الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس )

قال أبو جعفر : اختلفت القرأة في قراءة ذلك .

فقرأه عامة أهل المدينة والحجاز والبصرة والكوفة وسائر قرأة الأمصار : ( ويقتلون الذين يأمرون بالقسط ) ، بمعنى القتل .

وقرأه بعض المتأخرين من قرأة الكوفة : ( ويقاتلون ) ، بمعنى القتال ، تأولا منه قراءة عبد الله بن مسعود ، وادعى أن ذلك في مصحف عبد الله : ( وقاتلوا ) ، فقرأ الذي وصفنا أمره من القراءة بذلك التأويل : ( ويقاتلون ) .

قال أبو جعفر : والصواب من القراءة في ذلك عندنا قراءة من قرأه : " ويقتلون " لإجماع الحجة من القرأة عليه به ، مع مجيء التأويل من أهل التأويل بأن ذلك تأويله . [ ص: 285 ]

ذكر من قال ذلك :

6777 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم عن عيسى عن ابن أبي نجيح عن معقل بن أبي مسكين في قول الله : " ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس " قال : كان الوحي يأتي إلى بني إسرائيل فيذكرون [ قومهم ] - ولم يكن يأتيهم كتاب - فيقتلون ، فيقوم رجال ممن اتبعهم وصدقهم ، فيذكرون قومهم فيقتلون ، فهم الذين يأمرون بالقسط من الناس .

6778 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه ، عن قتادة ، في قوله : " ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس " قال : هؤلاء أهل الكتاب ، كان أتباع الأنبياء ينهونهم ويذكرونهم ، فيقتلونهم .

6779 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال حدثني حجاج قال قال ابن جريج في قوله : " إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس " قال : كان ناس من بني إسرائيل ممن لم يقرأ الكتاب ، كان الوحي يأتي إليهم فيذكرون قومهم فيقتلون على ذلك ، فهم الذين يأمرون بالقسط من الناس .

6780 - حدثني أبو عبيد الوصابي محمد بن حفص قال : حدثنا ابن حمير قال : حدثنا أبو الحسن مولى بني أسد عن مكحول عن قبيصة بن ذؤيب الخزاعي عن أبي عبيدة بن الجراح قال : قلت : يا رسول الله ، أي الناس أشد عذابا يوم القيامة ؟ [ ص: 286 ] قال : " رجل قتل نبيا ، أو رجل أمر بالمنكر ونهى عن المعروف . ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس " إلى أن انتهى إلى " وما لهم من ناصرين " ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا أبا عبيدة ، قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة ! فقام مائة رجل واثنا عشر رجلا من عباد بني إسرائيل ، فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر ، فقتلوا جميعا من آخر النهار في ذلك اليوم ، وهم الذين ذكر الله - عز وجل - .

قال أبو جعفر : فتأويل الآية إذا : إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ، ويقتلون آمريهم بالعدل في أمر الله ونهيه ، الذين ينهونهم عن قتل أنبياء الله وركوب معاصيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية