الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          معي معي : ابن سيده : المعى والمعى من أعفاج البطن ، مذكر ، قال : وروى التأنيث فيه من لا يوثق به ، والجمع الأمعاء ، وقول القطامي : كأن نسوع رحلي ، حين ضمت حوالب غرزا ومعى جياعا أقام الواحد مقام الجمع كما قال تعالى : نخرجكم طفلا . قال الأزهري عن الفراء : والمعى أكثر الكلام على تذكيره ، يقال : هذا معى وثلاثة أمعاء ، وربما ذهبوا به إلى التأنيث كأنه واحد دل على الجمع ، وأنشد بيت القطامي : ومعى جياعا . وقال الليث : واحد الأمعاء يقال معى ومعيان وأمعاء ، وهو المصارين . قال الأزهري : وهو جميع ما في البطن مما يتردد فيه من الحوايا كلها . وفي الحديث : " المؤمن يأكل في معى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء " ، وهو مثل لأن المؤمن لا يأكل إلا من الحلال ويتوقى الحرام والشبهة ، والكافر لا يبالي ما أكل ومن أين أكل وكيف أكل ، وقال أبو عبيد : أرى ذلك لتسمية المؤمن عند طعامه فتكون فيه البركة والكافر لا يفعل ذلك ، وقيل : إنه خاص برجل كان يكثر الأكل قبل إسلامه فلما أسلم نقص أكله ، ويروي أهل مصر أنه أبو بصرة الغفاري ، قال أبو عبيد : لا نعلم للحديث وجها غيره لأنا نرى من المسلمين من يكثر أكله ومن الكافرين من يقل أكله ، وحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - لا خلف له فلهذا وجه هذا الوجه ، قال الأزهري : وفيه وجه ثالث أحسبه الصواب الذي لا يجوز غيره ، وهو أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " المؤمن يأكل في معى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء " مثل ضربه للمؤمن وزهده في الدنيا وقناعته بالبلغة من العيش وما أوتي من الكفاية ، وللكافر واتساع رغبته في الدنيا وحرصه على جمع حطامها ومنعها من حقها مع ما وصف الله تعالى به الكافر من حرصه على الحياة وركونه إلى الدنيا واغتراره بزخرفها ، فالزهد في الدنيا محمود لأنه من أخلاق المؤمنين ، والحرص عليها وجمع عرضها مذموم لأنه من أخلاق الكفار ، ولهذا قيل : الرغب شؤم ، لأنه يحمل صاحبه على اقتحام النار ، وليس معناه كثرة الأكل دون اتساع الرغبة في الدنيا والحرص على جمعها ، فالمراد من الحديث في مثل الكافر استكثاره من الدنيا والزيادة على الشبع في الأكل داخل فيه ، ومثل المؤمن زهده في الدنيا وقلة اكتراثه بأثاثها واستعداده للموت ، وقيل : هو تخصيص للمؤمن وتحامي ما يجره الشبع من القسوة وطاعة الشهوة ، ووصف الكافر بكثرة الأكل إغلاظ على المؤمن وتأكيد لما رسم له ، والله أعلم . قال الأزهري حكاية عن الفراء : جاء في الحديث المؤمن يأكل في معى واحدة ، قال : ومعى واحد أعجب إلي . ومعى الفأرة : ضرب من رديء تمر الحجاز . والمعى من مذانب الأرض : كل مذنب بالحضيض يناصي مذنبا بالسند والذي في السفح هو الصلب . قال الأزهري : وقد رأيت بالصمان في قيعانها مساكات للماء وإخاذا متحوية تسمى الأمعاء وتسمى الحوايا ، وهي شبه الغدران ، غير أنها متضايقة لا عرض لها ، وربما ذهبت في القاع غلوة . وقال الأزهري : الأمعاء ما لان من الأرض وانخفض ، قال رؤبة :

                                                          يحبو إلى أصلابه أمعاؤه

                                                          قال : والأصلاب ما صلب من الأرض . قال أبو عمرو : ويحبو أي يميل ، وأصلابه وسطه ، وأمعاؤه أطرافه . وحكى ابن سيده عن أبي حنيفة : المعى سهل بين صلبين قال ذو الرمة :

                                                          بصلب المعى أبو برقة الثور لم يدع     لها جدة جول الصبا والجنائب

                                                          [ ص: 103 ] قال الأزهري : المعى غير ممدود الواحدة أظن معاة سهلة بين صلبين ، قال ذو الرمة :

                                                          تراقب بين الصلب من جانب المعى     معى واحف ، شمسا بطيئا نزولها

                                                          وقيل : المعى مسيل الماء بين الحرار . وقال الأصمعي : الأمعاء مسايل صغار . والمعي : اسم مكان أو رمل ، قال العجاج :

                                                          وخلت أنقاء المعي ربربا

                                                          وقالوا : جاءا معا وجاءوا معا أي جميعا . قال أبو الحسن : معا على هذا اسم وألفه منقلبة عن ياء كرحى ؛ لأن انقلاب الألف في هذا الموضع عن الياء أكثر من انقلابها عن الواو ، وهو قول يونس ، وعلى هذا يسلم قول حكيم بن معية التميمي من الإكفاء وهو :

                                                          إن شئت ، يا سمراء ، أشرفنا معا     دعا كلانا ربه فأسمعا
                                                          بالخير خيرات ، وإن شر فأى     ولا أريد الشر إلا أن تأى

                                                          قال لقمان بن أوس بن ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن غنم :

                                                          إن شئت أشرفنا كلانا ، فدعا     الله جهدا ربه ، فأسمعا
                                                          بالخير خيرات ، وإن شر فأى     ولا أريد الشر إلا أن تأى

                                                          وذلك أن امرأة قالت فأجابها :

                                                          قطعك الله الجليل قطعا     فوق الثمام قصدا موضعا
                                                          تالله ما عديت إلا ربعا     جمعت فيه مهر بنتي أجمعا

                                                          والمعو : الرطب ؛ عن اللحياني ، وأنشد : تعلل بالنهيدة ، حين تمسي ، وبالمعو المكمم والقميم النهيدة : الزبدة ، وقيل : المعو الذي عمه الإرطاب ، وقيل : هو التمر الذي أدرك كله ، واحدته معوة ، قال أبو عبيدة : هو قياس ولم أسمعه . قال الأصمعي : إذا أرطب النخل كله فذلك المعو ، وقد أمعت النخلة وأمعى النخل . وفي الحديث : رأى عثمان رجلا يقطع سمرة فقال : ألست ترعى معوتها أي ثمرتها إذا أدركت ، شبهها بالمعو وهو البسر إذا أرطب ، قال ابن بري وأنشد ابن الأعرابي :

                                                          يا بشر يا بشر ألا أنت الولي     إن مت فادفني بدار الزينبي
                                                          في رطب معو وبطيخ طري

                                                          والمعوة : الرطبة إذا دخلها بعض اليبس . الأزهري : العرب تقول للقوم إذا أخصبوا وصلحت حالهم هم في مثل المعى والكرش ، قال الراجز :

                                                          يا أيهذا النائم المفترش     لست على شيء ، فقم وانكمش
                                                          لست كقوم أصلحوا أمرهم

                                                          ، فأصبحوا مثل المعى والكرش وتمعى الشر : فشا . والمعاء ، ممدود أصوات السنانير . يقال : معا يمعو ومغا يمغو ، لونان أحدهما يقرب من الآخر وهو أرفع من الصئي . والماعي : اللين من الطعام .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية