الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قيه ]

                                                          قيه : القاه : الطاعة ، قال الزفيان :


                                                          ما بال عين شوقها استبكاها في رسم دار لبست بلاها     تالله لولا النار أن نصلاها
                                                          أو يدعو الناس علينا الله     لما سمعنا لأمير قاها
                                                          لما سمعنا لأمير قاها

                                                          قال الأموي : عرفته بنو أسد . وما له علي قاه ، أي : سلطان . والقاه : الجاه . وفي الحديث : أن رجلا من أهل المدينة ، وقيل من أهل اليمن ، قال للنبي - صلى الله عليه وسلم : إنا أهل قاه فإذا كان قاه أحدنا دعا من يعينه فعملوا له فأطعمهم وسقاهم من شراب يقال له : المزر ، فقال : أله نشوة ؟ قال : نعم ، قال : فلا تشربوه ، أبو عبيد : القاه سرعة الإجابة وحسن المعاونة ، يعني أن بعضهم يعاون بعضا في أعمالهم وأصله الطاعة ، وقيل : معنى الحديث إنا أهل طاعة لمن يتملك علينا ، وهي عادتنا لا نرى خلافها فإذا أمرنا بأمر أو نهانا عن أمر أطعناه ، فإذا كان قاه أحدنا ، أي : ذو قاه أحدنا دعانا إلى معونته فأطعمنا وسقانا ، قال ابن الأثير : ذكره الزمخشري في القاف والياء ، وجعل عينه منقلبة عن ياء ، ولم يذكره ابن الأثير إلا في ( قوه ) . وفي الحديث : ما لي عنده جاه ولا لي عليه قاه ، أي : طاعة . الأصمعي : القاه والأقه الطاعة . يقال : أقاه الرجل وأيقه . الدينوري : إذا تناوب أهل الجوخان فاجتمعوا مرة عند هذا ومرة عند هذا وتعاونوا على الدياس ، فإن أهل اليمن يسمون ذلك : القاه . ونوبة كل رجل قاهه ، وذلك كالطاعة له عليهم ; لأنه تناوب قد ألزموه أنفسهم ، فهو واجب لبعضهم على بعض ، وهذه الترجمة ذكرها الجوهري في ( قوه ) ، قال ابن بري : قاه أصله قيه ، وهو مقلوب من ( يقه ) بدليل قولهم : استيقه الرجل ، إذا أطاع ، فكان صوابه أن يقول في الترجمة : قيه ، ولا يقول : قوه ، قال : وحجة الجوهري أنه يقال الوقه بمعنى القاه ، وهو الطاعة ، وقد وقهت فهذا يدل على أنه من الواو ، وأما قول المخبل :


                                                          وردوا صدور الخيل حتى تنهنهوا     إلى ذي النهى واستيقهوا للمحلم

                                                          أي : أطاعوه إلا أنه مقلوب ، قدم الياء على القاف وكانت القاف قبلها ، وكذلك قولهم : جذب وجبذ ، ويروى : واستيدهوا ، قال ابن بري : وقيل إن المقلوب هو القاه دون استيقهوا ، ويقال : استوده واستيده ، إذا انقاد وأطاع ، والياء بدل من الواو . ابن سيده : والقاه سرعة الإجابة في الأكل ، قال : وإنما قضينا بأن ألف قاه ياء لقولهم في معناه : أيقه واستيقه ، أي : أطاع ، وما جاء من هذا الباب لم يقل فيه : أيقه ولا تبينت فيه الياء بوجه حمل على الواو . وأيقه ، أي : فهم ، يقال : أيقه لهذا ، أي : افهمه ، والله تعالى أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية