الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          مطا مطا : المطو : الجد والنجاء في السير وقد مطا مطوا ، قال امرؤ القيس :

                                                          مطوت بهم حتى يكل غريهم وحتى الجياد ما يقدن بأرسان

                                                          ومطا إذا فتح عينيه ، وأصل المطو المد في هذا . ومطا إذا تمطى . ومطا الشيء مطوا : مده . ومطا بالقوم مطوا . مد بهم . وتمطى الرجل : تمدد . والتمطي : التبختر ومد اليدين في المشي ، ويقال التمطي مأخوذ من المطيطة وهو الماء الخائر في أسفل الحوض ؛ لأنه يتمطط أي يتمدد ، وهو مثل تظنيت من الظن وتقضيت من التقضض والمطواء من التمطي ، على وزن الغلواء ، وذكر ابن بري المطا التمطي ، قال ذروة بن جحفة الصموتي :

                                                          شممتها إذ كرهت شميمي     فهي تمطى كمطا المحموم

                                                          وإذا تمطى على الحمى فذلك المطواء ، وقد تقدم تفسير المطيطاء وهو الخيلاء والتبختر . وفي الحديث : " إذا مشت أمتي المطيطا " ، بالمد والقصر ، هي مشي فيها تبختر ومد اليدين . ويقال : مطوت ومططت بمعنى مددت ، قال ابن الأثير : وهي من المصغرات التي لم يستعمل لها مكبر ، والله أعلم . وقوله تعالى : ثم ذهب إلى أهله يتمطى ، أي يتبختر يكون من المط والمطو وهما المد ، ويقال : مطوت بالقوم مطوا إذا مددت بهم في السير . وفي حديث أبي بكر - رضي الله عنه - : أنه مر على بلال وقد مطي ، أي في الشمس يعذب ، فاشتراه وأعتقه ، معنى مطي أي مد وبطح في الشمس . وكل شيء مددته فقد مطوته ومنه المطو في السير . ومطا الرجل يمطو إذا سار سيرا حسنا ، قال رؤبة :

                                                          به تمطت غول كل ميله     بنا حراجيج المطي النفه

                                                          تمطت بنا أي سارت بنا سيرا طويلا ممدودا ، ويروى : بنا حراجيج المهاري النفه وقوله أنشده ثعلب :

                                                          تمطت به أمه في النفاس     فليس بيتن ولا توأم

                                                          فسره فقال : يريد أنها زادت على تسعة أشهر حتى نضجته وجرت حمله ، وقال الآخر :

                                                          تمطت به بيضاء فرع نجيبة     هجان ، وبعض الوالدات غرام

                                                          وتمتى : كتمطى على البدل ، وقيل لأعرابي : ما هذا الأثر بوجهك ؟ فقال : من شدة التمتي في السجود . وتمطى النهار : امتد وطال ، وقيل : كل ما امتد وطال فقد تمطى . وتمطى بهم السفر : امتد وطال ، وتمطى بك العهد كذلك ، والاسم من كل ذلك المطواء . والمطاة والمطا أيضا : التمطي ، عن الزجاجي ، حكاه في الجمل قرنه بالمطا الذي هو الظهر . والمطية من الدواب التي تمط في سيرها ، وهو مأخوذ من المطو أي المد . قال ابن سيده : المطية من الدواب التي تمطو في سيرها ، وجمعها مطايا ومطي ، ومن أبيات الكتاب :

                                                          متى أنام لا يؤرقني الكرى ليلا     ولا أسمع أجراس المطي

                                                          قال سيبويه : أراد لا يؤرقني الكري فأحتاج فأشم الساكن الضمة ، وإنما قال سيبويه ذلك ؛ لأن بعده ولا أسمع وهو فعل مرفوع فحكم الأول الذي عطف عليه هذا الفعل أن يكون مرفوعا ، لكن لما لم يمكنه أن يخلص الحركة في يؤرقني أشمها وحمل أسمع عليه ؛ لأنه وإن كانت الحركة مشمة فإنها في نية الإشباع ، وإنما قلنا في الإشمام هنا إنه ضرورة ؛ لأنه لو قال لا يؤرقني فأشبع لخرج من الرجز إلى الكامل ، ومحال أن يجمع بين عروضين مختلفين ، وأنشد الأخفش :

                                                          ألم تكن حلفت بالله العلي     أن مطاياك لمن خير المطي ؟

                                                          جعل التي في موضع ياء فعيل القافية ، وألقى المتحركة لما احتاج إلى إلقائها ، وقد قال قوم : إنما ألقى الزائد وذلك ليس بحسن لأنه مستخف للأول ، وإنما يرتدع عند الثانية ، فلما جاء لفظ لا يكون مع الأول تركه كما يقف على الثقيل بالخفة ، قال ابن جني : ذهب الأخفش في العلي والمطي إلى حذف الحرف الأخير الذي هو لام وتبقية ياء فعيل ، وإن كانت زائدة كما ذهب في نحو مقول ومبيع إلى حذف العين وإقرار واو مفعول وإن كانت زائدة ، إلا أن جهة الحذف هنا وهناك مختلفتان ؛ لأن المحذوف من المطي والعلي الحرف الآخر ، والمحذوف في مقول لعلة ليست بعلة الحذف في المطي والعلي ، والذي رآه في المطي حسن ؛ لأنك لا تتناكر الياء الأولى إذا كان الوزن قابلا لها ، وهي مكملة له ، ألا ترى أنها بإزاء نون مستفعلن ، وإنما استغنى الوزن عن الثانية فإياهما فاحذف ، ورواه قطرب : أن مطاياك بفتح أن مع اللام وهذا طريق والوجه الصحيح ، كسر إن لتزول الضرورة ، إلا أنا سمعناها مفتوحة الهمزة . وقد مطت مطوا . وامتطاها : اتخذها مطية ، وامتطاها وأمطاها : جعلها مطيته . والمطية : الناقة التي يركب مطاها . والمطية : البعير يمتطى ظهره ، وجمعه المطايا يقع على الذكر والأنثى . الجوهري : المطية واحدة المطي والمطايا ، والمطي واحد وجمع ، يذكر ويؤنث ، والمطايا فعالى ، وأصله فعائل إلا أنه فعل به ما فعل بخطايا . قال أبو العميثل : المطية تذكر وتؤنث ، وأنشد لربيعة بن مقروم الضبي جاهلي :

                                                          ومطية ، ملث الظلام ، بعثته     يشكو الكلال إلي دامي الأظلل

                                                          قال أبو زيد : يقال منه امتطيتها أي اتخذتها مطية . وقال الأموي : امتطيناها أي جعلناها مطايانا . وفي حديث خزيمة : تركت المخ رارا والمطي هارا ، المطي : جمع مطية وهي الناقة التي يركب مطاها أي [ ص: 94 ] ظهرها ، ويقال : يمطى بها في السير أي يمد ، والهار : الساقط الضعيف . والمطا ، مقصور : الظهر لامتداده ، وقيل : هو حبل المتن من عصب أو عقب أو لحم ، والجمع أمطاء . والمطو : جريدة تشق بشقين ويحزم بها القت من الزرع ، وذلك لامتدادها . والمطو : الشمراخ ، بلغة بلحارث بن كعب ، وكذلك التمطية ، والجمع مطاء ، والمطا ، مقصور : لغة فيه ، عن ابن الأعرابي . وقال أبو حنيفة : المطو والمطو ، بالكسر ، عذق النخلة ، والجمع مطاء مثل جرو وجراء ، قال ابن بري : شاهد الجمع قول الراجز :

                                                          تخدد عن كوافره المطاء

                                                          والمطو والمطو جميعا : الكباسة والعاسي ، وأنشد أبو زياد :

                                                          وهتفوا وصرحوا يا أجلح     وكان همي كل مطو أملح

                                                          كذا أنشده مطو ، بالضم ، وهذا الرجز أورده الشيخ محمد بن بري مستشهدا به على المطو ، بالكسر ، وأورده بالكسر ، ورأيت حاشية بخط الشيخ رضي الدين الشاطبي - رحمه الله - : قال علي بن حمزة البصري وقد جاء عن أبي زياد الكلابي فيه الضم . ومطا الرجل إذا أكل الرطب من الكباسة . والمطو : سبل الذرة . والأمطي : الذي يعمل منه العلك ، واللباية شجر الأمطي . ومطو الشيء : نظيره وصاحبه ، وقال :

                                                          ناديت مطوي ، وقد مال النهار بهم     وعبرة العين جار دمعها سجم

                                                          ومطا إذا صاحب صديقا . ومطو الرجل : صديقه وصاحبه ونظيره ، سروية ، وقيل : مطوه صاحبه في السفر ؛ لأنه كان إذا قويس به فقد مد معه ، قال يصف سحابا ، وقال ابن بري : هو لرجل من أزد السراة يصف برقا ، وذكر الأصبهاني أنه ليعلى بن الأحول :

                                                          فظلت ، لدى البيت الحرام أخيله     ومطواي مشتاقان له أرقان

                                                          أي صاحباي ، ومعنى أخيله أنظر إلى مخيلته ، والهاء عائدة على البرق في بيت قبله ، وهو :

                                                          أرقت لبرق دونه شروان     يمان ، وأهوى البرق كل يمان

                                                          والمطا أيضا : لغة فيه ، والجمع أمطاء ومطي ؛ الأخيرة اسم للجمع ، قال أبو ذؤيب :

                                                          لقد لاق المطي بنجد عفر     حديث ، إن عجبت له ، عجيب

                                                          والأمطي : صمغ يؤكل ؛ سمي به لامتداده ، وقيل : هو ضرب من نبات الرمل يمتد وينفرش . وقال أبو حنيفة : الأمطي شجر ينبت في الرمل قضبانا ، وله علك يمضغ ، قال العجاج ووصف ثور وحش :

                                                          وبالفرنداد له أمطي

                                                          وكل ذلك من المد لأن العلك يمتد .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية