الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          مصر

                                                          مصر : مصر الشاة والناقة يمصرها مصرا وتمصرها : حلبها بأطراف الثلاث ، وقيل : هو أن تأخذ الضرع بكفك وتصير إبهامك فوق أصابعك ، وقيل : هو الحلب بالإبهام والسبابة فقط . الليث : المصر حلب بأطراف الأصابع والسبابة والوسطى والإبهام ونحو ذلك . وفي حديث عبد الملك قال لحالب ناقته : كيف تحلبها مصرا أم فطرا ؟ وناقة مصور إذا كان لبنها بطيء الخروج لا يحلب إلا مصرا ، والتمصر : حلب بقايا اللبن في الضرع بعد الدر ، وصار مستعملا في تتبع القلة ، يقولون : يمتصرونها . الجوهري قال ابن السكيت : المصر حلب كل ما في الضرع . وفي حديث علي - عليه السلام - : ولا يمصر لبنها فيضر ذلك بولدها ، يريد لا يكثر من أخذ لبنها . وفي حديث الحسن - عليه السلام - : " ما لم تمصر " أي تحلب أراد أن تسرق اللبن . وناقة ماصر ومصور : بطيئة اللبن ، وكذلك الشاة والبقرة ، وخص بعضهم به المعزى ، وجمعها مصار مثل قلاص ومصائر مثل قلائص . والمصر قلة اللبن . الأصمعي : ناقة مصور وهي التي يتمصر لبنها أي يحلب قليلا قليلا ؛ لأن لبنها بطيء الخروج . الجوهري : أبو زيد المصور من المعز خاصة دون الضأن ، وهي التي قد غرزت إلا قليلا ، قال : ومثلها من الضأن الجدود . ويقال : مصرت العنز تمصيرا أي صارت مصورا . ويقال : نعجة ماصر ولجبة وجدود [ ص: 84 ] وغروز أي قليلة اللبن . وفي حديث زياد : " إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يقطع بها ذنب عنز مصور لو بلغت إمامه سفك دمه " . حكى ابن الأثير : المصور من المعز خاصة وهي التي انقطع لبنها . والتمصر : القليل من كل شيء ، قال ابن سيده : هذا تعبير أهل اللغة ، والصحيح التمصر القلة . ومصر عليه العطاء تمصيرا : أي قلله وفرقه قليلا قليلا . ومصر الرجل عطيته : قطعها قليلا قليلا ، مشتق من ذلك . ومصر الفرس : استخرج جريه . والمصارة : الموضع الذي تمصر فيه الخيل ، قال : حكاه صاحب العين . والتمصر : التتبع ، وجاءت الإبل إلى الحوض متمصرة وممصرة أي متفرقة . وغرة متمصرة : ضاقت من موضع واتسعت من آخر . والمصر : تقطع الغزل وتمسخه ، وقد امصر الغزل إذا تمسخ . والممصرة : كبة الغزل وهي المسفرة . والمصر : الحاجز والحد بين الشيئين ، قال أمية يذكر حكمة الخالق - تبارك وتعالى - :


                                                          وجعل الشمس مصرا لا خفاء به بين النهار وبين الليل قد فصلا

                                                          قال ابن بري : البيت لعدي بن زيد العبادي ، وهذا البيت أورده الجوهري : وجاعل الشمس مصرا ، والذي في شعره وجعل الشمس كما أوردناه عن ابن سيده وغيره ، وقبله :


                                                          والأرض سوى بساطا ، ثم قدرها     تحت السماء سواء مثل ما ثقلا

                                                          قال : ومعنى ثقل ترفع أي جعل الشمس حدا وعلامة بين الليل والنهار ، قال ابن سيده : وقيل هو الحد بين الأرضين ، والجمع مصور ، ويقال : اشترى الدار بمصورها أي بحدودها . وأهل مصر يكتبون في شروطهم : اشترى فلان الدار بمصورها أي بحدودها ، وكذلك يكتب أهل هجر . والمصر : الحد في كل شيء ، وقيل : المصر الحد في الأرض خاصة . الجوهري : مصر هي المدينة المعروفة ، تذكر وتؤنث ، عن ابن السراج . والمصر : واحد الأمصار . والمصر : الكورة ، والجمع أمصار . ومصروا الموضع : جعلوه مصرا ، وتمصر المكان : صار مصرا . ومصر : مدينة بعينها سميت بذلك لتمصرها ، وقد زعموا أن الذي بناها إنما هو المصر بن نوح - عليه السلام - ، قال ابن سيده : ولا أدري كيف ذاك ، وهي تصرف ولا تصرف . قال سيبويه في قوله تعالى : اهبطوا مصرا ، قال بلغنا أنه يريد مصر بعينها . التهذيب في قوله : اهبطوا مصرا ، قال أبو إسحاق : الأكثر في القراءة إثبات الألف ، قال : وفيه وجهان جائزان يراد به مصر من الأمصار ؛ لأنهم كانوا في تيه ، قال : وجائز أن يكون أراد مصر بعينها فجعل مصرا اسما للبلد فصرف ؛ لأنه مذكر ، ومن قرأ مصر ، بغير ألف ، أراد مصر بعينها كما قال : ادخلوا مصر إن شاء الله ، ولم يصرف لأنه اسم المدينة فهو مذكر سمي به مؤنث . وقال الليث : المصر في كلام العرب كل كورة تقام فيها الحدود ويقسم فيها الفيء والصدقات من غير مؤامرة للخليفة . وكان عمر - رضي الله عنه - مصر الأمصار منها البصرة والكوفة . الجوهري : فلان مصر الأمصار كما يقال مدن المدن وحمر مصار . ومصاري : جمع مصري ، عن كراع ، وقوله :


                                                          وأدمت خبزي من صيير     من صير مصرين أو البحير

                                                          أراه إنما عنى مصر هذه المشهورة فاضطر إليها فجمعها على حد سنين ، قال ابن سيده : وإنما قلت إنه أراد مصر ؛ لأن هذا الصير قلما يوجد إلا بها وليس من مآكل العرب ، قال : وقد يجوز أن يكون هذا الشاعر غلط بمصر ، فقال مصرين وذلك لأنه كان بعيدا من الأرياف كمصر وغيرها ، وغلط العرب الأقحاح الجفاة في مثل هذا كثير ، وقد رواه بعضهم من صير مصرين كأنه أراد المصرين فحذف اللام . والمصران : الكوفة والبصرة ، قال ابن الأعرابي : قيل لهما المصران ؛ لأن عمر - رضي الله عنه - قال : لا تجعلوا البحر فيما بيني وبينكم ، مصروها ، أي صيروها مصرا بين البحر وبيني ، أي حدا . والمصر : الحاجز بين الشيئين . وفي حديث مواقيت الحج : لما فتح هذان المصران : المصر البلد ويريد بهما الكوفة والبصرة . والمصر : الطين الأحمر . وثوب ممصر : مصبوغ بالطين الأحمر أو بحمرة خفيفة . وفي التهذيب : ثوب ممصر مصبوغ بالعشرق ، وهو نبات أحمر طيب الرائحة تستعمله العرائس ، وأنشد :


                                                          مختلطا عشرقه وكركمه

                                                          أبو عبيد : الثياب الممصرة التي فيها شيء من صفرة ليست بالكثيرة . وقال شمر : الممصر من الثياب ما كان مصبوغا فغسل . وقال أبو سعيد : التمصير في الصبغ أن يخرج المصبوغ مبقعا لم يستحكم صبغه . والتمصير في الثياب : أن تتمشق تخرقا من غير بلى . وفي حديث عيسى - عليه السلام - : ينزل بين ممصرتين ، الممصرة من الثياب : التي فيها صفرة خفيفة ، ومنه الحديث : أتى علي طلحة - رضي الله عنهما - وعليه ثوبان ممصران . والمصير : المعى ، وهو فعيل وخص بعضهم به الطير وذوات الخف والظلف ، والجمع أمصرة ومصران مثل رغيف ورغفان ، ومصارين جمع الجمع عند سيبويه . وقال الليث : المصارين خطأ ، قال الأزهري : المصارين جمع المصران جمعته العرب كذلك على توهم النون أنها أصلية . وقال بعضهم : مصير إنما هو مفعل من صار إليه الطعام ، وإنما قالوا مصران كما قالوا في جمع مسيل الماء مسلان ، شبهوا مفعلا بفعيل ، وكذلك قالوا قعود وقعدان ثم قعادين جمع الجمع ، وكذلك توهموا الميم في المصير أنها أصلية فجمعوها على مصران كما قالوا لجماعة مصاد الجبل مصدان . والمصر الوعاء ، عن كراع . ومصر : أحد أولاد نوح - عليه السلام - ، قال ابن سيده : ولست منه على ثقة . التهذيب : والماصر في كلامهم الحبل يلقى في الماء ليمنع السفن عن السير حتى يؤدي صاحبها ما عليه من حق السلطان ، هذا في دجلة والفرات . ومصران الفارة : ضرب من رديء التمر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية