الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          مخر

                                                          مخر : مخرت السفينة تمخر وتمخر مخرا مخورا : جرت تشق الماء مع صوت ، وقيل : استقبلت الريح في جريتها ; فهي ماخرة . ومخرت السفينة مخرا إذا استقبلت بها الريح . وفي التنزيل : وترى الفلك فيه مواخر يعني جواري ، وقيل : المواخر التي تراها مقبلة ومدبرة بريح واحدة ، وقيل : هي التي تسمع صوت جريها ، وقيل : هي التي تشق الماء ، وقال الفراء في قوله تعالى : مواخر : هو صوت جري الفلك بالرياح ، يقال : مخرت تمخر وتمخر ، وقيل : مواخر جواري . الماخر : الذي يشق الماء إذا سبح ، قال أحمد بن يحيى : الماخرة السفينة التي تمخر الماء تدفعه بصدرها ، وأنشد ابن السكيت :


                                                          مقدمات أيدي المواخر



                                                          يصف نساء يتصاحبن ويستعن بأيديهن كأنهن يسبحن . أبو الهيثم : مخر السفينة شقها الماء بصدرها . وفي الحديث : " لتمخرن الروم الشام أربعين صباحا " ، أراد أنها تدخل الشام وتخوضه وتجوس خلاله وتتمكن فيه فشبهه بمخر السفينة البحر . وامتخر الفرس الريح واستمخرها : قابلها بأنفه ليكون أروح لنفسه ، قال الراجز يصف الذئب :


                                                          يستمخر الريح إذا لم يسمع     بمثل مقراع الصفا الموقع

                                                          وفي الحديث : " إذا أراد أحدكم البول فليتمخر الريح " ، أي فلينظر من أين مجراها فلا يستقبلها كي لا ترد عليه البول ويترشش عليه بوله ، ولكن يستدبرها . والمخر في الأصل : الشق . مخرت السفينة الماء : شقته بصدرها وجرت . ومخر الأرض إذا شقها للزراعة . وقال ابن شميل في حديث سراقة : إذا أتيتم الغائط فاستمخروا الريح ، يقول : اجعلوا ظهوركم إلى الريح عند البول ; لأنه إذا ولاها ظهره أخذت عن يمينه ويساره ، فكأنه قد شقها به . وفي حديث الحارث بن عبد الله بن السائب ، قال لنافع بن جبير : من أين ؟ قال : خرجت أتمخر الريح ، كأنه أراد أستنشقها . وفي النوادر : تمخرت الإبل الريح إذا استقبلتها واستنشتها ، وكذلك تمخرت الكلأ إذا استقبلته . ومخرت الأرض أي أرسلت فيها الماء . ومخر الأرض مخرا : أرسل في الصيف فيها الماء لتجود ، فهي ممخورة . ومخرت الأرض : جادت وطابت من ذلك الماء . وامتخر الشيء : اختاره . وامتخرت القوم أي انتقيت خيارهم ونخبتهم ، قال الراجز :


                                                          من نخبة الناس التي كان امتخر



                                                          وهذا مخرة المال أي خياره . والمخرة والمخرة ، بكسر الميم وضمها : ما اخترته ، والكسر أعلى . ومخر البيت يمخره مخرا : أخذ خيار متاعه فذهب به . ومخر الغرز الناقة يمخرها مخرا إذا كانت غزيرة فأكثر حلبها ، وجهدها ذلك وأهزلها . وامتخر العظم : استخرج مخه ، قال العجاج :


                                                          من نخبة الناس التي كان امتخر



                                                          واليمخور واليمخور : الطويل من الرجال ، الضم على الإتباع ، وهو من الجمال الطويل العنق . وعنق يمخور : طويل . وجمل يمخور العنق أي طويله ، قال العجاج يصف جملا :


                                                          في شعشعان عنق يمخور     حابي الحيود فارض الحنجور

                                                          وبعض العرب يقول : مخر الذئب الشاة إذا شق بطنها . والماخور : بيت الريبة ، وهو أيضا الرجل الذي يلي ذلك البيت ويقود إليه . وفي حديث زياد حين قدم البصرة أميرا عليها : ما هذه المواخير ؟ الشراب [ ص: 34 ] عليه حرام حتى تسوى بالأرض هدما وإحراقا ، وهي جمع ماخور ، وهو مجلس الريبة ومجمع أهل الفسق والفساد وبيوت الخمارين ، وهو تعريب مي خور ، وقيل : هو عربي لتردد الناس إليه من مخر السفينة الماء . وبنات مخر : سحائب يأتين قبل الصيف منتصبات رقاق بيض حسان ، وهن بنات المخر ، قال طرفة :


                                                          كبنات المخر يمأدن كما     أنبت الصيف عساليج الخضر

                                                          وكل قطعة منها على حيالها : بنات مخر ، وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          كأن بنات المخر ، في كرز قنبر     مواسق تحدوهن بالغور شمأل

                                                          إنما عنى ببنات المخر النجم ، شبهه في كرز هذا العبد بهذا الضرب من السحاب ، قال أبو علي : كان أبو بكر محمد بن السري يشتق هذا من البخار ، فهذا يدلك على أن الميم في مخر بدل من الباء في بخر ، قال : ولو ذهب ذاهب إلى أن الميم في مخر أصل أيضا غير مبدلة على أن تجعله من قوله - عز اسمه - : وترى الفلك فيه مواخر ، وذلك أن السحاب كأنها تمخر البحر ; لأنها فيما تذهب إليه عنه تنشأ ومنه تبدأ لكان مصيبا غير مبعد ; ألا ترى إلى قول أبي ذؤيب :


                                                          شربن بماء البحر ثم ترفعت     متى لجج خضر لهن نئيج

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية