الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قلص ]

                                                          قلص : قلص الشيء يقلص قلوصا : تدانى وانضم وفي الصحاح : ارتفع . وقلص الظل يقلص عني قلوصا : انقبض وانضم وانزوى . وقلص وقلص وتقلص كله بمعنى انضم وانزوى ، قال ابن بري : وقلص قلوصا ذهب ، قال الأعشى :


                                                          وأجمعت منها لحج قلوصا

                                                          . وقال رؤبة :


                                                          قلصن تقليص النعام الوخاد



                                                          ويقال : قلصت شفته أي انزوت . وقلص ثوبه يقلص ، وقلص ثوبه بعد الغسل ، وشفة قالصة ، وظل قالص إذا نقص ، وقوله أنشده ثعلب :


                                                          وعصب عن نسويه قالص



                                                          قال : يريد أنه سمين فقد بان موضع النسا وهو عرق يكون في الفخذ . وقلص الماء يقلص قلوصا فهو قالص وقليص وقلاص : ارتفع في البئر ، قال امرؤ القيس :


                                                          فأوردها من آخر الليل مشربا     بلاثق خضرا ماؤهن قليص



                                                          و قال الراجز :


                                                          يا ريها من بارد قلاص     قد جم حتى هم بانقياص



                                                          وأنشد ابن بري لشاعر :


                                                          يشربن ماء طيبا قليصه     كالحبشي فوقه قميصه



                                                          وقلصة الماء وقلصته : جمته . وبئر قلوص : لها قلصة ، والجمع قلائص ، وهو قلصة البئر ، وجمعها : قلصات ، وهو الماء الذي يجم فيها ويرتفع ، قال ابن بري : وحكى ابن الأجدابي عن أهل اللغة : قلصة ، بالإسكان ، وجمعها : قلص ، مثل حلقة وحلق ، وفلكة وفلك . والقلص : كثرة الماء وقلته ، وهو من الأضداد ، وقال أعرابي : أبنت بينونة فما وجدت فيها إلا قلصة من الماء أي قليلا . وقلصت البئر إذا ارتفعت إلى أعلاها وقلصت إذا نزحت . شمر : القالص من الثياب الم شمر القصير . وفي حديث عائشة رضوان الله عليها : فقلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة أي ارتفع وذهب . يقال : قلص الدمع ، مخففا ، وإذا شدد فللمبالغة . وكل شيء ارتفع فذهب فقد قلص تقليصا ، وقال :


                                                          يوما ترى حرباءه مخاوصا     يطلب في الجندل ظلا قالصا



                                                          وفي حديث ابن مسعود : أنه قال للضرع : اقلص فقلص أي اجتمع ، وقول عبد مناف بن ربع :


                                                          فقلصي ونزلي قد وجدتم حفيله     وشري لكم ما عشتم ذود غاول



                                                          قلصي : انقباضي . ونزلي : استرسالي . يقال للناقة إذا غارت وارتفع [ ص: 176 ] لبنها : قد أقلصت ، وإذا نزل لبنها : قد أنزلت . وحفيله : كثرة لبنه . وقلص القوم قلوصا إذا اجتمعوا فساروا . قال امرؤ القيس :


                                                          وقد حان منا رحلة فقلوص

                                                          وقلصت الشفة تقلص : شمرت ونقصت . وشفة قالصة وقميص مقلص ، وقلصت قميصي : شمرته ورفعته ، قال :


                                                          سراج الدجى حلت بسهل وأعطيت     نعيما وتقليصا بدرع المناطق



                                                          وتقلص هو : تشمر . وفي حديث عائشة : أنها رأت على سعد درعا مقلصة أي مجتمعة منضمة . يقال : قلصت الدرع وتقلصت ، وأكثر ما يقال فيما يكون إلى فوق . وفرس مقلص بكسر اللام : طويل القوائم منضم البطن ، وقيل : مشرف مشمر ، قال بشر :


                                                          يضمر بالأصائل فهو نهد     أقب مقلص فيه اقورار



                                                          وقلصت الإبل في سيرها : شمرت . وقلصت الإبل تقليصا إذا استمرت في مضيها ، وقال أعرابي :


                                                          قلصن والحقن بدبثا والأشل



                                                          يخاطب إبلا يحدوها . وقلصت الناقة وأقلصت وهي مقلاص : سمنت في سنامها ، وكذلك الجمل ، قال :


                                                          إذا رآه في السنام أقلصها

                                                          وقيل : هو إذا سمنت في الصيف . وناقة مقلاص إذا كان ذلك السمن إنما يكون منها في الصيف ، وقيل : أقلص البعير إذا ظهر سنامه شيئا وارتفع ، والقلص والقلوص : أول سمنها . الكسائي : إذا كانت الناقة تسمن وتهزل في الشتاء فهي مقلاص أيضا . والقلوص : الفتية من الإبل بمنزلة الجارية الفتاة من النساء ، وقيل : هي الثنية ، وقيل : هي ابنة المخاض ، وقيل : هي كل أنثى من الإبل حين تركب ، وإن كانت بنت لبون أو حقة ، إلى أن تصير بكرة أو تبزل ، زاد التهذيب : سميت قلوصا لطول قوائمها ولم تجسم بعد ، وقال العدوي : القلوص أول ما يركب من إناث الإبل إلى أن تثني ، فإذا أثنت فهي ناقة ، والقعود أول ما يركب من ذكور الإبل إلى أن يثني ، فإذا أثنى فهو جمل ، وربما سموا الناقة الطويلة القوائم قلوصا ، قال : وقد تسمى قلوصا ساعة توضع ، والجمع من كل ذلك : قلائص وقلاص وقلص ، وقلصان جمع الجمع ، وحالبها القلاص ، قال الشاعر :


                                                          على قلاص تختطي الخطائطا     يشدخن بالليل الشجاع الخابطا

                                                          وفي الحديث : لتتركن القلاص فلا يسعى عليها أي لا يخرج ساع إلى زكاة لقلة حاجة الناس إلى المال واستغنائهم عنه ، وفي حديث ذي المشعار : أتوك على قلص نواج . وفي حديث علي رضي الله عنه : على قلص نواج ، وأما ما ورد في حديث مكحول : أنه سئل عن القلوص أيتوضأ منه ، فقال : لم يتغير .

                                                          القلوص : نهر قذر إلا أنه جار . وأهل دمشق يسمون النهر الذي تنصب إليه الأقذار والأوساخ : نهر قلوط بالطاء . والقلوص من النعام : الأنثى الشابة من الرئال مثل قلوص الإبل ، قال ابن بري : حكى ابن خالويه عن الأزدي أن القلوص ولد النعام حفانها ورئالها ; وأنشد :


                                                          تأوي له قلص النعام كما أوت     حزق يمانية لأعجم طمطم



                                                          والقلوص : أنثى الحبارى ، وقيل : هي الحبارى الصغيرة ، وقيل : القلوص أيضا فرخ الحبارى ; وأنشد للشماخ :


                                                          وقد أنعلتها الشمس نعلا كأنها     قلوص حبارى ريشها قد تمورا

                                                          ، والعرب تكني عن الفتيات بالقلص ، وكتب رجل من المسلمين إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه من مغزى له في شأن رجل كان يخالف الغزاة إلى المغيبات بهذه الأبيات :


                                                          ألا أبلغ أبا حفص رسولا     فدى لك من أخي ثقة إزاري
                                                          قلائصنا هداك الله إنا     شغلنا عنكم زمن الحصار
                                                          فما قلص وجدن معقلات     قفا سلع بمختلف التجار
                                                          يعقلهن جعد شيظمي     وبئس معقل الذود الظؤار



                                                          أراد بالقلائص هاهنا النساء ونصبها على المفعول بإضمار فعل أي تدارك قلائصنا ، وهي في الأصل جمع قلوص ، وهي الناقة الشابة ، وقيل : لا تزال قلوصا حتى تصير بازلا ، وقول الأعشى :


                                                          ولقد شبت الحروب فما عم     رت فيها إذا قلصت عن حيال



                                                          أي : لم تدع في الحروب عمرا إذ قلصت أي لقحت بعد أن كانت حائلا تحمل وقد حالت ، قال الحارث بن عباد :


                                                          قربا مربط النعامة مني     لقحت حرب وائل عن حيال



                                                          وقلصت وشالت واحد أي لقحت . وقلاص النجم : هي العشرون نجما التي ساقها الدبران في خطبة الثريا ، كما تزعم العرب ، قال طفيل :


                                                          أما ابن طوق فقد أوفى بذمته     كما وفى بقلاص النجم حاديها



                                                          وقال ذو الرمة :


                                                          قلاص حداها راكب متعمم     هجائن قد كادت عليه تفرق



                                                          وقلص بين الرجلين : خلص بينهما في سباب أو قتال . وقلصت نفسه تقلص قلصا وقلصت : غثت . وقلص الغدير : ذهب ماؤه ، وقول لبيد :


                                                          لورد تقلص الغيطان عنه     يبذ مفازة الخمس الكلال

                                                          يعني تخلف عنه ، بذلك فسره ابن الأعرابي .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية