الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة ، ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة : أن الأمم التي بعث فيها الرسل بالتوحيد منهم سعيد ، ومنهم شقي . فالسعيد منهم : يهديه الله إلى اتباع ما جاءت به الرسل ، والشقي منهم : يسبق عليه الكتاب فيكذب الرسل ، ويكفر بما جاءوا به . فالدعوة إلى دين الحق عامة ، والتوفيق للهدى خاص ; كما قال تعالى : والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم [ 10 \ 25 ] ، فقوله : فمنهم [ 16 \ 36 ] ، أي : من الأمم المذكورة في قوله : في كل أمة رسولا ، وقوله : من هدى الله ، أي : وفقه لاتباع ما جاءت به الرسل . والضمير المنصوب الذي هو رابط الصلة بالموصول محذوف ، أي : فمنهم من هداه الله . على حد قوله في الخلاصة :

                                                                                                                                                                                                                                      والحذف عندهم كثير منجلي في عائد متصل إن انتصب بفعل أو وصف كمن نرجو يهب .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ومنهم من حقت عليه الضلالة [ 16 \ 36 ] ، أي : وجبت عليه ولزمته ; لما سبق في علم الله من أنه يصير إلى الشقاوة . والمراد بالضلالة : الذهاب عن طريق الإسلام إلى الكفر .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد بين تعالى هذا المعنى في آيات أخر ; كقوله : هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن [ 64 \ 2 ] ، وقوله : فمنهم شقي وسعيد [ 11 \ 105 ] ، وقوله : فريق في الجنة وفريق في السعير [ 42 \ 78 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية