الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        440 [ ص: 62 ] [ ص: 63 ] ( 11 ) كتاب صلاة الخوف [ ص: 64 ] [ ص: 65 ] ( 1 ) باب صلاة الخوف

                                                                                                                        414 - ذكر فيه مالك ، عن زيد بن رومان ، عن صالح بن خوات ، [ ص: 66 ] عمن صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم ذات الرقاع ، صلاة الخوف ; أن طائفة صفت معه ، وصفت طائفة وجاه العدو . فصلى بالتي معه ركعة . ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم . ثم انصرفوا . فصفوا وجاه العدو . وجاءت الطائفة الأخرى ، فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته . ثم ثبت جالسا ، وأتموا [ ص: 67 ] لأنفسهم ، ثم سلم بهم .

                                                                                                                        415 - وحديثه عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن صالح بن خوات الأنصاري ، عن سهل بن أبي حثمة بمعنى واحد في صلاة الخوف ، إلا أن في حديث يزيد بن رومان : وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ، ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ، ثم سلم .

                                                                                                                        وفي حديث يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، ثم يقبل الآخرون الذين لم يصلوا فيكبرون وراء الإمام فيركع بهم ويسجد ، ثم يسلم فيقومون فيركعون لأنفسهم الركعة الباقية ثم يسلمون .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        9682 - وهذا ما بين الحديثين من الاختلاف .

                                                                                                                        9683 - وكان مالك يقول بحديثه عن يزيد بن رومان : أن الإمام ينتظر تمام [ ص: 68 ] الطائفة الثانية ويسلم بهم ، وهو قول الشافعي واختياره ، ثم رجع مالك عن ذلك إلى حديث يحيى بن سعيد عن القاسم : أن الإمام يسلم إذا أكمل صلاته ، ويقوم من وراءه فيأتون بركعة ويسلمون .

                                                                                                                        9684 - وقد زاد ابن القاسم في " الموطأ " في آخر حديث يحيى بن سعيد وقال مالك : هذا الحديث أحب إلي .

                                                                                                                        9685 - قال أحمد بن خالد : وبه قال جماعة أصحاب مالك إلا أشهب فإنه [ ص: 69 ] أخذ بحديث ابن عمر في صلاة الخوف .

                                                                                                                        9686 - ومن حجة مالك في اختياره حديث القاسم بن محمد القياس على سائر الصلوات في أن الإمام ليس له أن ينتظر أحدا سبقه بشيء ، وأن السنة المجتمع عليها أن يقضي المأمومون ما سبقوا به بعد سلام الإمام .

                                                                                                                        9687 - وقول أبي ثور في ذلك كقول مالك سواء ; لحديث القاسم عن صالح بن خوات ، عن سهل بن أبي حثمة .

                                                                                                                        9688 - وقال الشافعي : حديث يزيد بن رومان ، عن صالح بن خوات مسند والمصير إليه أولى من حديث القاسم ; لأنه موقوف .

                                                                                                                        9689 - قال : وهو أشبه الأحاديث في صلاة الخوف بظاهر كتاب الله ، عز وجل .

                                                                                                                        9690 - ومن حجته أن الله - عز وجل - ذكر استفتاح الإمام ببعضهم لقوله : " فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم " [ النساء : 102 ] وذكر انصراف الطائفتين والإمام من الصلاة معا بقوله " فإذا قضيتم الصلاة " [ النساء : 103 ] ذلك للجميع لا للبعض ولم يذكر أن على واحد منهم قضاء .

                                                                                                                        9692 - قال : وفي الآية دليل على أن الطائفة الثانية لا تدخل في الصلاة إلا بانصراف الأولى لقوله : " ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا " [ النساء : 102 ] .

                                                                                                                        9693 - وفي قوله : " فليصلوا معك " دليل على أن الطائفة الثانية تنصرف ولم يبق [ ص: 70 ] عليها من الصلاة شيء يفعله بعد الإمام .

                                                                                                                        9693 - هذا كله نزع به بعض أصحاب الشافعي بالاحتجاج له على الكوفيين وغيرهم .

                                                                                                                        9694 - ولم يختلف قول مالك ، والشافعي ، وأبي ثور أن الإمام إذا قرأ في الركعة الثانية بأم القرآن وسورة قبل أن تأتي الطائفة الأخرى ، ثم أتته فركع بها حين دخلت معه قبل أن يقرأ شيئا أنه يجزئهم ، إلا أن الشافعي قال : إن أدركوا معهم ما يمكنهم فيه قراءة فاتحة الكتاب فلا يجزئهم إلا أن يقرؤها .

                                                                                                                        9695 - وقول أحمد بن حنبل في صلاة الخوف كقول الشافعي سواء على حديث سهل بن أبي حثمة .

                                                                                                                        9696 - ورواية يزيد بن رومان هو المختار عند أحمد .

                                                                                                                        9697 - وكان لا يعيب من فعل شيئا من الأوجه المروية في صلاة الخوف .

                                                                                                                        9698 - قال : ولكني أختار حديث سهل بن أبي حثمة ; لأنه أنكى للعدو .

                                                                                                                        9699 - وقال الأثرم : قلت له حديث سهل بن أبي حثمة تستعمله والعدو مستقبل القبلة وغير مستقبلها ؟ قال : نعم هذا أنكى لهم ; لأنه يصلي بطائفة ثم يذهبون ، ثم يصلي بأخرى ثم يذهبون .

                                                                                                                        9700 - واختار داود بن علي وأصحابه أيضا حديث سهل بن أبي حثمة من رواية يزيد بن رومان وغيره عن صالح بن خوات ، عن سهل بن أبي حثمة ، كذلك رواه شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل حديث يزيد بن رومان ، عن صالح بن خوات ، وكذلك رواه معاذ بن معاذ ، عن شعبة .

                                                                                                                        [ ص: 71 ] 9701 - وأما أبو حنيفة وأصحابه - إلا أبا يوسف - فإنهم ذهبوا إلى ما رواه الثوري وشريك وزائدة وابن فضيل ، عن خصيف ، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، عن أبيه قال : صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف بطائفة ، وطائفة مستقبلو العدو ، صلى بالذين وراءه ركعة وسجدتين وانصرفوا ولم يسلموا فوقفوا بإزاء العدو ، ثم جاء الآخرون فقاموا مقامهم فصلى بهم ركعة ثم سلم ، فقام هؤلاء فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا ، وذهبوا فقاموا مقام أولئك مستقبلي القبلة ، ورجع أولئك إلى مقامهم فصلوا لأنفسهم ركعة ، ثم سلموا .

                                                                                                                        9702 - وروى أبو الأسود ، عن عروة بن الزبير ، عن مروان ، عن أبي هريرة قال : صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف فذكر مثل حديث ابن مسعود سواء .

                                                                                                                        [ ص: 72 ] 9703 - واضطرب قول الثوري في هذا الباب على حسب ما ذكرته عنه في " التمهيد " .




                                                                                                                        الخدمات العلمية