الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 287 ] الطبقة الثانية من التابعين

                                                                                      أبو سلمة بن عبد الرحمن ( ع )

                                                                                      ابن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب القرشي الزهري ، الحافظ ، أحد الأعلام بالمدينة . قيل : اسمه عبد الله ، وقيل : إسماعيل ، ولد سنة بضع وعشرين .

                                                                                      وحدث عن أبيه بشيء قليل لكونه توفي وهذا صبي ، وعن أسامة بن زيد ، وعبد الله بن سلام ، وأبي أيوب ، وعائشة ، وأم سلمة ، وبنتها زينب ، وأم سليم ، وأبي هريرة ، وأبي أسيد الساعدي ، ومعيقيب الدوسي ، والمغيرة بن شعبة ، وأبي الدرداء -ولم يدركه- وعثمان بن عفان ، وحسان بن ثابت ، وثوبان ، وحمزة بن عمرو الأسلمي ، وعبادة بن الصامت مرسل ، وطلحة بن عبيد الله كذلك ، وربيعة بن كعب ، وعبد الله بن عمرو ، وابن عباس ، وابن عمر ، وجابر ، وزيد بن خالد الجهني ، ونافع بن عبد الحارث وعدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                      ثم عن بسر بن سعيد ، وجعفر بن عمرو بن أمية ، وعروة ، وعطاء بن يسار ، وغيرهم . ونزل إلى أن روى عن عمر بن عبد العزيز . كان طلابة للعلم ، فقيها ، مجتهدا كبير القدر ، حجة .

                                                                                      حدث عنه : ابنه عمر بن أبي سلمة ، وابن أخيه سعد بن إبراهيم ، وابن أخيه عبد المجيد بن سهيل ، [ ص: 288 ] وابن أخيه زرارة بن مصعب ، وعروة ، وعراك بن مالك ، والشعبي وسعيد المقبري ، وعمرو بن دينار ، وعمر بن عبد العزيز ، ونافع العمري ، والزهري ، ويحيى بن أبي كثير ، وسلمة بن كهيل ، وبكير بن الأشج ، وسالم أبو النضر ، وأبو الزناد وأبو طوالة ، وصفوان بن سليم ، وعبد الله بن الفضل الهاشمي ، وعبد الله بن أبي لبيد ، وشريك بن أبي نمر ، وأبو حازم الأعرج وصالح بن محمد بن زائدة ، وعبد الله بن محمد بن عقيل ، وهشام بن عروة ، ويحيى بن سعيد ، وأخوه عبد ربه بن سعيد ، وعثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم ، ومحمد بن أبي حرملة ، ومحمد بن عمرو بن علقمة ، ونوح بن أبي بلال ، وخلق كثير .

                                                                                      قال ابن سعد في الطبقة الثانية من المدنيين : كان ثقة ، فقيها ، كثير الحديث . وأمه تماضر بنت الأصبغ بن عمرو ، من أهل دومة الجندل ، أدركت حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي أول كلبية نكحها قرشي .

                                                                                      وأرضعته أم كلثوم ، فعائشة خالته من الرضاعة .

                                                                                      وروى الزهري ، عن أبي سلمة ، قال : لو رفقت بابن عباس ، لاستخرجت منه علما كثيرا .

                                                                                      قال سعد بن إبراهيم : كان أبو سلمة يخضب بالسواد .

                                                                                      شعبة : عن أبي إسحاق ، قال : أبو سلمة في زمانه خير من ابن عمر في زمانه .

                                                                                      [ ص: 289 ] وقال أبو زرعة : ثقة ، إمام .

                                                                                      وقال مالك : كان عندنا من رجال أهل العلم ، اسم أحدهم كنيته ; منهم : أبو سلمة .

                                                                                      وقال محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب الضبي : قدم علينا البصرة أبو سلمة في إمارة بشر بن مروان ، وكان رجلا صبيحا ، كأن وجهه دينار هرقلي .

                                                                                      قال الزهري : أربعة من قريش وجدتهم بحورا : عروة ، وابن المسيب ، وأبو سلمة ، وعبيد الله بن عبد الله . قال : وكان أبو سلمة كثيرا ما يخالف ابن عباس ، فحرم لذلك منه علما كثيرا . قاله الزهري .

                                                                                      عقيل ، عن ابن شهاب : قدمت مصر على عبد العزيز -يعني متوليها- وأنا أحدث عن سعيد بن المسيب ، فقال لي إبراهيم بن قارظ : ما أسمعك تحدث إلا عن سعيد ! فقلت : أجل . فقال : لقد تركت رجلين من قومك لا أعلم أكثر حديثا منهما : عروة ، وأبو سلمة . قال : فلما رجعت إلى المدينة وجدت عروة بحرا لا تكدره الدلاء .

                                                                                      قلت : لم يكثر عن أبي سلمة وهو من عشيرته ; ربما كان بينهما شيء ، وإلا فما أبو سلمة بدون عروة في سعة العلم .

                                                                                      قال ابن سعد توفي أبو سلمة بالمدينة سنة أربع وتسعين . في خلافة الوليد وهو ابن اثنتين وسبعين سنة .

                                                                                      [ ص: 290 ] وقال الواقدي في وفاته وسنه ما لا يتابع عليه فقال : مات سنة أربع ومائة وهو ابن اثنتين وسبعين سنة .

                                                                                      وقال الهيثم بن عدي في وفاته كالأول .

                                                                                      قال إسماعيل بن أبي خالد : قدم علينا أبو سلمة زمن بشر بن مروان وكان زوج بنته بمد تمر .

                                                                                      وقال عمرو بن دينار ، قال أبو سلمة : أنا أفقه من بال ، فقال ابن عباس : في المبارك . رواها ابن عيينة عنه .

                                                                                      ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، قال : كان أبو سلمة مع قوم ، فرأوا قطيعا من غنم ، فقال أبو سلمة : اللهم إن كان في سابق علمك أن أكون خليفة فاسقنا من لبنها ، فانتهى إليها فإذا هي تيوس كلها .

                                                                                      قال عمرو بن دينار ، عن عائشة أنها قالت لأبي سلمة وهو حدث : إنما مثلك مثل الفروج يسمع الديكة تصيح فيصيح .

                                                                                      وروي عن الشعبي قال : قدم أبو سلمة الكوفة ، فكان يمشي بيني وبين رجل ، فسئل عن أعلم من بقي ، فتمنع ساعة ثم قال : رجل بينكما .

                                                                                      أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، وجماعة كتابة ، أن عمر بن طبرزذ أخبرهم ، قال : أنبأنا هبة الله بن الحصين ، أنبأنا محمد بن محمد بن غيلان ، [ ص: 291 ] أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الله ، أنبأنا أحمد بن عبيد الله ، حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : مسجدي ، والمسجد الحرام ، والمسجد الأقصى .

                                                                                      أخبرنا عبد الخالق بن عبد السلام الشافعي ، أنبأنا عبد الله بن أحمد الفقيه ، أنبأنا أحمد بن عبد الغني ، أنبأنا نصر بن البطر أنبأنا عبد الله بن عبيد الله ، حدثنا أبو عبد الله المحاملي ، حدثنا حفص الربالي حدثنا يحيى القطان ، عن يحيى بن سعيد ، سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن سمعت أبا قتادة ، أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : الرؤيا من الله ، والحلم من الشيطان ، فإذا رأى أحدكم شيئا فليبزق عن شماله ثلاث مرات ، وليستعذ بالله من شرها ; فإنها لن تضره .

                                                                                      قال خليفة بن خياط عزل مروان عن المدينة في سنة ثمان وأربعين ، ووليها سعيد بن العاص ، فاستقضى أبا سلمة بن عبد الرحمن ، [ ص: 292 ] فلم يزل قاضيا حتى عزل سعيد سنة أربع وخمسين .

                                                                                      سلمة الأبرش : حدثنا ابن إسحاق ، قال : رأيت أبا سلمة يأتي المكتب ، فينطلق بالغلام إلى بيته ، فيملي عليه الحديث .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية