الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 131 ] عاصم بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وأمه : جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح . ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يرو إلا عن أبيه حديثا واحدا ، " إذا أقبل الليل من هاهنا " الحديث . وعنه ابناه حفص ، و عبيد الله ، و عروة بن الزبير ، وقد طلق أبوه أمه فأخذته جدته الشموس بنت أبي عامر ، حكم له بها الصديق ، وقال : شمها ولطفها أحب إليه منك . ثم لما زوجه أبوه في أيامه أنفق عليه من بيت المال شهرا ، ثم كف عن الإنفاق عليه وأعطاه ثمن ماله ، وأمره أن يتجر وينفق على عياله . وذكر غير واحد : أنه كان بين عاصم وبين الحسن أو الحسين منازعة في أرض ، فلما تبين عاصم من الحسن الغضب قال : هي لك . فقال له : بل هي لك . فتركاها ولم يتعرضا لها ، ولا أحد من ذريتهما حتى أخذها الناس من كل جانب . وكان عاصم رئيسا وقورا ، كريما فاضلا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الواقدي : مات سنة سبعين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 132 ] قبيصة بن جابر بن وهب الأسدي الكوفي أبو العلاء

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ، من كبار التابعين ، شهد خطبة عمر بالجابية ، وكان أخا معاوية من الرضاعة ، وكان من الفصحاء البلغاء .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قيس بن ذريح ، أبو يزيد ، الليثي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشاعر المشهور ، من بادية الحجاز . وقيل : إنه أخو الحسين بن علي من الرضاعة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكان قد تزوج لبنى بنت الحباب ، ثم طلقها ، فلما طلقها ، هام لما به من الغرام ، وسكن البادية ، وجعل يقول فيها الأشعار ونحل جسمه ، فلما زاد ما به أتاه ابن أبي عتيق ، فأخذه ومضى به إلى عبد الله بن جعفر ، فقال له : فداك أبي وأمي ، اركب معي في حاجة . فركب ، واستنهض معه أربعة نفر من وجوه قريش ، فذهبوا معه ، وهم لا يدرون ما يريد ، حتى أتى بهم باب ، [ ص: 133 ] زوج لبنى ، فخرج إليهم فإذا وجوه قريش ، فقال : جعلني الله فداكم ! ما جاء بكم ؟ قالوا : حاجة لابن أبي عتيق . فقال الرجل : اشهدوا على أن حاجته مقضية ، وحكمه جائز . فقالوا : أخبره بحاجتك . فقال ابن أبي عتيق : اشهدوا على أن زوجته لبنى منه طالق . فقال عبد الله بن جعفر : قبحك الله ، ألهذا جئت بنا ؟ فقال : جعلت فداكم ، يطلق هذا زوجته ، ويتزوج بغيرها ، خير من أن يموت رجل مسلم في هواها صبابة ، والله لا أبرح حتى ينتقل متاعها إلى بيت قيس ، ففعلت ، وأقاموا مدة في أرغد عيش وأطيبه رحمهم الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      يزيد بن زياد بن ربيعة الحميري الشاعر

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كان كثير الشعر والهجو . وقد أراد عبيد الله بن زياد قتله ; لكونه هجا أباه زيادا ، فمنعه معاوية من قتله ، وقال : أدبه . فسقاه دواء مسهلا وأركبه على حمار ، وطاف به في الأسواق ، وهو يسلح على الحمار ، فقال في ذلك :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      يغسل الماء ما صنعت وشعري راسخ منك في العظام البوالي



                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 134 ] بشير بن النضر

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قاضي مصر ، كان رزقه في العام ألف دينار . توفي بمصر ، وولي بعده عبد الرحمن بن حمزة الخولاني . والله سبحانه أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      مالك بن يخامر السكسكي الألهاني الحمصي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      تابعي جليل ، ويقال : له صحبة . فالله أعلم . روى البخاري من طريق معاوية عنه عن معاذ بن جبل في حديث الطائفة الظاهرة على الحق أنهم بالشام ، وهذا من باب رواية الأكابر عن الأصاغر ، إلا أن يقال : له صحبة . والصحيح : أنه تابعي وليس بصحابي ، وكان من أخص أصحاب معاذ بن جبل ، رضي الله عنه . قال غير واحد : مات في هذه السنة . وقيل : سنة اثنتين وسبعين ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية