي ، فلما دخل مصر في آخر عمره أخذ يصنف ، واحتاج إلى الأخبار ، ولم تكن معه كتبه ، فأكثر ما أودع الكتب من حفظه ، وربما كنى عن إبراهيم ، ولا يسميه . قال : وروى عن صفوان بن سليم ، عن سعيد بن يسار ، عن أبي هريرة ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : الرجل على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالط . رواه عنه بسطام بن جعفر .

                                                                                      وروى عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة : استأذنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أبني كنيفا بمنى فلم يأذن لي .

                                                                                      قال ابن عدي : لم أجد لإبراهيم حديثا منكرا إلا عن شيوخ يحتملون ، وقد حدث عنه ابن جريج ، والثوري ، والكبار ، وموطأه أضعاف موطأ مالك ، وأحاديثه كثيرة . [ ص: 454 ] وقال أبو إسحاق الجوزجاني : لا يشتغل بحديثه . قلت : لا يرتاب في ضعفه . بقي : هل يترك أم لا؟

                                                                                      ابن خزيمة : حدثنا ابن عبد الحكم ، سمعت الشافعي يقول : كان ابن أبي يحيى أحمق -أو قال : أبله- كان لا يمكنه الجماع ، فأخبرني من رآه ، معه فأس ، فقال : بلغني أنه من بال في ثقب فأس أمكنه الجماع ، فدخل خربة ، فبال في الفأس . قلت : توفي سنة أربع وثمانين ومائة يقع لي حديثه في مسند الشافعي .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية