الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 831 ) مسألة : قال : ومن كان في ماء وطين أومأ إيماء وجملة ذلك ، أنه إذا كان في الطين والمطر ولم يمكنه السجود على الأرض إلا بالتلوث بالطين والبلل بالماء ، فله الصلاة على دابته ، يومئ بالركوع والسجود ، وإن كان راجلا أومأ بالسجود أيضا ، ولم يلزمه السجود على الأرض . قال الترمذي . روي عن أنس بن مالك أنه صلى على دابته في ماء وطين . وفعله جابر بن زيد ، وأمر به طاوس ، وعمارة بن غزية قال الترمذي : والعمل على هذا عند أهل العلم ، وبه يقول إسحاق .

                                                                                                                                            وقال أصحاب الشافعي : لا يجوز أن يصلي الفرد على الراحلة لأجل المطر ; لحديث أبي سعيد ، ولأن السجود والقيام من أركان الصلاة فلم يسقط بالمطر ، كبقية أركانها . ولنا ، ما روى يعلى بن أمية ، عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه انتهى إلى مضيق ، ومعه أصحابه ، والسماء من فوقهم ، والبلة من أسفل منهم ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته ، وأصحابه على ظهور دوابهم ، يومئون إيماء ، يجعلون السجود أخفض من الركوع . } رواه الأثرم ، والترمذي . وقال : تفرد به عمر بن الرماح البلخي ، وقد روى عنه غير واحد من أهل العلم ،

                                                                                                                                            قال القاضي أبو يعلى : سألت أبا عبد الله الدامغاني ، فقال : مذهب أبي حنيفة أن يصلي على الراحلة في المطر والمرض . وقال أصحاب الشافعي : لا يجوز أن يصلي الفرض على الراحلة لأجل المطر والمرض . وعن مالك كالمذهبين .

                                                                                                                                            واحتج من منع ذلك بحديث أبي سعيد الخدري : { فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين . } وهذا حديث صحيح . ولنا ، ما رويناه من الحديث . وفعل أنس قال أحمد ، رحمه الله : قد صلى أنس وهو متوجه إلى سرابيط . في يوم مطر المكتوبة على الدابة رواه الأثرم بإسناده ، وذكره الإمام أحمد ، ولم ينقل عن غيره خلافه ، فيكون إجماعا ، ولأن المطر عذر يبيح الجمع ، فأثر في أفعال الصلاة كالسفر يؤثر في القصر . وأما حديث أبي سعيد فيحتمل أن الطين كان يسيرا لا يؤثر في تلويث الثياب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية