الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          مقل مقل : المقلة : شحمة العين التي تجمع السواد والبياض ، وقيل : هي سوادها وبياضها الذي يدور كله في العين ، وقيل : هي الحدقة ؛ عن كراع ، وقيل : هي العين كلها ، وإنما سميت مقلة لأنها ترمي بالنظر . والمقل : الرمي . والحدقة : السواد دون البياض ، قال ابن سيده : وأعرف ذلك في الإنسان ، وقد يستعمل ذلك في الناقة ، أنشد ثعلب :

                                                          من المنطيات الموكب المعج بعدما يرى ، في فروع المقلتين ، نضوب

                                                          وقال أبو داود : سميت بالغراف يقولون : سخن جبينك بالمقلة ، شبه عين الشمس بالمقلة . والمقل : النظر . ومقله بعينه يمقله مقلا : نظر إليه ، قال القطامي :

                                                          ولقد يروع قلوبهن تكلمي     ويروعني مقل الصوار المرشق

                                                          ويروى : مقل ، ومقل أحسن لقوله تكلمي . ويقال : ما مقلته عيني منذ اليوم . وحكى اللحياني : ما مقلت عيني مثله مقلا أي ما أبصرت ولا نظرت ، وهو فعلت من المقلة ، وفي حديث ابن مسعود وسئل عن مسح الحصى في الصلاة فقال مرة : وتركها خير من مائة ناقة لمقلة ، قال أبو عبيد : المقلة هي العين ، يقول : تركها خير من مائة ناقة يختارها الرجل على عينه ونظره كما يريد ، قال : وقال الأوزاعي ولا يريد أنه يقتنيها ، وفي حديث ابن عمر : خير من مائة ناقة كلها أسود المقلة أي كل واحد منها أسود العين . والمقلة ، بالفتح : حصاة القسم توضع في الإناء ليعرف قدر ما يسقى كل واحد منهم ، وذلك عند قلة الماء في المفاوز ، وفي المحكم : توضع في الإناء إذا عدموا الماء في السفر ثم يصب فيه من الماء قدر ما يغمر الحصاة فيعطاها كل رجل منهم ، قال يزيد بن طعمة الخطمي وخطمة من الأنصار بنو عبد الله بن مالك بن أوس :

                                                          قذفوا سيدهم في ورطة     قذفك المقلة وسط المعترك

                                                          ومقل المقلة : ألقاها في الإناء وصب عليها ما يغمرها من الماء . وحكى ابن بري عن أبي حمزة : يقال مقلة ومقلة ، شبهت بمقلة العين لأنها في وسط بياض العين ، وأنشد بيت الخطمي . وفي حديث علي : لم يبق منها إلا جرعة كجرعة المقلة ، هي بالفتح حصاة القسم ، وهي بالضم واحدة المقل الثمر المعروف ، وهي لصغرها لا تسع إلا الشيء اليسير من الماء . ومقله في الماء يمقله مقلا : غمسه وغطه . ومقل الشيء في الشيء يمقله مقلا : غمسه . وفي الحديث : إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه ؛ فإن في أحد جناحيه سما وفي الآخر شفاء وإنه يقدم السم ويؤخر الشفاء ، قال أبو عبيدة : قوله فامقلوه يعني فاغمسوه في الطعام أو الشراب ليخرج الشفاء كما أخرج الداء . والمقل : الغمس . ويقال للرجلين إذا تغاطا في الماء : هما يتماقلان ، والمقل في غير هذا النظر . وتماقلوا في الماء : تغاطوا . وفي حديث عبد الرحمن وعاصم : يتماقلان في البحر ، ويروى : يتماقسان . ومقل في الماء يمقل مقلا : غاص . ويروى أن ابن لقمان الحكيم سأل أباه لقمان فقال : أرأيت الحبة التي تكون في مقل البحر أي في مغاص البحر ، فأعلمه أن الله يعلم الحبة حيث هي ، يعلمها بعلمه ويستخرجها بلطفه ، وقوله في مقل البحر ؛ أراد في موضع المغاص من البحر . والمقل : أن يخاف الرجل على الفصيل من شربه اللبن فيسقيه في كفه قليلا قليلا ، قال شمر : قال بعضهم لا يعرف المقل الغمس ، ولكن المقل أن يمقل الفصيل الماء إذا آذاه حر اللبن فيوجر الماء فيكون دواء . والرجل يمرض فلا يسمع شيئا فيقال : امقلوه الماء واللبن أو شيئا من الدواء فهذا المقل الصحيح . وقال أبو عبيد : إذا لم يرضع الفصيل أخذ لسانه ثم صب الماء في حلقه ، وهو المقل ، وقد مقلته مقلا ، قال : وربما خرج على لسانه قروح فلا يقدر على الرضاع حتى يمقل ، وأنشد :

                                                          إذا استحر فامقلوه مقلا     في الحلق واللهاة صبوا الرسلا

                                                          والمقل : ضرب من الرضاع ، وأنشد في وصف الثدي :

                                                          كثدي كعاب لم يمرث بالمقل

                                                          قال الليث : نصب الثاء على طلب النون ، قال الأزهري : وكأن المقل مقلوب من الملق وهو الرضاع . ومقل البئر : أسفلها . والمقل : الكندر الذي تدخن به اليهود ويجعل في الدواء . والمقل : حمل الدوم ؛ واحدته مقلة ، والدوم شجرة تشبه النخلة في حالاتها . قال أبو حنيفة : المقل الصمغ الذي يسمى الكور ، وهو من الأدوية .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية