الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          مهه

                                                          مهه : مههت : لنت . ومه الإبل : رفق بها . وسير مهه ومهاه : رفيق . وكل شيء مهه ومهاه ومهاهة ما النساء وذكرهن أي كل شيء يسير حسن إلا النساء أي إلا ذكر النساء ، فنصب على هذا ، والهاء من مهه ومهاه أصلية ثابتة كالهاء من مياه وشفاه ، وقال اللحياني : معناه كل شيء قصد إلا النساء ، قال : وقيل كل شيء باطل إلا النساء . وقال أبو عبيد في الأجناس : ما النساء وذكرهن أي دع النساء وذكرهن . والمهاه : الطراوة والحسن ، قال :


                                                          كفى حزنا أن لا مهاه لعيشنا ولا عمل يرضى به الله صالح

                                                          وهذه الهاء إذا اتصلت بالكلام لم تصر تاء ، وإنما تصير تاء إذا أردت بالمهاة البقرة . وفي المثل : كل شيء مهه ما النساء وذكرهن أي أن الرجل يحتمل كل شيء حتى يأتي ذكر حرمه فيمتعض حينئذ فلا يحتمله ، وقوله مهه أي يسير ومهاه أي حسن ، ونصب النساء على الاستثناء أي ما خلا النساء ، وإنما أظهروا التضعيف في مهه فرقا بين فعل وفعل ، قال ابن بري : الرواية بحذف خلا ، وهو يريدها ، قال : وهو ظاهر كلام الجوهري . وروي : كل شيء مهه إلا حديث النساء ، قال ابن الأثير : المهه والمهاه الشيء الحقير اليسير ، وقيل : المهاه النضارة والحسن ; فعلى الأول أراد كل شيء يهون ويطرح إلا ذكر النساء ، وعلى الثاني يكون الأمر بعكسه أي أن كل ذكر وحديث حسن إلا ذكر النساء . وفي حديث طلاق ابن عمر : قلت فمه أرأيت إن عجز واستحمق أي فماذا للاستفهام ، فأبدل الألف هاء للوقف والسكت ، وفي حديث آخر : ثم مه . وليس بعيشنا مهه ومهاه أي حسن ، قال عمران بن حطان :


                                                          فليس لعيشنا هذا مهاه     وليست دارنا هاتا بدار

                                                          قال ابن بري : الأصمعي يرويه مهاة ، وهو مقلوب من الماء ، قال : [ ص: 146 ] ووزنه فلعة تقديره مهوة ، فلما تحركت الواو قلبت ألفا ، ومثله قوله :


                                                          ثم أمهاه على حجره

                                                          قال : وقال الأسود بن يعفر :


                                                          فإذا وذلك لا مهاه لذكره     والدهر يعقب صالحا بفساد

                                                          ابن بزرج : يقال ما في ذلك الأمر مهه وهو الرجاء . ويقال : مههت منه مهها . ويقال : ما كان لك عند ضربك فلانا مهه ولا روية . والمهمه : المفازة البعيدة ، والجمع المهامه . والمهمه : الخرق الأملس الواسع . الليث : المهمه الفلاة بعينها لا ماء بها ولا أنيس . وأرض مهامه : بعيدة . ويقال : المهمه البلدة المقفرة ، ويقال مهمهة ، وأنشد :


                                                          في تيه مهمهة كأن صويها     أيدي مخالعة تكف وتنهد

                                                          وفي حديث قس : ومهمه ظلمان ، المهمه : المفازة والبرية القفر ، وجمعها مهامه . ومه : زجر ونهي . ومه : كلمة بنيت على السكون ، وهو اسم سمي به الفعل ، معناه اكفف لأنه زجر ، فإن وصلت نونت قلت : مه مه ، وكذلك صه ، فإن وصلت قلت : صه صه ، وفي الحديث : " فقالت الرحم مه هذا مقام العائذ بك " ، وقيل : هو زجر مصروف إلى المستعاذ منه ، وهو القاطع ، لا إلى المستعاذ به ، تبارك وتعالى . وقد تكرر في الحديث ذكر مه ، وهو اسم مبني على السكون بمعنى اسكت . ومهمه بالرجل : زجره قال له مه . ومه : كلمة زجز . قال بعض النحويين : أما قولهم مه إذا نونت فكأنك قلت ازدجارا ، وإذا لم تنون فكأنك قلت الازدجار ، فصار التنوين علم التنكير وتركه علم التعريف . ومهيم : كلمة معناها ما وراءك . ومهما : حرف شرط ، قال سيبويه : أرادوا ما ما ، فكرهوا أن يعيدوا لفظا واحدا ، فأبدلوا هاء من الألف الذي يكون في الأول ليختلط اللفظ ، فما الأولى هي ما الجزاء ، وما الثانية هي التي تزاد تأكيدا للجزاء ، والدليل على ذلك أنه ليس شيء من حروف الجزاء إلا وما تزاد فيه ، قال الله تعالى : فإما تثقفنهم في الحرب ، الأصل أن تثقفنهم ، وقال بعضهم : جائز أن تكون مه بمعنى الكف كما تقول مه أي اكفف ، وتكون ما الثانية للشرط والجزاء كأنهم قالوا اكفف ما تأتنا به من آية ، قال : والقول الأول هو القول . قال أبو بكر في مهما : قال بعضهم معنى مه كف ، ثم ابتدأ مجازيا وشارطا ، فقال ما يكن من الأمر فإني فاعل ، فمه في قوله منقطع من ما ، وقال آخرون في مهما يكن : ما يكن فأرادوا أن يزيدوا على ما التي هي حرف الشرط ما للتوكيد ، كما زادوا على إن ما ، قال الله تعالى : فإما نذهبن بك ; فزاد ما للتوكيد ، وكرهوا أن يقولوا ما ما لاتفاق اللفظين ، فأبدلوا من ألفها هاء ليختلف اللفظان فقالوا مهما ، قال : وكذلك مهمن ، أصله من من ، وأنشد الفراء :


                                                          أماوي ، مهمن يستمع في صديقه     أقاويل هذا الناس ، ماوي ، يندم

                                                          وروي عن ابن الأعرابي :


                                                          مهما لي الليلة مهما ليه     أودى بنعلي وسرباليه

                                                          قال : مهما لي وما لي واحد . وفي حديث زيد بن عمرو : مهما تجشمني تجشمت ، مهما حرف من حروف الشرط التي يجازى بها ، تقول مهما تفعل أفعل ، قال ابن سيده : وقد يجوز أن تكون مهما كإذ ضمت إليها ما ، قال بعض النحويين : ما في قولهم مهما زائدة ، وهي لازمة . أبو سعيد : مهمهته فتمهمه أي كففته فكف .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية