الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 441 ] القول في تأويل قوله ( فاتقوا الله وأطيعون إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم ( 51 ) ( 50 ) )

قال أبو جعفر : يعني بذلك : وجئتكم بآية من ربكم تعلمون بها يقينا صدقي فيما أقول " فاتقوا الله " يا معشر بني إسرائيل ، فيما أمركم به ونهاكم عنه في كتابه الذي أنزله على موسى ، فأوفوا بعهده الذي عاهدتموه فيه " وأطيعون " فيما دعوتكم إليه من تصديقي فيما أرسلني به إليكم ربي وربكم ، فاعبدوه ، فإنه بذلك أرسلني إليكم ، وبإحلال بعض ما كان محرما عليكم في كتابكم ، وذلك هو الطريق القويم ، والهدى المتين الذي لا اعوجاج فيه ، كما : -

7119 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير : " فاتقوا الله وأطيعون إن الله ربي وربكم " تبريا من الذي يقولون فيه - يعني : ما يقول فيه النصارى - واحتجاجا لربه عليهم " فاعبدوه هذا صراط مستقيم " أي : هذا الذي قد حملتكم عليه وجئتكم به .

قال أبو جعفر : واختلفت القرأة في قراءة قوله : " إن الله ربي وربكم فاعبدوه " .

فقرأته عامة قرأة الأمصار : ( إن الله ربي وربكم فاعبدوه ) بكسر " ألف " " إن " على ابتداء الخبر .

وقرأه بعضهم : ( أن الله ربي وربكم ) ، بفتح " ألف " " إن " بتأويل : [ ص: 442 ] وجئتكم بآية من ربكم ، أن الله ربي وربكم ، على رد " أن " على " الآية " والإبدال منها .

قال أبو جعفر : والصواب من القراءة عندنا ما عليه قرأة الأمصار ، وذلك كسر ألف " إن " على الابتداء ، لإجماع الحجة من القرأة على صحة ذلك . وما اجتمعت عليه فحجة ، وما انفرد به المنفرد عنها فرأي . ولا يعترض بالرأي على الحجة .

وهذه الآية وإن كان ظاهرها خبرا ، ففيه الحجة البالغة من الله لرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - على الوفد الذين حاجوه من أهل نجران ، بإخبار الله - عز وجل - عن أن عيسى كان بريئا مما نسبه إليه من نسبه إلى غير الذي وصف به نفسه ، من أنه لله عبد كسائر عبيده من أهل الأرض ، إلا ما كان الله - جل ثناؤه - خصه به من النبوة والحجج التي آتاه دليلا على صدقه - كما آتى سائر المرسلين غيره من الأعلام والأدلة على صدقهم - وحجة على نبوته .

التالي السابق


الخدمات العلمية