الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          مسد

                                                          مسد : المسد ، بالتحريك : الليف . ابن سيده . المسد حبل من ليف أو خوص أو شعر أو وبر أو صوف أو جلود الإبل أو جلود أو من أي شيء كان ، وأنشد :


                                                          يا مسد الخوص تعوذ مني إن تك لدنا لينا ، فإني


                                                          ما شئت من أشمط مقسئن

                                                          قال : وقد يكون من جلود الإبل أو من أوبارها ، وأنشد الأصمعي لعمارة بن طارق وقال أبو عبيد : هو لعقبة الهجيمي :


                                                          فاعجل بغرب مثل غرب طارق     ومسد أمر من أيانق


                                                          ليس بأنياب ولا حقائق

                                                          يقول : اعجل بدلو مثل دلو طارق ومسد فتل من أيانق ، وأيانق : جمع أينق وأينق جمع ناقة ، والأنياب جمع ناب ، وهي الهرمة ، والحقائق جمع حقة ، وهي التي دخلت في السنة الرابعة وليس جلدها بالقوي ، يريد ليس جلدها من الصغير ولا الكبير بل هو من جلد ثنية أو رباعية أو سديس أو بازل ، وخص به أبو عبيد الحبل من الليف ، وقيل : هو الحبل المضفور المحكم الفتل من جميع ذلك . وقال الزجاج في قوله - عز وجل - : في جيدها حبل من مسد : جاء في التفسير أنها سلسلة طولها سبعون ذراعا يسلك بها في النار ، والجمع أمساد ومساد ، وفي التهذيب : هي السلسلة التي ذكرها الله - عز وجل - في كتابه فقال : ذرعها سبعون ذراعا ، يعني - جل اسمه - أن امرأة أبي لهب تسلك في سلسلة طولها سبعون ذراعا . حبل من مسد أي حبل مسد أي مسد أي فتل فلوي أي أنها تسلك في النار أي في سلسلة ممسود . الزجاج : المسد في اللغة الحبل إذا كان من ليف المقل وقد يقال لغيره . وقال ابن السكيت : المسد مصدر مسد الحبل يمسده مسدا ، بالسكون ، إذا أجاد فتله ، وقيل : حبل مسد أي ممسود قد مسد أي أجيد فتله مسدا ، فالمسد المصدر ، والمسد بمنزلة الممسود كما تقول نفضت الشجر نفضا ، وما نفض فهو نفض ، ودل قوله - عز وجل - : حبل من مسد أن السلسلة التي ذكرها الله فتلت من الحديد فتلا محكما ، كأنه قيل في جيدها حبل حديد قد لوي ليا شديدا ، [ ص: 72 ] وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          أقربها لثروة أعوجي     سرنداة ، لها مسد مغار

                                                          فسره فقال : أي لها ظهر مدمج كالمسد المغار أي الشديد الفتل . ومسد الحبل يمسده مسدا : فتله . وجارية ممسودة : مطوية ممشوقة . وامرأة ممسودة الخلق : إذا كانت ملتفة الخلق ليس في خلقها اضطراب . ورجل ممسود : إذا كان مجدول الخلق . وجارية ممسودة : إذا كانت حسنة طي الخلق . وجارية حسنة المسد والعصب والجدل والأرم ، وهي ممسودة ومعصوبة ومجدولة ومأرومة . وبطن ممسود : لين لطيف مستو لا قبح فيه ، وقد مسد مسدا . وساق مسداء : مستوية حسنة . والمسد : المحور إذا كان من حديد . وفي الحديث : حرمت شجر المدينة إلا مسد محالة ، المسد : الحبل الممسود أي المفتول من نبات أو لحاء شجرة ، وقيل : المسد مرود البكرة الذي تدور عليه . وفي الحديث : أنه أذن في قطع المسد والقائمتين . وفي حديث جابر : أنه كاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليمنع أن يقطع المسد . والمسد : الليف أيضا ، وبه فسر قوله تعالى : في جيدها حبل من مسد ، في قول . ومسد يمسد مسدا : أدأب السير في الليل ، وأنشد :


                                                          يكابد الليل عليها مسدا

                                                          والمسد : إدآب السير في الليل ، وقيل : هو السير الدائم ، ليلا كان أو نهارا ، وقول العبدي يذكر ناقة شبهها بثور وحشي :


                                                          كأنها أسفع ذو جدة     يمسده القفر وليل سدي
                                                          كأنما ينظر في برقع     من تحت روق سلب مذود

                                                          قوله : يمسده يعني الثور أي يطويه ليل . سدي أي ندي ولا يزال البقل في تمام ما سقط الندى عليه ، أراد أنه يأكل البقل فيجزئه عن الماء فيطويه عن ذلك ، وشبه السفعة التي في وجه الثور ببرقع . وجعل الليث الدأب مسدا لأنه يمسد خلق من يدأب فيطويه ويضمره .

                                                          والمساد : على فعال : لغة في المساب ، وهو نحي السمن وسقاء العسل ، ومنه قول أبي ذؤيب :


                                                          غدا في خافة معه مساد     فأضحى يقتري مسدا بشيق

                                                          والخافة : خريطة يتقلدها المشتار ليجعل فيها العسل . قال أبو عمرو : المساد ، غير مهموز ، الزق الأسود . وفي النوادر : فلان أحسن مساد شعر من فلان ، يريد أحسن قوام شعر من فلان ، وقول رؤبة :


                                                          يمسد أعلى لحمه ويأرمه     جادت بمطحون لها لا تأجمه

                                                          ،

                                                          تطبخه ضروعها وتأدمه

                                                          يصف راعيا جادت له الإبل باللبن ، وهو الذي طبخته ضروعها ، وقوله بمطحون أي بلبن لا يحتاج إلى طحن كما يحتاج إلى ذلك في الحب ، والضروع هي التي طبخته ، وقوله لا تأجمه أي لا تكرهه ، وتأدمه : تخلطه بأدم ، وأراد بالأدم ما فيه من الدسم ، وقوله يمسد أعلى لحمه أي اللبن يشد لحمه ويقويه ، يقول : إن البقل يقوي ظهر هذا الحمار ويشده ، قال ابن بري : وليس يصف حمارا كما زعم الجوهري فإنه قال : إن البقل يقوي ظهر هذا الحمار ويشده .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية