الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          محق

                                                          محق : المحق : النقصان وذهاب البركة . وشيء ماحق : ذاهب . وقد محق وامحق وامتحق ومحقه وأمحقه : لغة وأباها الأصمعي . قال الأزهري : تقول محقه الله فامحق وامتحق أي ذهب خيره وبركته ، وأنشد لرؤبة :


                                                          بلال ، يا ابن الأنجم الأطلاق لسن بنحسات ولا أمحاق

                                                          قال أبو زيد : محقه الله وأمحقه ، وأبى الأصمعي إلا محقه . وتمحق الشيء وامتحق . وشيء محيق : ممحوق ، قال المفضل النكري يصف رمحا عليه سنان من حديد أو قرن :


                                                          يقلب صعدة جرداء فيها     نقيع السم أو قرن محيق

                                                          ونصل محيق أي مرقق محدد ، وهو فعيل من محقه . وقرن محيق [ ص: 29 ] إذا دلك فذهب حده وملس ، ومن المحق الخفي أن تلد الإبل الذكور ولا تلد الإناث لأن فيه انقطاع النسل وذهاب اللبن ، ومن المحق الخفي النخل المتقارب . ابن سيده : المحق النخل المقارب بينه في الغرس ، وكل شيء أبطلته حتى لا يبقى منه شيء ، فقد محقته . وقد امحق أي بطل ، محقه يمحقه محقا أي أبطله ومحاه . قال الله تعالى : يمحق الله الربا ويربي الصدقات ، أي يستأصل الله الربا فيذهب ريعه وبركته . ابن الأعرابي : المحق أن يذهب الشيء كله حتى لا يرى منه شيء . الجوهري : محقه الله أي أذهب بركته ، وأمحقه لغة فيه رديئة . وفي حديث البيع : الحلف منفقة للسلعة ممحقة للبركة ، وفي حديث آخر : فإنه ينفق ثم يمحق ، المحق : النقص والمحو والإبطال ، وقد محقه يمحقه ، وممحقة مفعلة منه أي مظنة له ومحراة به . ومنه الحديث : ما محق الإسلام شيء ما محق الشح ، وقد تكرر في الحديث . ابن سيده : المحاق والمحاق آخر الشهر إذا امحق الهلال فلم ير ، قال :


                                                          أتوني بها قبل المحاق بليلة     فكان محاقا كله ذلك الشهر

                                                          وأنشد الأزهري :


                                                          يزداد ، حتى إذا ما تم أعقبه     كر الجديدين منه ، ثم يمحق

                                                          وقال ابن الأعرابي : سمي المحاق محاقا لأنه طلع مع الشمس فمحقته فلم يره أحد ، قال : والمحاق أيضا أن يستسر القمر ليلتين فلا يرى غدوة ولا عشية ، ويقال لثلاث ليال من الشهر ثلاث محاق . وامتحاق القمر : احتراقه وهو أن يطلع قبل طلوع الشمس فلا يرى ، يفعل ذلك ليلتين من آخر الشهر . الأزهري : اختلف أهل العربية في الليالي المحاق ; فمنهم من جعلها الثلاث التي هي آخر الشهر وفيها السرار ، وإلى هذا ذهب أبو عبيد وابن الأعرابي ، ومنهم من جعلها ليلة خمس وست وسبع وعشرين لأن القمر يطلع ، وهذا قول الأصمعي وابن شميل ، وإليه ذهب أبو الهيثم والمبرد والرياشي ، قال الأزهري : وهو أصح القولين عندي ، قال : ويقال محاق القمر ومحاقه ومحاقه . ومحق فلان بفلان تمحيقا : وذلك أن العرب في الجاهلية إذا كان يوم المحاق من الشهر بدر الرجل إلى ماء الرجل إذا غاب عنه فينزل عليه ويسقي به ماله ، فلا يزال قيم الماء ذلك الشهر وربه حتى ينسلخ ، فإذا انسلخ كان ربه الأول أحق به ، وكانت العرب تدعو ذلك المحيق . أبو عمرو : الإمحاق أن يهلك المال أو الشيء كمحاق الهلال . ومحق الرجل وامحق : قارب الموت ، من ذلك ، قال سبرة بن عمرو الأسدي يهجو خالد بن قيس :


                                                          أبوك الذي يكوي أنوف عنوقه     بأظفاره ، حتى أنس وأمحقا

                                                          أنس الشيء بلغ غاية الجهد ، وهو نسيسه أي بقية نفسه . وماحق الصيف : شدته . ومحقه الحر أي أحرقه . ويقال : جاء في ماحق الصيف أي في شدة حره . ويوم ماحق بين المحق : شديد الحر أي أنه يمحق كل شيء ويحرقه ، قال ساعدة الهذلي يصف الحمر :


                                                          ظلت صوافن بالأرزان صادية     في ماحق ، من نهار الصيف ، محتدم

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية