الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ( وما أنزل إلى إبراهيم ) لم يبين هنا هذا الذي أنزل إلى إبراهيم ، ولكنه بين في سورة " الأعلى " أنه صحف ، وأن من جملة ما في تلك الصحف : ( بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى ) [ 87 \ 16 - 17 ] وذلك في قوله : ( إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ) [ 87 \ 18 ، 19 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وذلك في قوله : ( وما أوتي موسى وعيسى ) لم يبين هنا ما أوتيه موسى وعيسى ، ولكنه بينه في مواضع أخر ، فذكر أن ما أوتيه موسى هو التوراة المعبر عنها بالصحف في قوله : ( صحف إبراهيم وموسى ) ، وذلك كقوله : ( ثم آتينا موسى الكتاب ) [ 6 \ 154 ] وهو التوراة بالإجماع ، وذكر أن ما أوتيه عيسى هو الإنجيل كما في قوله : ( وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل ) [ 57 \ 27 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ( النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ) أمر الله النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين في هذه الآية أن يؤمنوا بما أوتيه جميع النبيين ، وأن لا يفرقوا بين أحد منهم ، حيث قال : ( قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا ) إلى قوله : ( وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ) ولم يذكر هنا هل فعلوا ذلك أو لا ؟ ولم يذكر جزاءهم إذا فعلوه ، ولكنه بين كل ذلك في غير هذا الموضع ، فصرح بأنهم امتثلوا الأمر بقوله : ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله ) [ 2 \ 285 ] وذكر جزاءهم على ذلك بقوله : ( والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما ) [ 4 \ 152 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية