الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          مشي

                                                          مشي : المشي : معروف مشى يمشي مشيا ، والاسم المشية ، عن اللحياني ، وتمشى ومشى تمشية ، قال الحطيئة :


                                                          عفا مسحلان من سليمى فحامره تمشى به ظلمانه وجآذره

                                                          وأنشد الأخفش للشماخ :


                                                          ودوية قفر تمشى نعامها     كمشي النصارى في خفاف الأرندج

                                                          وقال آخر :


                                                          ولا تمشى في فضاء بعدا

                                                          قال ابن بري : ومثله قول الآخر :

                                                          [ ص: 82 ]

                                                          تمشى بها الدرماء تسحب قصبها     كأن بطن حبلى ذات أونين متئم

                                                          وأمشاه هو ومشاه وتمشت فيه حميا الكأس . والمشية : ضرب من المشي إذا مشى . وحكى سيبويه : أتيته مشيا جاءوا بالمصدر على غير فعله ، وليس في كل شيء يقال ذلك ؛ إنما يحكى منه ما سمع . وحكى اللحياني أن نساء الأعراب يقلن في الأخذ : أخذته بدباء مملاء من الماء معلق بترشاء فلا يزال في تمشاء ، ثم فسره فقال : التمشاء المشي . قال ابن سيده : وعندي أنه لا يستعمل إلا في الأخذة . وكل مستمر ماش ، وإن لم يكن من الحيوان فيقال : قد مشى هذا الأمر . وفي حديث القاسم بن محمد في رجل نذر أن يحج ماشيا فأعيا ، قال : يمشي ما ركب ويركب ما مشى ؛ أي أنه ينفذ لوجهه ثم يعود من قابل فيركب إلى الموضع الذي عجز فيه عن المشي ، ثم يمشي من ذلك الموضع كل ما ركب فيه من طريقه . والمشاء : الذي يمشي بين الناس بالنميمة . والمشاة : الوشاة . والماشية : الإبل والغنم معروفة ، والجمع المواشي اسم يقع على الإبل والبقر والغنم ، قال ابن الأثير : وأكثر ما يستعمل في الغنم . ومشت مشاء : كثرت أولادها ، ويقال : مشت إبل بني فلان تمشي مشاء إذا كثرت . والمشاء : النماء ومنه قيل الماشية . وكل ما يكون سائمة للنسل والقنية من إبل وشاء وبقر فهي ماشية . وأصل المشاء النماء والكثرة والتناسل ، وقال الراجز :


                                                          مثلي لا يحسن قولا فعفعي العير لا يمشي     مع الهملع لا تأمريني ببنات أسفع

                                                          يعني الغنم . وأسفع : اسم كبش . ابن السكيت : الماشية تكون من الإبل والغنم . يقال : قد أمشى الرجل إذا كثرت ماشيته . ومشت الماشية إذا كثرت أولادها ، قال النابغة الذبياني :


                                                          فكل قرينة ومقر إلف     مفارقه إلى الشحط ، القرين
                                                          وكل فتى ، وإن أثرى وأمشى     
                                                          ستخلجه ، عن الدنيا ، منون     وكل فتى ، بما عملت يداه
                                                              وما أجرت عوامله ، رهين

                                                          وفي الحديث : أن إسماعيل أتى إسحاق - عليهما السلام - فقال له : إنا لم نرث من أبينا مالا وقد أثريت وأمشيت فأفئ علي مما أفاء الله عليك ، فقال : ألم ترض أني لم أستعبدك حتى تجيئني فتسألني المال ؟ قوله : أثريت وأمشيت أي كثر ثراك أي مالك وكثرت ماشيتك ، وقوله : لم أستعبدك أي لم أتخذك عبدا ، قيل : كانوا يستعبدون أولاد الإماء ، وكانت أم إسماعيل أمة وهي هاجر ، وأم إسحاق حرة وهي سارة . وناقة ماشية : كثيرة الأولاد . والمشاء : تناسل المال وكثرته ، وقد أمشى القوم وامتشوا قال ، طريح :


                                                          فأنت غيثهم نفعا وطودهم دفعا     إذا ما مراد الممتشي جدبا

                                                          وأفشى الرجل وأمشى وأوشى إذا كثر ماله وهو الفشاء والمشاء ، ممدود . الليث : المشاء ممدود فعل الماشية ، تقول : إن فلانا لذو مشاء وماشية . وأمشى فلان : كثرت ماشيته ، وأنشد للحطيئة :


                                                          فيبني مجدها ويقيم فيها     ويمشي ، إن أريد به المشاء

                                                          قال أبو الهيثم : يمشي يكثر . ومشى على آل فلان مال : تناتج وكثر . ومال ذو مشاء أي نماء يتناسل . وامرأة ماشية : كثيرة الولد . وقد مشت المرأة تمشي مشاء ، ممدود ، إذا كثر ولدها ، وكذلك الماشية إذا كثر نسلها ، وقول كثير :


                                                          يمج الندى لا يذكر السير أهله     ولا يرجع الماشي به ، وهو جادب

                                                          يعني بالماشي الذي يستقريه التفسير لأبي حنيفة . ومشى بطنه مشيا : استطلق . والمشي والمشية : اسم الدواء . وشربت مشيا ومشوا ومشوا ، الأخيرتان نادرتان ، فأما مشو فإنهم أبدلوا فيه الياء واوا ؛ لأنهم أرادوا بناء فعول فكرهوا أن يلتبس بفعيل ، وأما مشو فإن مثل هذا إنما يأتي على فعول كالقيوء . التهذيب : والمشاء ممدود وهو المشو والمشي ؛ يقال : شربت مشوا ومشيا ومشاء أو استطلاق البطن ، والفعل استمشى إذا شرب المشي والدواء يمشيه . وفي حديث أسماء : قال لها بم تستمشين أي بم تسهلين بطنك ؟ قال : ويجوز أن يكون أراد المشي الذي يعرض عند شرب الدواء إلى المخرج . ابن السكيت : شربت مشوا ومشاء ومشيا ، وهو الدواء الذي يسهل مثل الحسو والحساء ، قاله بفتح الميم وذكر المشي أيضا وهو صحيح ، وسمي بذلك لأنه يحمل شاربه على المشي والتردد إلى الخلاء ، ولا تقل شربت دواء المشي . ويقال : استمشيت وأمشاني الدواء . وفي الحديث : " خير ما تداويتم به المشي " . ابن سيده : المشو والمشو الدواء المسهل ، قال :


                                                          شربت مشوا طعمه كالشري

                                                          قال ابن دريد : والمشي خطأ ، قال : وقد حكاه أبو عبيد . قال ابن سيده : والواو عندي في المشو معاقبة فبابه الياء . أبو زيد : شربت مشيا فمشيت عنه مشيا كثيرا . قال ابن بري : المشي ، بياء مشددة ، الدواء ، والمشي ، بياء واحدة : اسم لما يجيء من شاربه ، قال الراجز :


                                                          شربت مرا من دواء المشي     من وجع بخثلتي وحقوي

                                                          ابن الأعرابي : أمشى الرجل يمشي إذا أنجى دواؤه ، ومشى يمشي بالنمائم . والمشا : نبت يشبه الجزر ، واحدته مشاة . ابن الأعرابي : المشا الجزر الذي يؤكل وهو الإصطفلين . وذات المشا : موضع ، قال الأخطل :


                                                          أجدوا نجاء غيبتهم ، عشية     خمائل من ذات المشا وهجول

                                                          .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية