الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ملق

                                                          ملق : الملق : الود واللطف الشديد ، وأصله التليين ، وقيل : الملق شدة لطف الود ، وقيل : الترفق والمداراة ، والمعنيان متقاربان ، ملق ملقا وتملق وتملقه وتملق له تملقا وتملاقا أي تودد إليه وتلطف له ، قال الشاعر :


                                                          ثلاثة أحباب : فحب علاقة وحب تملاق ، وحب هو القتل

                                                          وفي الحديث : ليس من خلق المؤمن الملق ؛ هو بالتحريك الزيادة في التودد والدعاء والتضرع فوق ما ينبغي . وقد ملق ، بالكسر ، يملق ملقا . ورجل ملق : يعطي بلسانه ما ليس في قلبه ، ومنه قول المتنخل :


                                                          أروى بجن العهد سلمى     ولا ينصبك عهد الملق الحول

                                                          قوله بجن العهد أي سقاها الله بحدثان العهد لأنه يثبت ويدوم ، وجن الشباب : أوله ، وقوله : ولا ينصبك عهد الملق أي من كان ملقا ذا حول فصرمك فلا ينصبك صرمه ، ورجل ملق وملاق ، وقيل : الملاق الذي لا يصدق وده . والملق أيضا : الذي يعدك ويخلفك فلا يفي ويتزين بما ليس عنده . أبو عمرو : الملق اللين من الحيوان والكلام والصخور . والملق : الدعاء والتضرع ، قال :


                                                          لا هم ، رب البيت والمشرق     إياك أدعو ، فتقبل ملقي

                                                          يعني دعائي وتضرعي . ويقال : إنه لملاق متملق ذو ملق ، ولا يقال منه فعل يفعل إلا على يتملق ، والملق من التملق ، وأصله من التليين . ويقال للصفاة الملساء اللينة ملقة ، وجمعها ملقات ، وقال الراجز :


                                                          وحوقل ساعده قد املق

                                                          أي لان . خالد بن كلثوم : الملق من الخيل الذي لا يوثق بجريه ، أخذ من ملق الإنسان الذي لا يصدق في مودته ، قال الجعدي :


                                                          ولا ملق ينزو ويندر روثه أحاد     إذا فأس اللجام تصلصلا

                                                          أبو عبيد : فرس ملق والأنثى ملقة والمصدر الملق وهو ألطف الحضر [ ص: 125 ] وأسرعه ، وأنشد بيت الجعدي أيضا . وملق الشيء : ملسه . وانملق الشيء واملق ، بالإدغام ، أي صار أملس ، قال الراجز :

                                                          وحوقل ساعده قد انملق ، يقول : قطبا ونعما ، إن سلق .

                                                          قوله انملق يعني انسحج من حمل الأثقال . وانملق مني أي أفلت . والملق : الصفوح اللينة الملتزقة من الجبل ؛ واحدتها ملقة ، وقيل : هي الآكام المفترشة ، والملقة : الصفاة الملساء ، قال صخر الغي الهذلي :


                                                          ولا عصما أوابد في صخور     كسين على فراسنها خداما


                                                          أتيح لها أقيدر ذو حشيف     إذا سامت على الملقات ساما

                                                          والإملاق : الافتقار . قال الله تعالى : ولا تقتلوا أولادكم من إملاق ، وفي حديث فاطمة بنت قيس : " أما معاوية فرجل أملق من المال أي فقير منه قد نفد ماله " . يقال : أملق الرجل ، فهو مملق ، وأصل الإملاق الإنفاق . يقال : أملق ما معه إملاقا ، وملقه ملقا : إذا أخرجه من يده ولم يحبسه ، والفقر تابع لذلك ، فاستعملوا لفظ السبب في موضع المسبب حتى صار به أشهر . وفي حديث عائشة : ويريش مملقها أي يغني فقيرها . والإملاق : كثرة إنفاق المال وتبذيره حتى يورث حاجة ، وقد أملق وأملقه الله ، وقيل : المملق الذي لا شيء له . وفي الحديث : أن امرأة سألت ابن عباس : أأنفق من مالي ما شئت ؟ فقال : نعم أملقي من مالك ما شئت . قال الله تعالى : خشية إملاق ، معناه خشية الفقر والحاجة . ابن شميل : إنه لمملق أي مفسد . والإملاق : الإفساد ، قال شمر : أملق ، لازم ومتعد . يقال : أملق الرجل ، فهو مملق : إذا افتقر ، فهذا لازم ، وأملق الدهر ما بيده ، ومنه قول أوس :


                                                          ولما رأيت العدم قيد نائلي     وأملق ما عندي خطوب تنبل

                                                          وأملقته الخطوب أي أفقرته . ويقال : أملق مالي خطوب الدهر أي أذهبه . وملق الأديم يملقه ملقا إذا دلكه حتى يلين . ويقال : ملقت جلده إذا دلكته حتى يملاس ، قال :


                                                          رأت غلاما جلده لم يملق     بماء حمام ، ولم يخلق

                                                          يعني ولم يملس من الخلق وهو الملاسة . وملق الثوب والإناء يملقه ملقا : غسله . والملق : الرضع . وملق الجدي أمه يملقها ملقا : رضعها ، وكذلك الفصيل والصبي ، وقرئ على المنذري : ملق الجدي أمه يملقها ، قال : وأحسب ملق الجدي أمه يملقها إذا رضعها لغة . وملق الرجل جاريته وملجها إذا نكحها ، كما يملق الجدي أمه إذا رضعها . وفي حديث عبيدة السلماني : أن ابن سيرين قال له ما يوجب الجنابة ؟ قال : الرف والاستملاق ؛ الرف المص ، والاستملاق الرضع وهو استفعال منه ، وكنى به عن الجماع لأن المرأة ترتضع ماء الرجل ، من ملق الجدي أمه إذا رضعها ، وأراد أن الذي يوجب الغسل امتصاص المرأة ماء الرجل إذا خالطها كما يرضع الرضيع إذا لقم حلمة الثدي . وملق عينه يملقها ملقا : ضربها . وملقه بالسوط والعصا يملقه ملقا : ضربه . ويقال : ملقه ملقات إذا ضربه . والملق : ضرب الحمار بحوافره الأرض ، قال رؤبة يصف حمارا :


                                                          معتزم التجليح ملاخ الملق     يرمي الجلاميد بجلمود مدق

                                                          أراد الملق فثقله ، يقول : ليس حافر هذا الحمار بثقيل الوقع على الأرض . والملق : ما استوى من الأرض ، وأنشد بيت رؤبة : ملاخ الملق ، وقال : الواحدة ملقة . والملق : مثل الملخ وهو السير الشديد . والميلق : السريع ، قال الزفيان :


                                                          ناج ملح في الخبار ميلق     كأنه سوذانق أو نقنق

                                                          والملق : المحو مثل اللمق . وملق الأديم : غسله . والملق : الحضر الشديد . والملق : المر الخفيف . يقال : مر يملق الأرض ملقا . ورجل ملق : ضعيف . والمالق : الخشبة العريضة التي تشد بالحبال إلى الثورين فيقوم عليها الرجل ويجرها الثوران فيعفي آثار اللؤمة والسن ، وقد ملقوا أرضهم يملقونها تمليقا إذا فعلوا ذلك بها ، قال الأزهري : ملقوا وملسوا واحد وهي تملس الأرض ، فكأنه جعل المالق عربيا ، وقيل : المالق الذي يقبض عليه الحارث . وقال أبو حنيفة : المملقة خشبة عريضة يجرها الثيران . الليث : المالق الذي يملس الحارث به الأرض المثارة . أبو سعيد : يقال لمالج الطيان مالق ومملق . ويقال : ولدت الناقة فخرج الجنين مليقا من بطنها أي لا شعر عليه . والملق : الملوسة . وقال الأصمعي : الجنين مليط ، بالطاء بهذا المعنى .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية