الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وإن يريدوا أن يخدعوك . الآية . أخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد في قوله : وإن يريدوا أن يخدعوك قال : قريظة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين قال : بالأنصار .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن النعمان بن بشير في قوله : هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين الآية قال : نزلت في الأنصار .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين قال : هم الأنصار .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عساكر عن أبي هريرة قال : مكتوب على العرش : لا إله [ ص: 190 ] إلا الله، وحدي لا شريك لي، محمد عبدي ورسولي، أيدته بعلي . وذلك قوله : هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المبارك، وابن أبي شيبة ، وابن أبي الدنيا في كتاب "الإخوان" والنسائي ، والبزار، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والحاكم وصححه، وابن مردويه ، والبيهقي في "شعب الإيمان" عن ابن مسعود ، أن هذه الآية نزلت في المتحابين في الله : لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو عبيد ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، والبيهقي في "الشعب" واللفظ له، عن ابن عباس قال : قرابة الرحم تقطع ومنة المنعم تكفر، ولم نر مثل تقارب القلوب، يقول الله : لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم وذلك موجود في الشعر قال الشاعر :

                                                                                                                                                                                                                                      إذا مت ذو القربى إليك برحمه فغشك واستغنى فليس بذي رحم     ولكن ذا القربى الذي إن دعوته
                                                                                                                                                                                                                                      أجاب ومن يرمي العدو الذي ترمي

                                                                                                                                                                                                                                      ومن ذلك قول القائل : [ ص: 191 ]

                                                                                                                                                                                                                                      ولقد صحبت الناس ثم سبرتهم     وبلوت ما وصلوا من الأسباب
                                                                                                                                                                                                                                      فإذا القرابة لا تقرب قاطعا     وإذا المودة أقرب الأسباب

                                                                                                                                                                                                                                      قال البيهقي : هكذا وجدته موصولا بقول ابن عباس، ولا أدري قوله : وذلك موجود في الشعر . من قوله، أو من قول من قبله من الرواة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المبارك، وعبد الرزاق، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والحاكم ، والبيهقي ، عن ابن عباس قال : النعمة تكفر، والرحم يقطع، وإن الله تعالى إذا قارب بين القلوب لم يزحزحها شيء، ثم تلا : لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد قال : إذا لقي الرجل أخاه فصافحه تحاتت الذنوب بينهما كما ينثر الريح الورق . فقال رجل : إن هذا من العمل اليسير . فقال : ألم تسمع الله قال : لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 192 ] وأخرج أبو الشيخ عن الأوزاعي قال : كتب إلي قتادة : إن يكن الدهر فرق بيننا فإن ألفة الله الذي ألف بين المسلمين قريب .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية