الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          مسس

                                                          مسس : مسسته ، بالكسر ، أمسه مسا ومسيسا : لمسته ، هذه اللغة الفصيحة ، ومسسته ، بالفتح ، أمسه ، بالضم ، لغة ، وقال سيبويه : وقالوا مست ، حذفوا فألقوا الحركة على الفاء كما قالوا خفت ، وهذا النحو شاذ ، قال : والأصل في هذا عربي كثير ، قال : وأما الذين قالوا مست فشبهوها بلست ، الجوهري : وربما قالوا مست الشيء ، يحذفون منه السين الأولى ويحولون كسرتها إلى الميم . وفي حديث أبي هريرة : لو رأيت الوعول تجرش ما بين لابتيها ما مستها ، هكذا روي ، وهي لغة في مستها ، ومنهم من لا يحول كسرة السين إلى الميم بل يترك الميم على حالها مفتوحة ، وهو مثل قوله تعالى : فظلتم تفكهون ، يكسر ويفتح ، وأصله ظللتم وهو من شواذ التخفيف ، وأنشد الأخفش لابن مغراء :


                                                          مسنا السماء فنلناها وطاء لهم حتى رأوا أحدا يهوي وثهلانا

                                                          وأمسسته الشيء فمسه . والمسيس : المس ، وكذلك المسيسى ، مثل الخصيصى . وفي حديث موسى - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - : ولم يجد مسا من النصب ، هو أول ما يحس به من التعب . والمس : مسك الشيء بيدك . قال الله تعالى : ( وإن طلقتموهن من قبل أن تماسوهن ) ، وقرئ : من قبل أن تمسوهن ، قال أحمد بن يحيى : اختار بعضهم ما لم تمسوهن ، وقال : لأنا وجدنا هذا الحرف في غير موضع من الكتاب بغير ألف : يمسسني بشر ، فكل شيء من هذا الكتاب ، فهو فعل الرجل في باب الغشيان . وفي حديث فتح خيبر : فمسه بعذاب أي عاقبه . وفي حديث أبي قتادة والميضأة : فأتيته بها فقال : مسوا منها أي خذوا منها الماء وتوضؤوا . ويقال : مسست الشيء أمسه مسا : إذا لمسته بيدك ، ثم استعير للأخذ والضرب لأنهما باليد ، واستعير للجماع لأنه لمس ، وللجنون كأن الجن مسته ، يقال : به مس من جنون . وقوله تعالى : ولم يمسسني بشر أي لم يمسسني على جهة تزوج ، ولم أك بغيا أي ولا قربت على غير حد التزوج . وماس الشيء الشيء مماسة ومساسا : لقيه بذاته . وتماس الجرمان : مس أحدهما الآخر . وحكى ابن جني : أمسه إياه ، فعداه إلى مفعولين كما ترى ، وخص بعض أهل اللغة : فرس ممس بتحجيل ، أراد ممس تحجيلا واعتقد زيادة الباء كزيادتها في قراءة من قرأ : يذهب بالأبصار وينبت بالدهن ، من تذكرة أبي علي . ورحم ماسة ومساسة أي قرابة قريبة . وحاجة ماسة أي مهمة ، وقد مست إليه الحاجة . ووجد مس الحمى أي رسها وبدأها قبل أن تأخذه وتظهر ، وقد مسته مواس الخبل . والمس : الجنون ورجل ممسوس : به مس من الجنون . ومسمس الرجل : إذا تخبط . وفي التنزيل العزيز : الذي يتخبطه الشيطان من المس ، المس : الجنون ، قال أبو عمرو : [ ص: 73 ] الماسوس والممسوس والمدلس كله المجنون . وماء مسوس : تناولته الأيدي ، فهو على هذا في معنى مفعول كأنه مس حين تنوول باليد ، وقيل : هو الذي إذا مس الغلة ذهب بها ، قال ذو الإصبع العدواني :


                                                          لو كنت ماء ، كنت لا     عذب المذاق ولا مسوسا
                                                          ملحا بعيد القعر قد     فلت حجارته الفؤوسا

                                                          فهو على هذا فعول في معنى فاعل ، قال شمر : سئل أعرابي عن ركية فقال : ماؤها الشفاء المسوس الذي يمس الغلة فيشفيها . والمسوس : الماء العذب الصافي . ابن الأعرابي : كل ما شفى الغليل ، فهو مسوس ؛ لأنه يمس الغلة ، الجوهري : المسوس من الماء الذي بين العذب والملح . وريقة مسوس ، عن ابن الأعرابي : تذهب بالعطش ، وأنشد :


                                                          يا حبذا ريقتك المسوس     إذ أنت خود بادن شموس

                                                          وقال أبو حنيفة : كلأ مسوس : نام في الراعية ناجع فيها . والمسوس : الترياق ، قال كثير :


                                                          فقد أصبح الراضون ، إذ أنتم بها     مسوس البلاد ، يشتكون وبالها

                                                          وماء مسوس : زعاق يحرق كل شيء بملوحته ، وكذلك الجمع . ومس المرأة وماسها : أتاها . ولا مساس أي لا تمسني . ولا مساس أي لا مماسة ، وقد قرئ بهما . وروي عن الفراء : إنه لحسن المس . والمسيس : جماع الرجل المرأة . وفي التنزيل العزيز : فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس ، قرئ لا مساس ، بفتح السين ، منصوبا على التبرئة ، قال : ويجوز لا مساس ، مبني على الكسر ، وهي نفي قولك مساس فهو نفي ذلك ، وبنيت مساس على الكسر وأصلها الفتح ، لمكان الألف فاختير الكسر لالتقاء الساكنين . الجوهري : أما قول العرب لا مساس مثل قطام فإنما بني على الكسر لأنه معدول عن المصدر وهو المس ، وقوله ( لا مساس ) لا تخالط أحدا ، حرم مخالطة السامري عقوبة له ، ومعناه أي لا أمس ولا أمس ، ويكنى بالمساس عن الجماع . والمماسة : كناية عن المباضعة ، وكذلك التماس ، قال تعالى : من قبل أن يتماسا ، وفي الحديث : فأصبت منها ما دون أن أمسها ، يريد أنه لم يجامعها . وفي حديث أم زرع : زوجي المس مس أرنب ، وصفته بلين الجانب وحسن الخلق . قال الليث : لا مساس : لا مماسة أي لا يمس بعضنا بعضا . وأمسه شكوى أي شكا إليه . أبو عمرو : الأسن لعبة لهم يسمونها المسة والضبطة . غيره : والطريدة لعبة تسميها العامة المسة والضبطة ، فإذا وقعت يد اللاعب من الرجل على بدنه : رأسه أو كتفه فهي المسة ، فإذا وقعت على رجله فهي الأسن . والمس : النحاس ، قال ابن دريد : لا أدري أعربي هو أم لا . والمسمسة والمسماس : اختلاط الأمر واشتباهه ، قال رؤبة :


                                                          إن كنت من أمرك في مسماس     فاسط على أمك سطو الماس

                                                          خفف سين الماس كما يخففونها في قولهم مست الشيء أي مسسته ، قال الأزهري : هذا غلط ، الماسي هو الذي يدخل يده في حياء الأنثى لاستخراج الجنين إذا نشب ، يقال : مسيتها أمسيها مسيا ، روى ذلك أبو عبيد عن الأصمعي ، وليس المسي من المس في شيء ، وأما قول الشاعر :


                                                          أحسن به فهن إليه شوس

                                                          أراد أحسسن ، فحذف إحدى السينين ، فافهم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية