الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          معن معن : معن الفرس ونحوه يمعن معنا وأمعن ، كلاهما : تباعد عاديا . وفي الحديث : أمعنتم في كذا أي بالغتم . وأمعنوا في بلد العدو وفي الطلب أي جدوا وأبعدوا . وأمعن الرجل : هرب وتباعد ، قال عنترة :

                                                          ومدجج كره الكماة نزاله لا ممعن هربا ولا مستسلم

                                                          والماعون : الطاعة . يقال : ضرب الناقة حتى أعطت ماعونها وانقادت . والمعن : الإقرار بالحق ، قال أنس لمصعب بن الزبير : أنشدك الله في وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزل عن فراشه وقعد على بساطه وتمعن عليه وقال : أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الرأس والعين . تمعن أي تصاغر وتذلل انقيادا ، من قولهم : أمعن بحقي : إذا أذعن واعترف ، وقال الزمخشري : هو من المعان المكان ، يقال : موضع كذا معان من فلان أي نزل عن دسته وتمكن على بساطه تواضعا . ويروى : تمعك عليه أي تقلب وتمرغ . وحكى الأخفش عن أعرابي فصيح : لو قد نزلنا لصنعت بناقتك صنيعا تعطيك الماعون أي تنقاد لك وتطيعك . وأمعن بحقي : ذهب . وأمعن لي به : أقر بعد جحد . والمعن : الجحود والكفر للنعم . والمعن : الذل . والمعن : الشيء السهل الهين . والمعن : السهل اليسير ، قال النمر بن تولب :

                                                          ولا ضيعته فألام فيه     فإن ضياع مالك غير معن

                                                          أي غير يسير ولا سهل . وقال ابن الأعرابي : غير حزم ولا كيس ، من قوله : أمعن لي بحقي أي أقر به وانقاد ، وليس بقوي . وفي التنزيل العزيز : ويمنعون الماعون ، روي عن علي - رضوان الله عليه - أنه قال : الماعون الزكاة ، وقال الفراء : سمعت بعض العرب يقول : الماعون هو الماء بعينه ، قال : وأنشدني فيه :

                                                          يمج صبيره الماعون صبا

                                                          قال الزجاج : من جعل الماعون الزكاة فهو فاعول من المعن ، وهو الشيء القليل فسميت الزكاة ماعونا بالشيء القليل لأنه يؤخذ من المال ربع عشره ، وهو قليل من كثير . والمعن والماعون : المعروف كله لتيسره وسهولته لدينا بافتراض الله تعالى إياه علينا . قال ابن سيده : والماعون الطاعة والزكاة ، وعليه العمل ، وهو من السهولة والقلة لأنها جزء من كل ، قال الراعي : قوم على التنزيل لما يمنعوا ماعونهم ، ويبدلوا التنزيلا والماعون : أسقاط البيت كالدلو والفأس والقدر والقصعة ، وهو منه أيضا لأنه لا يكرث معطيه ولا يعني كاسبه . وقال ثعلب : الماعون ما يستعار من قدوم وسفرة وشفرة . وفي الحديث : وحسن مواساتهم بالماعون ، قال : هو اسم جامع لمنافع البيت كالقدر والفأس وغيرهما مما جرت العادة بعاريته ، قال الأعشى :

                                                          بأجود منه بماعونه     إذا ما سماؤهم لم تغم

                                                          . ومن الناس من يقول : الماعون أصله معونة ، والألف عوض من الهاء . والماعون : المطر لأنه يأتي من رحمة الله عفوا بغير علاج كما تعالج الأبآر ونحوها من فرض المشارب ، وأنشد أيضا :

                                                          أقول لصاحبي ببراق نجد :     تبصر ، هل ترى برقا أراه ؟
                                                          يمج صبيره الماعون مجا     إذا نسم من الهيف اعتراه

                                                          وزهر ممعون : ممطور ، أخذ من ذلك . ابن الأعرابي : روض ممعون يسقى بالماء الجاري ، وقال عدي بن زيد العبادي : وذي تناوير ممعون ، له صبح يغذو أوابد قد أفلين أمهارا وقول الحذلمي :

                                                          يصرعن أو يعطين بالماعون

                                                          . فسره بعضهم فقال : الماعون ما يمنعنه منه وهو يطلبه منهن فكأنه ضد . والماعون في الجاهلية : المنفعة والعطية ، وفي الإسلام : الطاعة والزكاة والصدقة الواجبة ، وكله من السهولة والتيسر . وقال أبو حنيفة : المعن والماعون كل ما انتفعت به ، قال ابن سيده : وأراه ما انتفع به مما يأتي عفوا . وقوله تعالى : وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ، قال الفراء : ( ذات قرار ) : أرض منبسطة ، ( ومعين ) : الماء الظاهر الجاري ، قال : ولك أن تجعل المعين مفعولا من العيون ، ولك أن تجعله فعيلا من الماعون ، يكون أصله المعن . والماعون : الفاعول ، وقال عبيد :

                                                          واهية أو معين ممعن     أو هضبة دونها لهوب

                                                          والمعن والمعين : الماء السائل ، وقيل : الجاري على وجه الأرض ، وقيل : الماء العذب الغزير ، وكل ذلك من السهولة . والمعن : الماء الظاهر ، والجمع معن ومعنات ، ومياه معنان . وماء معين أي جار ، ويقال : هو مفعول من عنت الماء : إذا استنبطته . وكلأ ممعون : جرى فيه الماء . والمعنات والمعنان : المسايل والجوانب ، من السهولة أيضا . والمعنان : مجاري الماء في الوادي . ومعن الوادي : كثر فيه الماء فسهل متناوله . ومعن الماء ومعن يمعن معونا وأمعن : سهل وسال ، وقيل : جرى ، وأمعنه هو . ومعن الموضع والنبت : روي من الماء ، قال تميم [ ص: 102 ] بن مقبل : يمج براعيم من عضرس ، تراوحه القطر حتى معن أبو زيد : أمعنت الأرض ومعنت : إذا رويت ، وقد معنها المطر : إذا تتابع عليها فأرواها . وفي هذا الأمر معنة أي إصلاح ومرمة . ومعنها يمعنها معنا : نكحها . والمعن : الأديم . والمعن : الجلد الأحمر يجعل على الأسفاط ، قال ابن مقبل : بلاحب كمقد المعن وعسه أيدي المراسل في روحاته خنفا ويقال للذي لا مال له : ما له سعنة ولا معنة أي قليل ولا كثير ، وقال اللحياني : معناه ما له شيء ولا قوم . وقال ابن بري : قال القالي السعن الكثير ، والمعن القليل ، قال : وبذلك فسر ما له سعنة ولا معنة . قال الليث : المعن المعروف ، والسعن الودك . قال الأزهري : والمعن القليل ، والمعن الكثير ، والمعن القصير ، والمعن الطويل . والمعني : القليل المال ، والمعني : الكثير المال . وأمعن الرجل إذا كثر ماله ، وأمعن إذا قل ماله . وحكى ابن بري عن ابن دريد : ماء معن ومعين ، وقد معن ؛ فهذا يدل على أن الميم أصل ووزنه فعيل ، وعند الفراء وزنه مفعول في الأصل كمنيع . وحكى الهروي في فصل عين عن ثعلب أنه قال : عان الماء يعين إذا جرى ظاهرا ، وأنشد للأخطل :

                                                          حبسوا المطي على قديم عهده     طام يعين ، وغائر مسدوم

                                                          والمعان : المباءة والمنزل . ومعان القوم : منزلهم . يقال : الكوفة معان منا أي منزل منا . قال الأزهري : الميم من معان ميم مفعل . ومعان : موضع بالشام . ومعين : اسم مدينة باليمن . قال ابن سيده : ومعين موضع ، قال عمرو بن معديكرب :

                                                          دعانا من براقش أو معين     فأسمع واتلأب بنا مليع

                                                          وقد يكون معين هنا مفعولا من عنته . وبنو معن : بطن . ومعن : فرس الخمخام بن جملة . ورجل معن في حاجته ، وقولهم : حدث عن معن ولا حرج ؛ هو معن بن زائدة بن عبد الله بن زائدة بن مطر بن شريك بن عمرو الشيباني ، وهو عم يزيد بن مزيد بن زائدة الشيباني ، وكان معن أجود العرب . قال ابن بري : قال الجوهري هو معن بن زائدة بن مطر بن شريك ، قال : وصوابه معن بن زائدة بن عبد الله بن زائدة بن مطر بن شريك ، ونسخة الصحاح التي نقلت منها كانت كما ذكره ابن بري من الصواب ، فإما أن تكون النسخة التي نقلت منها صححت من الأمالي ، وإما أن يكون الشيخ ابن بري نقل من نسخة سقط منها جدان . وفي الحديث ذكر بئر معونة ، بفتح الميم وضم العين ، في أرض بني سليم فيما بين مكة والمدينة ، وأما بالغين المعجمة فموضع قريب من المدينة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية