الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        [ ص: 291 ] كتاب الوكالة

                                                                                                                                                                        فيه ثلاثة أبواب .

                                                                                                                                                                        [ الباب ] الأول في أركانها

                                                                                                                                                                        وهي أربعة .

                                                                                                                                                                        الأول : ما فيه التوكيل . وله شروط .

                                                                                                                                                                        الأول : أن يكون مملوكا له . فلو وكله في طلاق من سينكحها ، أو بيع عبد سيملكه ، أو إعتاق من سيملكه ، أو قضاء دين سيلزمه ، أو تزويج بنته إذا انقضت عدتها أو طلقها زوجها ، وما أشبه ذلك ، لم يصح على الأصح .

                                                                                                                                                                        الشرط الثاني : أن يكون قابلا للنيابة . والذي يفرض فيه النيابة أنواع : منها العبادات ، والأصل امتناع النيابة فيها ويستثنى الحج ، والزكاة ، والكفارات ، والصدقات ، وذبح الهدي ، والأضحية ، وركعتا الطواف من الأجير . وفيهما كلام يأتي في الوصايا إن شاء الله تعالى . وفي صوم الولي عن الميت ، خلاف سبق في موضعه . وألحق بالعبادات ، الشهادات ، والأيمان . ومن الأيمان : الإيلاء ، واللعان والقسامة ، فلا يصح التوكيل في شيء منها قطعا ، ولا في الظهار على الأصح . وفي معنى الأيمان ، النذور ، وتعليق الطلاق ، والعتق ، وكذا التدبير على المذهب . وقيل : إن قلنا : إنه وصية جاز . ومنها : المعاملات ، فيجوز التوكيل في طرفي البيع بأنواعه ، كالسلم ، والصرف ، والتولية ، وغيرها ، وفي الرهن ، والهبة ، والصلح ، والإبراء ، والحوالة ، والضمان والكفالة ، والشركة ، والمضاربة ، والإجارة ، والجعالة ، والمساقاة ، والإيداع ، والإعارة ، والأخذ بالشفعة ، والوقف ، والوصية ، وقبولها . وفي وجه شاذ : لا يجوز التوكيل في الوصية ؛ لأنها قربة . ويجوز التوكيل في طرفي [ ص: 292 ] النكاح والخلع ، وفي تنجيز الطلاق والإعتاق والكتابة ونحوها . ويجوز في الرجعة على الأصح . ولو أسلم على أكثر من أربع نسوة ، فوكل بالاختيار ، أو طلق إحدى امرأتيه ، أو أعتق أحد عبديه ، ووكل بالتعيين ، لم يصح .

                                                                                                                                                                        قلت : لو أشار إلى واحدة وقال : وكلتك في تعيين هذه للطلاق ، أو النكاح ، أو أشار إلى أربع من المسلمات ، فقال : وكلتك في تعيين النكاح فيهن ، فهو كالتوكيل في الرجعة ، فيصح على الصحيح ، قاله في " التتمة " . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        ويجوز التوكيل في الإقالة وسائر الفسوخ ، لكن ما هو على الفور ، قد يكون التأخير بالتوكيل فيه تقصيرا . وفي التوكيل في خيار الرؤية ، خلاف سبق . ويجوز التوكيل في قبض الأموال ، مضمونة كانت أو غيرها ، وفي قبض الديون وإقباضها ، ومنها : الجزية ، يجوز في قبضها وإقباضها . وفي وجه : يمتنع توكيل الذمي مسلما فيها .

                                                                                                                                                                        قلت : قال أصحابنا : ويجوز توكيل أصناف الزكاة في قبضها لهم . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        ومنها : المعاصي ، كالقتل ، والسرقة ، والغصب ، والقذف ، فلا مدخل للتوكيل فيها ، بل أحكامها تثبت في حق مرتكبها ؛ لأن كل شخص بعينه مقصود بالامتناع منها .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية