الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قفل ]

                                                          قفل : القفول : الرجوع من السفر ، وقيل : القفول رجوع الجند بعد الغزو ، قفل القوم يقفلون ، بالضم ، قفولا وقفلا ، ورجل قافل من قوم قفال ، والقفل اسم للجمع . التهذيب : وهم القفل بمنزلة القعد اسم يلزمهم . والقفل أيضا : القفول . تقول : جاءهم القفل والقفول ، واشتق اسم القافلة من ذلك لأنهم يقفلون ، وقد جاء القفل بمعنى القفول ، قال الراجز :


                                                          علباء أبشر بأبيك والقفل أتاك إن لم ينقطع باقي الأجل     هولول إذا ونى القوم نزل



                                                          قال أبو منصور : سميت القافلة قافلة تفاؤلا بقفولها عن سفرها الذي ابتدأته ، قال : وظن ابن قتيبة أن عوام الناس يغلطون في تسميتهم الناهضين في سفر أنشؤوه قافلة ، وأنها لا تسمى قافلة إلا منصرفة إلى وطنها ، وهذا غلط ، ما زالت العرب تسمي الناهضين في ابتداء الأسفار قافلة تفاؤلا بأن ييسر الله لها القفول ، وهو شائع في كلام فصحائهم إلى اليوم . والقافلة : الرفقة الراجعة من السفر . ابن سيده : القافلة القفال ، إما أن يكونوا أرادوا القافل أي الفريق القافل فأدخلوا الهاء للمبالغة ، وإما أن يريدوا الرفقة القافلة فحذفوا الموصوف وغلبت الصفة على الاسم ، وهو أجود ، وقد أقفلهم هو وقفلهم ، وأقفلت الجند من مبعثهم . وفي حديث جبير بن مطعم : بينا هو يسير مع النبي - صلى الله عليه وسلم - مقفله من حنين أي عند رجوعه منها . والمقفل : مصدر قفل يقفل إذا عاد من سفره ، قال : وقد يقال للسفر : قفول في الذهاب والمجيء ، وأكثر ما يستعمل في الرجوع ، وتكرر في الحديث وجاء في بعض رواياته : أقفل الجيش وقلما أقفلنا ، والمعروف قفل وقفلنا وأقفلنا غيرنا ، وأقفلنا على ما لم يسم فاعله . وفي حديث ابن عمر : قفلة كغزوة ، القفلة : المرة من القفول أي أن أجر المجاهد في انصرافه إلى أهله بعد غزوه كأجره في إقباله إلى الجهاد ; لأن في قفوله إراحة للنفس واستعدادا بالقوة للعود وحفظا لأهله برجوعه إليهم ، وقيل : أراد بذلك التعقيب ، وهو رجوعه ثانيا في الوجه الذي جاء منه منصرفا ، وإن لم يلق عدوا ولم يشهد قتالا ، وقد يفعل ذلك الجيش إذا انصرفوا من مغزاهم لأحد أمرين : أحدهما أن العدو إذا رآهم قد انصرفوا عنه أمنوهم وخرجوا من أمكنتهم ، فإذا قفل الجيش إلى دار العدو نالوا الفرصة منهم فأغاروا عليهم ، والآخر أنهم إذا انصرفوا ظاهرين لم يأمنوا أن يقفو العدو أثرهم فيوقعوا بهم [ ص: 164 ] وهم غارون ، فربما استظهر الجيش أو بعضهم بالرجوع على أدراجهم ، فإن كان من العدو طلب كانوا مستعدين للقائهم ، وإلا فقد سلموا وأحرزوا ما معهم من الغنيمة ، وقيل : يحتمل أن يكون سئل عن قوم قفلوا لخوفهم أن يدهمهم من عدوهم من هو أكثر عددا منهم ، فقفلوا ليستضيفوا لهم عددا آخر من أصحابهم ، ثم يكروا على عدوهم . والقفول : اليبوس ، وقد قفل يقفل ، بالكسر ، قال لبيد :


                                                          حتى إذا يئس الرماة وأرسلوا     غضفا دواجن قافلا أعصامها



                                                          والأعصام : القلائد ، واحدتها عصمة ، ثم جمعت على عصم ، ثم جمع عصم على أعصام ، مثل شيعة وشيع وأشياع . وقفل الجلد يقفل قفولا وقفل ، فهو قافل وقفيل : يبس . وشيخ قافل : يابس . ورجل قافل : يابس الجلد ، وقيل : هو اليابس اليد . وأقفله الصوم إذا أيبسه . وأقفلت الجلد إذا أيبسته . والقفل ، بالفتح : ما يبس من الشجر ، قال أبو ذؤيب :


                                                          ومفرهة عنس قدرت لساقها     فخرت كما تتايع الريح بالقفل



                                                          واحدتها قفلة وقفلة ، الأخيرة بالفتح ، عن ابن الأعرابي ، حكاه بفتح الفاء ، وأسكنها سائر أهل اللغة ، ومنه قول معقر بن حمار لابنته بعدما كف بصره وقد سمع صوت راعدة : أي بنية ! وائلي بي إلى جانب قفلة فإنها لا تنبت إلا بمنجاة من السيل ، فإن كان ذلك صحيحا فقفل اسم الجمع . والقفيل : كالقفل ، وقد قفل يقفل وقفل . والقفيل أيضا : نبت . والقفيل : السوط ، قال ابن سيده : أراه لأنه يصنع من الجلد اليابس ، قال أبو محمد الفقعسي :


                                                          لما أتاك يابسا قرشبا     قمت إليه بالقفيل ضربا
                                                          ضرب بعير السوء إذ أحبا



                                                          أحب هنا : برك ، وقيل : حرن . وخيل قوافل أي ضوامر ، وأنشد ابن بري لامرئ القيس :


                                                          نحن جلبنا القرح القوافلا



                                                          وقال خفاف بن ندبة :


                                                          سليل نجيبة لنجيب صدق     تصندل قافلا والمخ رار



                                                          ويقال للفرس إذا ضمر : قفل يقفل قفولا ، وهو القافل والشازب والشاسب ; وأنشد ابن بري في ترجمة ( خشب ) :


                                                          قافل جرشع تراه كتيس ال     رمل لا مقرف ولا مخشوب



                                                          قافل : ضامر . ابن شميل : قفل القوم الطعام وهم يقفلون ، ومكر القوم إذا احتكروا يمكرون ، رواه المصاحفي عنه . وفي نوادر الأعراب : أقفلت القوم في الطريق ، قال : وقفلتهم بعيني قفلا : أتبعتهم بصري ، وكذلك قذذتهم . وقالوا في موضع : أقفلتهم على كذا أي جمعتهم ، والقفل والقفل : ما يغلق به الباب مما ليس بكثيف ونحوه ، والجمع أقفال وأقفل ، وقرأ بعضهم : أم على قلوب أقفلها ، حكى ذلك ابن سيده عن ابن جني ، وقفول عن الهجري ، قال : وأنشدت أم القرمد :


                                                          ترى عينه ما في الكتاب وقلبه     عن الدين أعمى واثق بقفول



                                                          وفعله الإقفال . وقد أقفل الباب وأقفل عليه فانقفل واقتفل ، والنون أعلى ، والباب مقفل ولا يقال : مقفول . الجوهري : أقفلت الباب وقفل الأبواب مثل أغلق وغلق . وفي حديث عمر أنه قال : أربع مقفلات : النذر والطلاق والعتاق والنكاح ، أي لا مخرج منهن لقائلهن كأن عليهن أقفالا ، فمتى جرى بهن اللسان وجب بهن الحكم . ويقال للبخيل : هو مقفل اليدين . ورجل مقفل اليدين ومقتفل : لئيم ، كلاهما على المثل . والمقتفل من الناس : الذي لا يخرج من يديه خيرا ، وامرأة مقتفلة . وقفل الفحل يقفل قفولا : اهتاج للضراب . والقفلة : إعطاؤك إنسانا شيئا بمرة ، يقال : أعطاه ألفا قفلة . ابن دريد : ودرهم قفلة أي وازن ، والهاء أصلية ، قال الأزهري : هذا من كلام أهل اليمن ، قال : ولا أدري ما أراد بقوله : الهاء أصلية . ورجل قفلة : حافظ لكل ما يسمع . والقفل : شجر بالحجاز يضخم ، ويتخذ النساء من ورقه غمرا يجيء أحمر ، واحدته قفلة ، وحكاه كراع بالفتح ، ووصفها الأزهري فقال : تنبت في نجود الأرض وتيبس في أول الهيج ، وقال أبو عبيد : القفل ما يبس من الشجر ، وأنشد قول أبي ذؤيب :


                                                          فخرت كما تتايع الريح بالقفل



                                                          قال أبو منصور : القفل جمع قفلة وهي شجرة بعينها تهيج في وغرة الصيف ، فإذا هبت البوارح بها قلعتها وطيرتها في الجو . والمقفل من النخل : التي يتحات ما عليها من الحمل ، حكاه أبو حنيفة عن ابن الأعرابي . والقيفال : عرق في اليد يفصد ، وهو معرب . وقفيل والقفال : موضعان ، قال لبيد :


                                                          ألم تلمم على الدمن الخوالي     لسلمى بالمذانب فالقفال ؟



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية