الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ذكر الإخبار بانخرام قرنه صلى الله عليه وسلم بعد مائة سنة من ليلة إخباره فكان كما أخبر

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثبت في " الصحيحين " من حديث الزهري ، عن سالم وأبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة ، عن عبد الله بن عمر قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ليلة في آخر عمره ، فلما سلم قام فقال : " أرأيتكم ليلتكم هذه؟ فإن رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد قال [ ص: 264 ] ابن عمر : فوهل الناس في مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلى ما يتحدثون من هذه الأحاديث عن مائة سنة ، وإنما يريد بذلك أنها تخرم ذلك القرن . وفي رواية : إنما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم انخرام قرنه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي " صحيح مسلم " من حديث ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قبل موته بشهر : " تسألون عن الساعة ، وإنما علمها عند الله ، فأقسم بالله ما على ظهر الأرض من نفس منفوسة اليوم تأتي عليها مائة سنة وهذا الحديث وأمثاله مما يحتج به من ذهب من الأئمة إلى أن الخضر ليس بموجود الآن ، كما قدمنا ذلك في ترجمته من قصص الأنبياء ، عليهم السلام ، وهو نص على أن جميع الأحياء في الأرض يموتون إلى تمام مائة سنة من إخباره ، عليه الصلاة والسلام ، وكذا وقع سواء; فإنه لم يتأخر أحد من أصحابه إلى ما يجاوز هذه المدة ، وكذلك جميع الناس ، ثم قد طرد بعض العلماء هذا الحكم في كل مائة سنة ، وليس في الحديث تعرض لهذا . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حديث آخر : قال محمد بن عمر الواقدي : حدثني شريح بن يزيد ، عن إبراهيم بن محمد بن زياد الألهاني ، عن أبيه ، عن عبد الله بن بسر قال : وضع [ ص: 265 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على رأسي ، وقال : هذا الغلام يعيش قرنا " . قال : فعاش مائة سنة وقد رواه البخاري في " التاريخ " عن أبي حيوة شريح بن يزيد به ، فذكره . قال وزاد غيره وكان في وجهه ثؤلول . فقال : " ولا يموت حتى يذهب الثؤلول من وجهه " . فلم يمت حتى ذهب الثؤلول من وجهه . وهذا إسناد على شرط السنن ، ولم يخرجوه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ورواه البيهقي عن الحاكم ، عن محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى ، عن الفضل بن محمد الشعراني ، ثنا حيوة بن شريح ، عن إبراهيم بن محمد بن زياد الألهاني ، عن أبيه ، عن عبد الله بن بسر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : " يعيش هذا الغلام قرنا " . فعاش مائة سنة . قال الواقدي وغير واحد : توفي عبد الله بن بسر بحمص سنة ثمان وثمانين ، عن أربع وتسعين ، وهو آخر ما بقي من الصحابة بالشام .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية