الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب وفد عبد القيس

                                                                                                                                                                                                        4110 حدثني إسحاق أخبرنا أبو عامر العقدي حدثنا قرة عن أبي جمرة قلت لابن عباس رضي الله عنهما إن لي جرة ينتبذ لي نبيذ فأشربه حلوا في جر إن أكثرت منه فجالست القوم فأطلت الجلوس خشيت أن أفتضح فقال قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مرحبا بالقوم غير خزايا ولا الندامى فقالوا يا رسول الله إن بيننا وبينك المشركين من مضر وإنا لا نصل إليك إلا في أشهر الحرم حدثنا بجمل من الأمر إن عملنا به دخلنا الجنة وندعو به من وراءنا قال آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع الإيمان بالله هل تدرون ما الإيمان بالله شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وأن تعطوا من المغانم الخمس وأنهاكم عن أربع ما انتبذ في الدباء والنقير والحنتم والمزفت

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب وفد عبد القيس ) هي قبيلة كبيرة يسكنون البحرين ينسبون إلى عبد القيس بن أفصى بسكون الفاء بعدها مهملة بوزن أعمى ابن دعمي بضم ثم سكون المهملة وكسر الميم بعدها تحتانية ثقيلة ابن جديلة بالجيم وزن كبيرة ابن أسد بن ربيعة بن نزار ، والذي تبين لنا أنه كان لعبد القيس وفادتان : إحداهما قبل الفتح ، ولهذا قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - : " بيننا وبينك كفار مضر " وكان ذلك قديما إما في سنة خمس أو قبلها ، وكانت قريتهم بالبحرين أول قرية أقيمت فيها الجمعة بعد المدينة كما ثبت في آخر حديث في الباب ، وكان عدد الوفد الأول ثلاثة عشر رجلا ، وفيها سألوا عن الإيمان وعن الأشربة ، وكان فيهم الأشج وقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - إن فيك خصلتين يحبهما الله : الحلم والأناة كما أخرج ذلك مسلم من حديث أبي سعيد ، وروى أبو داود من طريق أم أبان بنت الوازع بن الزارع عن جدها زارع وكان في وفد عبد القيس قال : " فجعلنا نتبادر من رواحلنا يعني لما قدموا المدينة - فنقبل يد النبي - صلى الله عليه وسلم - " ، وانتظر الأشج واسمه المنذر حتى لبس ثوبيه فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال له : " إن فيك لخصلتين " الحديث . وفي حديث هود بن عبد الله بن سعد [ ص: 687 ] العصري أنه سمع جده مزيدة العصري قال : - بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يحدث أصحابه إذ قال لهم : سيطلع عليكم من هاهنا ركب هم خير أهل المشرق ، فقام عمر فتوجه نحوهم فلقي ثلاثة عشر راكبا فبشرهم بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم مشى معهم حتى أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فرموا بأنفسهم عن ركائبهم فأخذوا يده فقبلوها ، وتأخر الأشج في الركاب حتى أناخها وجمع متاعهم ثم جاء يمشي ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن فيك خصلتين الحديث ، أخرجه البيهقي ، وأخرجه البخاري في " الأدب المفرد " مطولا من وجه آخر عن رجل من وفد عبد القيس لم يسمه . ثانيتهما كانت في سنة الوفود ، وكان عددهم حينئذ أربعين رجلا كما في حديث أبي حيوة الصنابحي الذي أخرجه ابن منده ، وكان فيهم الجارود العبدي ، وقد ذكر ابن إسحاق قصته وأنه كان نصرانيا فأسلم وحسن إسلامه . ويؤيد التعدد ما أخرجه ابن حبان من وجه آخر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهم : " ما لي أرى ألوانكم تغيرت " ففيه إشعار بأنه كان رآهم قبل التغير . ثم ذكر البخاري في الباب أحاديث : أحدها حديث ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قلت لابن عباس : إن لي جرة تنتبذ لي نبيذا ) أسند الفعل إلى الجرة مجازا ، وقوله : " في جر " يتعلق بجرة وتقديره إن لي جرة كائنة في جملة جرار ، وقوله : " خشيت أن أفتضح " أي لأني أصير في مثال حال السكارى ، وسيأتي الكلام على ذلك في كتاب الأشربة إن شاء الله تعالى في الكلام على " باب ترخيص النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأوعية " وقدم حديث الباب في أواخر كتاب الإيمان .

                                                                                                                                                                                                        الحديث الثاني حديث أم سلمة .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية