الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          مدى

                                                          مدى : أمدى الرجل إذا أسن ، قال أبو منصور : هو من مدى الغاية . ومدى الأجل : منتهاه . والمدى : الغاية ، قال رؤبة :


                                                          مشتبه متيه تيهاؤه إذا المدى لم يدر ما ميداؤه

                                                          وقال ابن الأعرابي : الميداء مفعال من المدى وهو الغاية والقدر . [ ص: 41 ] ويقال : ما أدري ما ميداء هذا الأمر يعني قدره وغايته . وهذا بميداء أرض كذا إذا كان بحذائها ، يقول : إذا سار لم يدر أما مضى أكثر أم ما بقي . قال أبو منصور : قول ابن الأعرابي الميداء مفعال من المدى غلط ; لأن الميم أصلية وهو فيعال من المدى ، كأنه مصدر مادى ميداء ، على لغة من يقول فاعلت فيعالا . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب ليهود تيماء : أن لهم الذمة وعليهم الجزية بلا عداء النهار مدى والليل سدى ، أي : ذلك لهم أبدا ما دام الليل والنهار . يقال : لا أفعله مدى الدهر أي طوله ، والسدى : المخلى ، وكتب خالد بن سعيد : المدى الغاية أي ذلك لهم أبدا ما كان النهار والليل سدى أي مخلى ، أراد ما ترك الليل والنهار على حالهما ، وذلك أبدا إلى يوم القيامة . ويقال : قطعة أرض قدر مدى البصر ، وقدر مد البصر أيضا عن يعقوب . وفي الحديث : المؤذن يغفر له مدى صوته . المدى : الغاية أي يستكمل مغفرة الله إذا استنفد وسعه في رفع صوته فيبلغ الغاية في المغفرة إذا بلغ الغاية في الصوت ، قيل : هو تمثيل أي أن المكان الذي ينتهي إليه الصوت لو قدر أن يكون ما بين أقصاه وبين مقام المؤذن ذنوب تملأ المسافة لغفرها الله له ، وهو مني مدى البصر ، ولا يقال مد البصر . وفلان أمدى العرب أي أبعدهم غاية في الغزو ، عن الهجري ، قال عقيل تقوله ، وإذا صح ما حكاه فهو من باب أحنك الشاتين . ويقال : تمادى فلان في غيه إذا لج فيه ، وأطال مدى غيه أي غايته . وفي حديث كعب بن مالك : فلم يزل ذلك يتمادى بي أي يتطاول ويتأخر ، وهو يتفاعل من المدى . وفي الحديث الآخر : " لو تمادى بي الشهر لواصلت " . وأمدى الرجل إذا سقي لبنا فأكثر . والمدية والمدية : الشفرة ، والجمع مدى ومدى ومديات ، وقوم يقولون مدية فإذا جمعوا كسروا ، وآخرون يقولون مدية فإذا جمعوا ضموا ، قال : وهذا مطرد عند سيبويه لدخول كل واحدة منهما على الأخرى . والمدية ، بفتح الميم ، لغة فيها ثالثة ، عن ابن الأعرابي . قال الفارسي : قال أبو إسحاق سميت مدية لأن بها انقضاء المدى ، قال : ولا يعجبني . وفي الحديث : قلت يا رسول الله إنا لاقو العدو غدا وليست معنا مدى ، هي جمع مدية ، وهي السكين والشفرة . وفي حديث ابن عوف : ولا تفلوا المدى بالاختلاف بينكم ، أراد لا تختلفوا فتقع الفتنة بينكم فينثلم حدكم ، فاستعاره لذلك . ومدية القوس : كبدها ، عن ابن الأعرابي ، وأنشد :


                                                          أرمي وإحدى سيتيها مديه     إن لم تصب قلبا أصابت كليه

                                                          والمدي ، على فعيل : الحوض الذي ليست له نصائب ، وهي حجارة تنصب حوله ، قال الشاعر :


                                                          إذا أميل في المدي فاضا



                                                          وقال الراعي يصف ماء ورده :


                                                          أثرت مديه ، وأثرت عنه     سواكن قد تبوأن الحصونا

                                                          والجمع أمدية . والمدي أيضا : جدول صغير يسيل فيه ما هريق من ماء البئر . والمدي والمدي : ما سال من فروغ الدلو يسمى مديا ما دام يمد ، فإذا استقر وأنتن فهو غرب . قال أبو حنيفة : المدي الماء الذي يسيل من الحوض ويخبث فلا يقرب . والمدي : من المكاييل معروف ، قال ابن الأعرابي : هو مكيال ضخم لأهل الشام وأهل مصر ، والجمع أمداء . التهذيب : والمدي مكيال يأخذ جريبا . وفي الحديث : أن عليا - رضي الله عنه - أجرى للناس المديين والقسطين ; فالمديان الجريبان ، والقسطان قسطان من زيت كل يرزقهما الناس ، قال ابن الأثير : يريد مديين من الطعام وقسطين من الزيت ، والقسط نصف صاع . الجوهري : المدي القفيز الشامي وهو غير المد . قال ابن بري : المدي مكيال لأهل الشام يقال له الجريب ، يسع خمسة وأربعين رطلا ، والقفيز ثمانية مكاكيك ، والمكوك صاع ونصف . وفي الحديث : البر بالبر مدي بمدي أي مكيال بمكيال . قال ابن الأثير : والمدي مكيال لأهل الشام يسع خمسة عشر مكوكا ، والمكوك صاع ونصف ، وقيل : أكثر من ذلك .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية