الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ( 54 ) )

قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : ومكر الذين كفروا من بني إسرائيل ، وهم الذين ذكر الله أن عيسى أحس منهم الكفر .

وكان مكرهم الذي وصفهم الله به ، مواطأة بعضهم بعضا على الفتك بعيسى وقتله ، وذلك أن عيسى صلوات الله عليه ، بعد إخراج قومه إياه وأمه من بين أظهرهم ، عاد إليهم ، فيما : -

7131 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ثم إن عيسى سار بهم يعني : بالحواريين الذين كانوا [ ص: 454 ] يصطادون السمك ، فآمنوا به واتبعوه إذ دعاهم حتى أتى بني إسرائيل ليلا فصاح فيهم ، فذلك قوله : ( فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة ) الآية [ سورة الصف : 14 ] .

وأما مكر الله بهم : فإنه - فيما ذكر السدي - إلقاؤه شبه عيسى على بعض أتباعه حتى قتله الماكرون بعيسى ، وهم يحسبونه عيسى ، وقد رفع الله - عز وجل - عيسى قبل ذلك ، كما : -

7132 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ثم إن بني إسرائيل حصروا عيسى وتسعة عشر رجلا من الحواريين في بيت ، فقال عيسى لأصحابه : من يأخذ صورتي فيقتل وله الجنة ؟ فأخذها رجل منهم ، وصعد بعيسى إلى السماء ، فذلك قوله : " ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين " . فلما خرج الحواريون أبصروهم تسعة عشر ، فأخبروهم أن عيسى قد صعد به إلى السماء ، فجعلوا يعدون القوم فيجدونهم ينقصون رجلا من العدة ، ويرون صورة عيسى فيهم ، فشكوا فيه . وعلى ذلك قتلوا الرجل وهم يرون أنه عيسى وصلبوه ، فذلك قول الله - عز وجل - : ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) [ سورة النساء : 157 ] .

وقد يحتمل أن يكون معنى " مكر الله بهم " ، استدراجه إياهم ليبلغ الكتاب أجله ، كما قد بينا ذلك في قول الله : ( الله يستهزئ بهم ) [ سورة البقرة : 15 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية