الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قطط ]

                                                          قطط : القط : القطع عامة ، وقيل : هو قطع الشيء الصلب كالحقة ونحوها تقطها على حذو مسبور كما يقط الإنسان قصبة على عظم ، وقيل : هو القطع عرضا ، قطه يقطه قطا : قطعه عرضا ، واقتطه فانقط واقتط ، ومنه قط القلم . والمقطة والمقط : ما يقط عليه القلم . وفي التهذيب : المقطة عظيم يكون مع الوراقين يقطون عليه أطراف الأقلام . وروي عن علي - رضوان الله عليه - : أنه كان إذا علا قد وإذا توسط قط ، يقول إذا علا قرنه بالسيف قده بنصفين طولا كما يقد السير ، وإذا أصاب وسطه قطعه عرضا نصفين وأبانه . ومقط الفرس : منقطع أضلاعه . ابن سيده : والمقط من الفرس منقطع الشراسيف ، قال النابغة الجعدي :


                                                          كأن مقط شراسيفه إلى طرف القنب فالمنقب     لطمن بترس شديد الصفاق
                                                          من خشب الجوز لم يثقب



                                                          [ ص: 137 ] والقطاط : حرف الجبل والصخرة كأنما قط قطا ، والجمع أقطة ، وقال أبو زيد : هو أعلى حافة الكهف وهي ثلاثة أقطة . أبو زيد : القطيطة حافة أعلى الكهف ، والقطاط : المثال الذي يحذو عليه الحاذي ويقطع النعل ، قال رؤبة :


                                                          يا أيها الحاذي على القطاط



                                                          والقطاط : مدار حافر الدابة ; لأنه كأنه قط أي قطع وسوي ، قال :


                                                          يردي بسمر صلبة القطاط



                                                          والقطط : شعر الزنجي . يقال : رجل قطط وشعر قطط وامرأة قطط ، والجمع قططون وقططات ، وشعر قط وقطط : جعد قصير ، قط يقط قططا وقطاطة وقطط ، بإظهار التضعيف قطا ، وهو طريف . وجعد قطط أي شديد الجعودة . وقد قطط شعره ، بالكسر ، وهو أحد ما جاء على الأصل بإظهار التضعيف ، ورجل قط الشعر وقططه بمعنى ، والجمع قطون وقططون وأقطاط وقطاط ، قال الهذلي :


                                                          يمشى بيننا حانوت خمر     من الخرس الصراصرة القطاط



                                                          والأنثى قطة وقطط ، بغير هاء . وفي حديث الملاعنة : إن جاءت به جعدا قططا فهو لفلان ، والقطط الشديد الجعودة ، وقيل : الحسن الجعودة . الفراء : الأقط الذي انسحقت أسنانه حتى ظهرت درادرها ، وقيل : الأقط الذي سقطت أسنانه . ابن سيده : ورجل أقط وامرأة قطاء إذا أكلا على أسنانهما حتى تنسحق ، حكاه ثعلب . والقطاط : الخراط الذي يعمل الحقق ، وأنشد ابن بري لرؤبة يصف أتنا وحمارا :


                                                          سوى مساحيهن تقطيط الحقق     تفليل ما قارعن من سم الطرق



                                                          أراد بالمساحي حوافرهن لأنها تسحي الأرض أي تقشرها ، ونصب تقطيط الحقق على المصدر المشبه به لأن معنى سوى وقطط واحد ، والتقطيط : قطع الشيء ، وأراد تقطيع حقق الطيب وتسويتها ، وتقليل فاعل سوى أي سوى مساحيهن تكسير ما قارعت من سم الطرق ، والطرق جمع طرقة وهي حجارة بعضها فوق بعض . وحديث قتل ابن أبي الحقيق : فتحامل عليه بسيفه في بطنه حتى أنفذه فجعل يقول : قطني قطني . وقط السعر يقط ، بالكسر ، قطا وقطوطا ، فهو قاط ومقطوط بمعنى فاعل : غلا . ويقال : وردنا أرضا قطا سعرها ، قال أبو وجزة السعدي :


                                                          أشكو إلى الله العزيز الجبار     ثم إليك اليوم بعد المستار
                                                          وحاجة الحي وقط الأسعار



                                                          وقال شمر : قط السعر إذا غلا ، خطأ عندي إنما هو بمعنى فتر ، وقال الأزهري : وهم شمر فيما قال . وروي عن الفراء أنه قال : حط السعر حطوطا وانحط انحطاطا وكسر وانكسر إذا فتر ، وقال : سعر مقطوط وقد قط إذا غلا ، وقد قطه الله . ابن الأعرابي : القاطط السعر الغالي . الليث : قط خفيفة بمعنى حسب ، تقول : قطك الشيء أي حسبك ، قال : ومثله قد ، قال وهما لم يتمكنا في التصريف ، فإذا أضفتهما إلى نفسك قويتا بالنون قلت : قطني وقدني كما قووا عني ومني ولدني بنون أخرى ، قال : وقال أهل الكوفة معنى قطني كفاني فالنون في موضع نصب مثل نون كفاني ؛ لأنك تقول قط عبد الله درهم ، وقال أهل البصرة : الصواب فيه الخفض على معنى حسب زيد وكفي زيد درهم ، وهذه النون عماد ، ومنعهم أن يقولوا حسبني أن الباء متحركة والطاء من قط ساكنة فكرهوا تغييرها عن الإسكان ، وجعلوا النون الثانية من لدني عمادا للياء . وفي الحديث في ذكر النار : إن النار تقول لربها : إنك وعدتني ملئي ، فيضع فيها قدمه ، وفي رواية : حتى يضع الجبار فيها قدمه فتقول : قط قط بمعنى حسب ، وتكرارها للتأكيد ، وهي ساكنة الطاء ، ورواه بعضهم قطني أي حسبي ، قال الليث : وأما قط فإنه هو الأبد الماضي ، تقول : ما رأيت مثله قط ، وهو رفع لأنه مثل قبل وبعد ، قال : وأما القط الذي في موضع ما أعطيته إلا عشرين قط فإنه مجرور فرقا بين الزمان والعدد ، وقط معناها الزمان قال ابن سيده : ما رأيته قط وقط وقط ، مرفوعة خفيفة محذوفة منها ، إذا كانت بمعنى الدهر ففيها ثلاث لغات ، وإذا كانت في معنى حسب فهي مفتوحة القاف ساكنة الطاء ، قال بعض النحويين : أما قولهم قط بالتشديد فإنما كانت قطط وكان ينبغي لها أن تسكن ، فلما سكن الحرف الثاني جعل الآخر متحركا إلى إعرابه ، ولو قيل فيه بالخفض والنصب لكان وجها في العربية ، وأما الذين رفعوا أوله وآخره فهو كقولك : مد يا هذا ، وأما الذين خففوه فإنهم جعلوه أداة ثم بنوه على أصله فأثبتوا الرفعة التي كانت تكون في قط وهي مشددة ، وكان أجود من ذلك أن يجزموا فيقولوا ما رأيته قط ، مجزومة ساكنة الطاء ، وجهة رفعه كقولهم لم أره مذ يومان ، وهي قليلة ، كله تعليل كوفي ، ولذلك لفظ الإعراب موضع لفظ البناء هذا إذا كانت بمعنى الدهر ، وأما إذا كانت بمعنى حسب ، وهو الاكتفاء ، قال سيبويه : قط ساكنة الطاء معناها الاكتفاء ، وقد يقال قط وقطي ، وقال : قط معناها الانتهاء وبنيت على الضم كحسب . وحكى ابن الأعرابي : ما رأيته قط ، مكسورة مشددة ، وقال بعضهم : قط زيدا درهم أي كفاه ، وزادوا النون في قط فقالوا قطني ، لم يريدوا أن يكسروا الطاء لئلا يجعلوها بمنزلة الأسماء المتمكنة نحو يدي وهني . وقال بعضهم : قطني كلمة موضوعة لا زيادة فيها كحسبي ، قال الراجز :


                                                          امتلأ الحوض وقال قطني     سلا رويدا قد ملأت بطني



                                                          وإنما دخلت النون ليسلم السكون الذي يبنى الاسم عليه ، وهذه النون لا تدخل الأسماء ، وإنما تدخل الفعل الماضي إذا دخلته ياء المتكلم كقولك ضربني وكلمني لتسلم الفتحة التي بني الفعل عليها ولتكون وقاية للفعل من الجر ، وإنما أدخلوها في أسماء مخصوصة قليلة نحو قطني وقدني وعني ومني ولدني لا يقاس عليها ، فلو كانت النون من أصل الكلمة لقالوا قطنك وهذا غير معلوم . وقال ابن بري : عني ومني وقطني ولدني على القياس لأن نون الوقاية تدخل الأفعال [ ص: 138 ] لتقيها الجر وتبقي على فتحها ، وكذلك هذه التي تقدمت دخلت النون عليها لتقيها الجر فتبقي على سكونها ، وقد ينصب بقط ، ومنهم من يخفض بقط مجزومة ، ومنهم من يبنيها على الضم ويخفض بها ما بعدها ، وكل هذا إذا سمي به ثم حقر قيل قطيط لأنه إذا ثقل فقد كفيت ، وإذا خفف فأصله التثقيل لأنه من القط الذي هو القطع . وحكى اللحياني : ما زال هذا مذ قط يا فتى ، بضم القاف والتثقيل ، قال : وقد يقال ما له إلا عشرة قط يا فتى ، بالتخفيف والجزم ، وقط يا فتى ، بالتثقيل والخفض . وقطاط : مبنية مثل قطام أي حسبي ، قال عمرو بن معديكرب :


                                                          أطلت فراطهم حتى إذا ما     قتلت سراتهم قالت قطاط



                                                          أي قطني وحسبي ، قال ابن بري : صواب إنشاده أطلت فراطكم وقتلت سراتكم بكاف الخطاب ، والفراط : التقدم ، يقول : أطلت التقدم بوعيدي لكم لتخرجوا من حقي فلم تفعلوا . والقط : النصيب . والقط : الصك بالجائزة . والقط : الكتاب ، وقيل : هو كتاب المحاسبة ، وأنشد ابن بري لأمية بن أبي الصلت :


                                                          قوم لهم ساحة العرا     ق جميعا والقط والقلم



                                                          وفي التنزيل العزيز : عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب والجمع قطوط ، قال الأعشى :


                                                          ولا الملك النعمان يوم لقيته     بغبطته يعطي القطوط ويأفق



                                                          قوله : يأفق يفضل ، قال أهل التفسير مجاهد وقتادة والحسن قالوا : عجل لنا قطنا أي نصيبنا من العذاب . وقال سعيد بن جبير : ذكرت الجنة فاشتهوا ما فيها فقالوا : ربنا عجل لنا قطنا أي نصيبنا . وقال الفراء : القط الصحيفة المكتوبة ، وإنما قالوا ذلك حين نزل : فأما من أوتي كتابه بيمينه فاستهزءوا بذلك وقالوا : عجل لنا هذا الكتاب قبل يوم الحساب . والقط في كلام العرب : الصك وهو الحظ . والقط : النصيب ، وأصله الصحيفة للإنسان بصلة يوصل بها ، قال : وأصل القط من قططت . وروي عن زيد بن ثابت وابن عمر أنهما كانا لا يريان ببيع القطوط إذا خرجت بأسا ، ولكن لا يحل لمن ابتاعها أن يبيعها حتى يقبضها . قال الأزهري : القطوط هاهنا جمع قط وهو الكتاب . والقط : النصيب ، وأراد بها الجوائز والأرزاق ، سميت قطوطا لأنها كانت تخرج مكتوبة في رقاع وصكاك مقطوعة ، وبيعها عند الفقهاء غير جائز ما لم يتحصل ما فيها في ملك من كتبت له معلومة مقبوضة . الليث : القطة السنور ، نعت لها دون الذكر . ابن سيده : القط السنور ، والجمع قطاط وقططة ، والأنثى قطة ، وقال كراع : لا يقال قطة ، قال ابن دريد : لا أحسبها عربية ، قال الأخطل :


                                                          أكلت القطاط فأفنيتها     فهل في الخنانيص من مغمز



                                                          ومضى قط من الليل أي ساعة ، حكي عن ثعلب . والقطقط ، بالكسر : المطر الصغار الذي كأنه شذر ، وقيل : هو صغار البرد ، وقد قطقطت السماء فهي مقطقطة ، ثم الرذاذ وهو فوق القطقط ، ثم الطش وهو فوق الرذاذ ، ثم البغش وهو فوق الطش ، ثم الغبية وهو فوق البغشة ، وكذلك الحلبة والشجذة والحفشة والحكشة مثل الغبية . وقال الليث : القطقط المطر المتفرق المتتابع المتحاتن . أبو زيد : أصغر المطر القطقط . ويقال : جاءت الخيل قطائط قطيعا قطيعا ، قال هميان :


                                                          بالخيل تترى زيما قطائطا



                                                          وقال علقمة بن عبدة :


                                                          ونحن جلبنا من ضرية خيلنا     نكلفها حد الإكام قطائطا



                                                          قال أبو عمرو : أي نكلفها أن تقطع حد الإكام فتقطعها بحوافرها ، قال : وواحد القطائط قطوط مثل جدود وجدائد ، وقال غيره : قطائطا رعالا وجماعات في تفرقة . ويقال : تقطقطت الدلو إلى البئر أي انحدرت ، قال ذو الرمة يصف سفرة دلاها في البئر :


                                                          بمعقودة في نسع رحل تقطقطت     إلى الماء حتى انقد عنها طحالبه



                                                          ابن شميل : في بطن الفرس مقاطه ومخيطه ، فأما مقطه فطرفه في القص وطرفه في العانة . وفي حديث أبي وسأل زر بن حبيش عن عدد سورة الأحزاب فقال : إما ثلاثا وسبعين أو أربعا وسبعين ، فقال : أقط ؟ بألف الاستفهام أي أحسب ؟ وفي حديث حيوة بن شريح : لقيت عقبة بن مسلم فقلت له : بلغني أنك حدثت عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول إذا دخل المسجد : أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم ، قال : أقط ؟ قلت : نعم . وقطقطت القطاة والحجلة : صوتت وحدها . وتقطقط الرجل : ركب رأسه . ودلج قطقاط : سريع ، عن ثعلب ، وأنشد :


                                                          يسيح بعد الدلج القطقاط     وهو مدل حسن الألياط



                                                          وقطيقط : اسم أرض ، وقيل : موضع ، قال القطامي :


                                                          أبت الخروج من العراق وليتها     رفعت لنا بقطيقط أظعانا



                                                          ودارة قطقط ، عن كراع . والقطقطانة ، بالضم : موضع ، وقيل : موضع بقرب الكوفة ، قال الشاعر :


                                                          من كان يسأل عنا أين منزلنا     فالقطقطانة منا منزل قمن



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية