الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قصف ]

                                                          قصف : القصف : الكسر وفي التهذيب : كسر القناة ونحوها نصفين . قصف الشيء يقصفه قصفا : كسره . وفي حديث عائشة تصف أباها - رضي الله عنهما - : ولا قصفوا له قناة ، أي : كسروا . وقد قصف قصفا فهو قصف ، وقصيف وأقصف . وانقصف وتقصف : انكسر ، وقيل : قصف انكسر ولم يبن . وانقصف : بان ، قال الشاعر :


                                                          وأسمر غير مجلوز على قصف



                                                          وقصفت الريح السفينة . والأقصف : لغة في الأقصم ، وهو الذي انكسرت ثنيته من النصف . وقصفت ثنيته قصفا ، وهي قصفاء : انكسرت عرضا ، قال الأزهري : الذي نعرفه في الذي انكسرت ثنيته من النصف الأقصم . والقصف : مصدر قصفت العود أقصفه قصفا إذا كسرته . وقصف العود يقصف قصفا ، وهو أقصف وقصف إذا كان خوارا ضعيفا وكذلك الرجل رجل قصف سريع الانكسار عن النجدة ، قال ابن بري : شاهده قول قيس بن رفاعة :


                                                          أولو أناة وأحلام إذا غضبوا     لا قصفون ولا سود رعابيب



                                                          ويقال للقوم إذا خلوا عن شيء فترة وخذلانا : انقصفوا عنه . ورجل قصف البطن عن الجوع : ضعيف عن احتماله ، عن ابن الأعرابي . وريح قاصف وقاصفة : شديدة تكسر ما مرت به من الشجر وغيره . وروي عن عبيد الله بن عمرو : الرياح ثمان : أربع عذاب وأربع رحمة ، فأما الرحمة : فالناشرات والذاريات والمرسلات والمبشرات ، وأما العذاب فالعاصف والقاصف ، وهما في البحر ، والصرصر والعقيم ، وهما في البر . وقوله تعالى : فيرسل عليكم قاصفا من الريح ، أي : ريحا تقصف الأشياء تكسرها كما تقصف العيدان وغيرها . وثوب قصيف : لا عرض له . والقصف والقصفة : هدير البعير وهو شدة رغائه . قصف البعير يقصف قصفا وقصوفا وقصيفا : صرف أنيابه وهدر في الشقشقة . ورعد قاصف : شديد الصوت . قال أبو حنيفة : إذا بلغ الرعد الغاية في الشدة فهو القاصف ، وقد قصف يقصف قصفا وقصيفا . وفي حديث موسى - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - وضربه البحر : فانتهى إليه وله قصيف مخافة أن يضربه بعصاه ، أي : صوت هائل يشبه صوت الرعد ، ومنه قولهم : رعد قاصف ، أي : شديد مهلك لصوته . والقصف : اللهو واللعب ، ويقال : إنها مولدة . والقصف : الجلبة والإعلان باللهو . وقصف علينا بالطعام يقصف قصفا : تابع . ابن الأعرابي : القصوف الإقامة في الأكل والشرب . والقصفة : دفعة الخيل عند اللقاء . والقصفة : دفعة الناس وقضتهم وزحمتهم وقد انقصفوا ، وربما قالوه في الماء . وقصفة القوم : تدافعهم وازدحامهم . وفي الحديث يرويه نابغة بني جعدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : أنا والنبيون فراط لقاصفين ، وذلك على باب الجنة ، قال ابن الأثير : هم الذين يزدحمون حتى يقصف بعضهم بعضا ، من القصف الكسر والدفع الشديد ، لفرط الزحام ، يريد أنهم يتقدمون الأمم إلى الجنة وهم على إثرهم بدارا متدافعين ومزدحمين . وقال غيره : الانقصاف الاندفاع . يقال : انقصفوا عنه إذا تركوه ومروا ، معنى الحديث أن النبيين يتقدمون أممهم في الجنة والأمم على أثرهم يبادرون دخولها فيقصف بعضهم بعضا ، أي : يزحم بعضهم بعضا بدارا إليها . وقال ابن الأنباري : معناه أنا والنبيون متقدمون في الشفاعة كثيرين متدافعين مزدحمين . ويقال : سمعت قصفة الناس ، أي : دفعتهم وزحمتهم ، قال العجاج :


                                                          كقصفة الناس من المحرنجم



                                                          وروي في حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : لما يهمني من انقصافهم على باب الجنة أهم عندي من تمام شفاعتي ، قال ابن الأثير : أي أن استسعادهم بدخول الجنة وأن يتم لهم ذلك أهم عندي من أن أبلغ أنا منزلة الشافعين المشفعين ; لأن قبول شفاعته كرامة له ، فوصولهم إلى مبتغاهم آثر عنده من نيل هذه الكرامة لفرط شفقته - صلى الله عليه وسلم - على أمته . وفي حديث أبي بكر - رضي الله عنه - : كان يصلي ويقرأ القرآن فتتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم ، أي : يزدحمون . وفي حديث اليهودي : لما قدم المدينة قال : تركت بني قيلة يتقاصفون على رجل يزعم أنه نبي . وفي الحديث : شيبتني هود وأخواتها قصفن علي الأمم ، أي : ذكر لي فيها هلاك الأمم وقص علي فيها أخبارهم حتى تقاصف بعضها على بعض كأنها ازدحمت بتتابعها . ورجل صلف قصف : كأنه يدافع بالشر . وانقصفوا عليه : تتابعوا . والقصفة : رقة [ ص: 124 ] تخرج في الأرطى ، وجمعها قصف ، وقد أقصف ، وقيل : القصفة قطعة من رمل تتقصف من معظمه حكاه ابن دريد ، والجمع قصف ، وقصفان مثل تمرة وتمر وتمران ، والقصفة : مرقاة الدرجة مثل القصمة وتسمى المرأة الضخمة القصاف . وفي الحديث : خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - على صعدة يتبعها حذاقي عليها قوصف لم يبق منه إلا قرقرها ، قال : والصعدة الأتان ، والحذاقي الجحش ، والقوصف القطيفة ، والقرقر ظهرها . والقصيف : هشيم الشجر . والتقصف : التكسر . ويقال : قصف النبت يقصف قصفا ، فهو قصف إذا طال حتى انحنى من طوله ، قال لبيد :


                                                          حتى تزينت الجواء بفاخر     قصف كألوان الرجال عميم



                                                          أي : نبت فاخر . والبردي إذا طال يقال له القصيف . وبنو قصاف : بطن .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية