الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
كتاب الأضحية

من ذكر الخاص بعد العام ( هي ) لغة اسم لما يذبح أيام الأضحى ، [ ص: 312 ] من تسمية الشيء باسم وقته . وشرعا ( ذبح حيوان مخصوص بنية القربة في وقت مخصوص . وشرائطها : الإسلام والإقامة واليسار الذي يتعلق به ) وجوب ( صدقة الفطر ) كما مر ( لا الذكورة فتجب على الأنثى ) خانية ( وسببها الوقت ) وهو أيام النحر [ ص: 313 ] وقيل الرأس وقدمه في التتارخانية .

التالي السابق


كتاب الأضحية أفعولة أصله أضحوية اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء وكسرت الحاء لثبات الياء وتجمع على أضاحي بتشديد الياء عناية . ونقل في الشرنبلالية أن فيها ثماني لغات أضحية بضم الهمزة وكسرها مع تشديد الياء وتخفيفها وضحية بلا همزة بفتح الضاد وكسرها وأضحاة بفتح الهمزة وكسرها ( قوله من ذكر الخاص بعد العام ) فيه بيان المناسبة مع وجه التعقيب كما قال في العناية . أوردها عقب الذبائح لأن التضحية ذبح خاص والخاص بعد العام ا هـ ، بيانه أن العام جزء من الخاص ، فالحيوان مثلا جزء من ماهية [ ص: 312 ] الإنسان لأنه حيوان ناطق والجزء مقدم طبعا فقدم وضعا ( قوله من تسمية الشيء باسم وقته ) يعني باسم مأخوذ من اسم وقت ذبحه فافهم . وفي المغرب : يقال ضحى ، إذا ذبح الأضحية وقت الضحى هذا أصله ، ثم كسر حتى قيل ضحى في أي وقت كان من أيام التشريق ولو آخر النهار ا هـ . وقيل منسوبة إلى أضحى ( قوله وشرعا ذبح حيوان ) كذا في العناية . والذي في الدرر أنها اسم لحيوان مخصوص ، وكذا قال ابن الكمال : هي ما يذبح ، وكتب في هامشه أن من قال ذبح حيوان فكأنه لم يفرق بين الأضحية والتضحية ا هـ وقد خطر لي قبل رؤيته ( قوله مخصوص ) أي نوعا وسنا ط ( قوله بنية القربة ) أي المعهودة وهي التضحية . قال في البدائع : فلا تجزئ التضحية بدونها لأن الذبح قد يكون للحم وقد يكون للقربة ، والفعل لا يقع قربة بدون النية ، وللقربة جهات من المتعة والقران والإحصار وغيره فلا تتعين الأضحية إلا بنيتها ، ولا يشترط أن يقول بلسانه ما نوى بقلبه كما في الصلاة ا هـ . وفي البزازية : لو ذبح المشتراة لها بلا نية الأضحية جازت اكتفاء بالنية عند الشراء ا هـ .

أقول : فيه مخالفة لما ذكره في البدائع أيضا أن من الشروط مقارنة النية للتضحية كما في الصلاة لأنها هي المعتبرة ، فلا يسقط اعتبار القران إلا للضرورة كما في الصوم لتعذر قرانها بوقت الشروع ا هـ وبالأول جزم في القاعدة الأولى من الأشباه تأمل ( قوله وشرائطها ) أي شرائط وجوبها ، ولم يذكر الحرية صريحا لعلمها من قوله واليسار ، ولا العقل والبلوغ لما فيها من الخلاف كما يأتي ، والمعتبر وجود هذه الشرائط آخر الوقت وإن لم تكن في أوله كما سيأتي ( قوله والإقامة ) فالمسافر لا تجب عليه وإن تطوع بها أجزأته عنها وهذا إذا سافر قبل الشراء ، فإن المشتري شاة لها ثم سافر ففي المنتقى أنه يبيعها ولا يضحي بها أي لا يجب عليه ذلك ، وكذا روي عن محمد . ومن المشايخ من فصل فقال : إن كان موسرا لا يجب عليه وإلا ينبغي أن يجب عليه ولا تسقط بسفره ، وإن سافر بعد دخول الوقت قالوا ينبغي أن يكون الجواب كذلك ا هـ ط عن الهندية ومثله في البدائع ( قوله واليسار إلخ ) بأن ملك مائتي درهم أو عرضا يساويها غير مسكنه وثياب اللبس أو متاع يحتاجه إلى أن يذبح الأضحية ولو له عقار يستغله فقيل تلزم لو قيمته نصابا ، وقيل لو يدخل منه قوت سنة تلزم ، وقيل قوت شهر ، فمتى فضل نصاب تلزمه . ولو العقار وقفا ، فإن وجب له في أيامها نصاب تلزم ، وصاحب الثياب الأربعة لو ساوى الرابع نصابا غنى وثلاثة فلا ، لأن أحدها للبذلة والآخر للمهنة والثالث للجمع والوفد والأعياد ، والمرأة موسرة بالمعجل لو الزوج مليا وبالمؤجل لا ، وبدار تسكنها مع الزوج إن قدر على الإسكان .

له مال كثير غائب في يد مضاربه أو شريكه ومعه من الحجرين أو متاع البيت ما يضحي به تلزم ، وتمام الفروع في البزازية وغيرها ( قوله وسببها الوقت ) سبب الحكم ما ترتب عليه الحكم مما لا يدرك العقل تأثيره ولا يكون بصنع المكلف كالوقت للصلاة . والفرق بينه وبين العلة والشرط مذكور في حاشيتنا [ نسمات الأسحار على شرح المنار ] للشارح . وذكر في النهاية أن سبب وجوب الأضحية ووصف القدرة فيها بأنها ممكنة أو ميسرة لم يذكر لا في أصول الفقه ولا في فروعه ، ثم حقق أن السبب هو الوقت لأن السبب إنما يعرف بنسبة الحكم إليه وتعلقه به إذ الأصل في إضافة الشيء إلى الشيء أن يكون سببا وكذا إذا لازمه فتكرر بتكرره ، وقد تكرر وجوب الأضحية بتكرر [ ص: 313 ] الوقت وهو ظاهر ووجدت الإضافة فإنه يقال يوم الأضحى كما يقال يوم الجمعة أو العيد وإن كان الأصل إضافة الحكم إلى سببه كصلاة الظهر ، لكن قد يعكس كيوم الجمعة . والدليل على سببية الوقت امتناع التقديم عليه كامتناع تقديم الصلاة ، وإنما لم تجب على الفقد لفقد الشرط وهو الغنى وإن وجد السبب ا هـ وتبعه في العناية والمعراج ( قوله وقيل الرأس ) فيه نظر يعلم مما مر ; على أنه إنما يعرف السبب بنسبة الحكم إليه في كلام الشارح كما أوضحناه في حاشية المنار قبيل بحث السنة فتدبر




الخدمات العلمية