الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الطب باب في الرجل يتداوى

                                                                      3855 حدثنا حفص بن عمر النمري حدثنا شعبة عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كأنما على رءوسهم الطير فسلمت ثم قعدت فجاء الأعراب من ها هنا وها هنا فقالوا يا رسول الله أنتداوى فقال تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم [ ص: 267 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 267 ] أول كتاب الطب

                                                                      بتثليث الطاء المهملة قاله القسطلاني وهو علم يعرف به أحوال بدن الإنسان من الصحة والمرض قال في الفتح : ونقل أهل اللغة أن الطب بالكسر يقال بالاشتراك للمداوي وللتداوي وللداء أيضا فهو من الأضداد ويقال أيضا للرفق والسحر ويقال للشهوة ولطرائق ترى في شعاع الشمس وللحذق بالشيء والطبيب الحاذق في كل شيء وخص به المعالج عرفا والجمع في القلة أطبة وفي الكثرة أطباء . والطب نوعان : طب جسد وهو المراد هنا وطب قلب ومعالجته خاصة بما جاء به الرسول - عليه الصلاة والسلام - عن - ربه سبحانه وتعالى - وأما طب الجسد فمنه ما جاء في المنقول عنه - صلى الله عليه وسلم - ومنه ما جاء عن غيره وغالبه راجع إلى التجربة .

                                                                      ( وأصحابه ) الواو للحال ( كأنما على رءوسهم الطير ) قال في النهاية : وصفهم بالسكون والوقار وأنهم لم يكن فيهم طيش ولا خفة ؛ لأن الطير لا تكاد تقع إلا على شيء ساكن ( أنتداوى ) أي : أنترك ترك المعالجة فنطلب الدواء إذا عرض الداء ونتوكل على خالق الأرض والسماء والاستفهام للتقرير قاله القاري ( فقال ) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( تداووا ) .

                                                                      قال في فتح الودود : الظاهر أن الأمر للإباحة والرخصة وهو الذي يقتضيه المقام [ ص: 268 ] فإن السؤال كان عن الإباحة قطعا فالمتبادر في جوابه أنه بيان للإباحة ويفهم من كلام بعضهم أن الأمر للندب وهو بعيد فقد ورد مدح من ترك الدواء والاسترقاء توكلا على الله .

                                                                      نعم قد تداوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيانا للجواز فمن نوى موافقته - صلى الله عليه وسلم - يؤجر على ذلك ( لم يضع ) أي : لم يخلق ( داء ) أي : مرضا وجمعه أدواء ( إلا وضع له ) أي : خلق له ( الهرم ) بفتح الهاء والراء وهو بالجر على أنه بدل من داء وقيل : خبر مبتدأ محذوف أي : هو الهرم أو منصوب بتقدير أعني والمراد به الكبر قاله القاري .

                                                                      وقال الخطابي : في هذا الحديث إثبات الطب والعلاج وأن التداوي مباح غير مكروه كما ذهب إليه بعض الناس وفيه أنه جعل الهرم داء وإنما هو ضعف الكبر وليس هو من الأدواء التي هي أسقام عارضة للأبدان من قبل اختلاف الطبائع وتغير الأمزجة وإنما شبهه بالداء لأنه جالب التلف كالأدواء التي قد يتعقبها الموت والهلاك انتهى . قال العيني : فيه إباحة التداوي وجواز الطب وهو رد على الصوفية أن الولاية لا تتم إلا إذا رضي بجميع ما نزل به من البلاء ولا يجوز له مداواته وهو خلاف ما أباحه الشارع انتهى .

                                                                      وقال المنذري : والحديث أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه . وقال الترمذي : حسن صحيح .

                                                                      2 - باب في الحمية




                                                                      الخدمات العلمية