الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 538 ] القول في تأويل قوله ( ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله )

قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : وما ينبغي لأحد من البشر .

و " البشر " جمع بني آدم لا واحد له من لفظه مثل : " القوم " و " الخلق " . وقد يكون اسما لواحد " أن يؤتيه الله الكتاب " يقول : أن ينزل الله عليه كتابه " والحكم " يعني : ويعلمه فصل الحكمة " والنبوة " يقول : ويعطيه النبوة " ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله " يعني : ثم يدعو الناس إلى عبادة نفسه دون الله ، وقد آتاه الله ما آتاه من الكتاب والحكم والنبوة . ولكن إذا آتاه الله ذلك ، فإنما يدعوهم إلى العلم بالله ، ويحدوهم على معرفة شرائع دينه ، وأن يكونوا رؤساء في المعرفة بأمر الله ونهيه ، وأئمة في طاعته وعبادته ، بكونهم معلمي الناس الكتاب ، وبكونهم دارسيه . [ ص: 539 ]

وقيل : إن هذه الآية نزلت في قوم من أهل الكتاب قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - : أتدعونا إلى عبادتك ؟ كما : -

7296 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة قال : حدثنا ابن إسحاق ، عن محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال أبو رافع القرظي حين اجتمعت الأحبار من اليهود والنصارى من أهل نجران عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ودعاهم إلى الإسلام : أتريد يا محمد أن نعبدك ، كما تعبد النصارى عيسى ابن مريم ؟ فقال رجل من أهل نجران نصراني يقال له الربيس : أوذاك تريد منا يا محمد ، وإليه تدعونا ! أو كما قال فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : معاذ الله أن نعبد غير الله ، أو نأمر بعبادة غيره ! ما بذلك بعثني ، ولا بذلك أمرني أو كما قال . فأنزل الله - عز وجل - في ذلك من قولهم : " ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة " الآية إلى قوله : " بعد إذ أنتم مسلمون " .

7297 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا يونس بن بكير قال : حدثنا محمد بن إسحاق قال : حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال : حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال أبو رافع القرظي ، فذكر نحوه .

7298 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله " [ ص: 540 ] ، يقول : ما كان ينبغي لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ، يأمر عباده أن يتخذوه ربا من دون الله .

7299 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع مثله .

- حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : كان ناس من يهود يتعبدون الناس من دون ربهم ، بتحريفهم كتاب الله عن موضعه ، فقال الله - عز وجل - : " ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله " ثم يأمر الناس بغير ما أنزل الله في كتابه .

التالي السابق


الخدمات العلمية