الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قيظ ]

                                                          قيظ : القيظ صميم الصيف ، وهو حاق الصيف ، وهو من طلوع النجم إلى طلوع سهيل أعني بالنجم الثريا ، والجمع : أقياظ وقيوظ . وعامله مقايظة وقيوظا ، أي : لزمن القيظ ، الأخيرة غريبة ، وكذلك استأجره مقايظة وقياظا ، وقول امرئ القيس أنشده أبو حنيفة :


                                                          قايظننا يأكلن فينا قدا ومحروت الجمال

                                                          إنما أراد قظن معنا . وقولهم : اجتمع القيظ ، إنما هو على سعة الكلام ، وحقيقته : اجتمع الناس في القيظ ، فحذفوا إيجازا واختصارا ، ولأن المعنى قد علم ، وهو نحو قولهم : اجتمعت اليمامة ، يريدون أهل اليمامة . وقد قاظ يومنا : اشتد حره ، وقظنا بمكان كذا وكذا وقاظوا بموضع كذا وقيظوا واقتاظوا : أقاموا زمن قيظهم ، قال توبة بن الحمير :


                                                          تربع ليلى بالمضيح فالحمى     وتقتاظ من بطن العقيق السواقيا

                                                          واسم ذلك الموضع : المقيظ والمقيظ ، وقال ابن الأعرابي : لا مقيظ بأرض لا بهمى فيها ، أي : لا مرعى في القيظ . والمقيظ والمصيف واحد . ومقيظ القوم : الموضع الذي يقام فيه وقت القيظ ، ومصيفهم : الموضع الذي يقام فيه وقت الصيف ، قال الأزهري : العرب تقول : السنة أربعة أزمان ، ولكل زمن منها ثلاثة أشهر ، وهي فصول السنة : منها فصل الصيف ، وهو فصل ربيع الكلأ : آذار ونيسان وأيار ، ثم بعده فصل القيظ : حزيران وتموز وآب ، ثم بعده فصل الخريف : أيلول وتشرين وتشرين ، ثم بعده فصل الشتاء : كانون وكانون وسباط . وقيظني الشيء : كفاني لقيظتي . وفي حديث عمر رضي الله عنه أنه قال حين أمره النبي صلى الله عليه وسلم بتزويد وفد مزينة : ما هي إلا أصوع ما يقيظن بني ، يعني أنه لا يكفيهم لقيظهم ، يعني زمان شدة الحر . والقيظ : حمارة الصيف ، يقال : قيظني هذا الطعام وهذا الثوب وهذا الشيء وشتاني وصيفني ، أي : كفاني لقيظي ; وأنشد الكسائي :


                                                          من يك ذا بت فهذا بتي     مقيظ مصيف مشتي
                                                          تخذته من نعجات ست     سود ، نعاج كنعاج الدشت

                                                          يقول : يكفيني القيظ والصيف والشتاء ، وقاظ بالمكان وتقيظ به إذا أقام به في الصيف ، قال الأعشى :


                                                          يا رخما قاظ على مطلوب     يعجل كف الخارئ المطيب

                                                          وفي الحديث : سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم قائظ ، أي : شديد الحر . وفي حديث أشراط الساعة : أن يكون الولد غيضا والمطر قيظا ; لأن المطر إنما يراد للنبات وبرد الهواء ، والقيظ ضد ذلك . وفي الحديث ذكر قيظ ، بفتح القاف موضع بقرب مكة على أربعة أميال من نخلة . والمقيظة : نبات يبقى أخضر إلى القيظ يكون علقة للإبل إذا يبس ما سواه . والمقيظة من النبات : الذي تدوم خضرته إلى آخر القيظ وإن هاجت الأرض وجف البقل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية