الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قنسر ]

                                                          قنسر : القنسر والقنسري : الكبير المسن الذي أتى عليه الدهر ، قال العجاج :


                                                          أطربا وأنت قنسري والدهر بالإنسان دواري     أفنى القرون وهو قعسري

                                                          وقيل : لم يسمع هذا إلا في بيت العجاج ، وذكره الجوهري في ترجمة ( قسر ) ، قال ابن بري : وصوابه أن يذكر في فصل قنسر لأنه لا يقوم له دليل على زيادة النون . والطرب : خفة تلحق الإنسان عند السرور وعند الحزن ، والمراد به في هذا البيت السرور ، يخاطب نفسه فيقول : أتطرب إلى اللهو طرب الشبان وأنت شيخ مسن ؟ وقوله دواري ، أي : ذو دوران يدور بالإنسان مرة كذا ومرة كذا . والقعسري : القوي الشديد . وكل قديم : قنسر ، وقد تقنسر وقنسرته السن ، ويقال للشيخ إذا ولى وعسا : قد قنسره الدهر ، ومنه قول الشاعر :


                                                          وقنسرته أمور فاقسأن لها     وقد حنى ظهره دهر وقد كبرا

                                                          ابن سيده : وقنسرين وقنسرين وقنسرون وقنسرون كورة بالشام وهي أحد أجنادها ، فمن قال : قنسرين ، فالنسب إليه قنسريني ، ومن قال : قنسرون ، فالنسب إليه قنسري ; لأن لفظه لفظ الجمع ، ووجه الجمع أنهم جعلوا كل ناحية من قنسرين كأنه قنسر ، وإن لم ينطق به مفردا ، والناحية والجهة مؤنثتان ، وكأنه قد كان ينبغي أن يكون في الواحد هاء فصار قنسر المقدر كأنه ينبغي أن يكون قنسرة ، فلما لم تظهر الهاء وكان قنسر في القياس في نية الملفوظ به عوضوا الجمع بالواو والنون ، وأجري في ذلك مجرى أرض في قولهم : أرضون ، والقول في فلسطين والسيلحين ويبرين ونصيبين وصريفين وعاندين كالقول في قنسرين . الجوهري في ترجمة ( قسر ) : و قنسرون بلد بالشام بكسر القاف والنون مشددة تكسر وتفتح ; وأنشد ثعلب بالفتح هذا البيت لعكرشة الضبي يرثي بنيه :


                                                          سقى الله فتيانا ورائي تركتهم     بحاضر قنسرين من سبل القطر

                                                          قال ابن بري : صواب إنشاده :


                                                          سقى الله أجداثا ورائي تركتها

                                                          وحاضر قنسرين : موضع الإقامة على الماء من قنسرين ، وبعد البيت :


                                                          لعمري لقد وارت وضمت قبورهم     أكفا شداد القبض بالأسل السمر
                                                          يذكرنيهم كل خير رأيته     وشر فما أنفك منهم على ذكر

                                                          يريد أنهم كانوا يأتون الخير ويجتنبون الشر ، فإذا رأيت من يأتي خيرا ذكرتهم ، وإذا رأيت من يأتي شرا ولا ينهاه عنه أحد ذكرتهم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية