الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قذي ]

                                                          قذي : القذى : ما يقع في العين وما ترمي به ، وجمعه أقذاء وقذي قال أبو نخيلة :


                                                          مثل القذى يتبع القذيا



                                                          ، والقذاة : كالقذى ، وقد يجوز أن تكون القذاة الطائفة من القذى . وقذيت عينه تقذى قذى وقذيا وقذيانا : وقع فيها القذى أو صار فيها . وقذت قذيا وقذيانا وقذيا وقذى : ألقت قذاها ، وقذفت بالغمص والرمص ، هذا قول اللحياني ، وقذى عينه وأقذاها : ألقى فيها [ ص: 50 ] القذى وقذاها مشدد لا غير : أخرجه منها . وقال أبو زيد : أقذيتها إذا أخرجت منها القذى ، ومنه يقال : عين مقذاة . ورجل قذي العين على فعل إذا سقطت في عينه قذاة . وقال اللحياني : قذيت عينه أقذيها تقذية أخرجت ما فيها من قذى أو كحل ، فلم يقصره على القذى . والأصمعي : لا يصيبك مني ما يقذي عينك بفتح الياء ، وقال : قذيت عينه تقذى ، إذا صار فيها القذى . الليث : قذيت عينه تقذى ، فهي قذية مخففة ، ويقال قذية مشددة الياء ، قال الأزهري : وأنكر غيره التشديد . ويقال : قذاة واحدة ، وجمعها قذى وأقذاء . الأصمعي : قذت عينه تقذي قذيا رمت بالقذى . وعين مقذية : خالطها القذى . واقتذاء الطير : فتحها عيونها وتغميضها ، كأنها تجلي بذاك قذاها ليكون أبصر لها يقال : اقتذى الطائر إذا فتح عينه ، ثم أغمض إغماضة ، وقد أكثرت العرب تشبيه لمع البرق به ، فقال شاعرهم محمد بن سلمة :


                                                          ألا يا سنى برق على قلل الحمى     لهنك من برق علي كريم
                                                          لمعت اقتذاء الطير ، والقوم هجع     فهيجت أحزانا وأنت سليم



                                                          وقال حميد بن ثور :


                                                          خفى كاقتذاء الطير وهنا كأنه     سراج إذا ما يكشف الليل أظلما



                                                          ، والقذى : ما علا الشراب من شيء يسقط فيه ، التهذيب : وقال حميد يصف برقا :


                                                          خفى كاقتذاء الطير والليل واضع     بأوراقه والصبح قد كاد يلمع



                                                          قال الأصمعي : لا أدري ما معنى قوله : كاقتذاء الطير ، وقال غيره : يريد كما غمض الطير عينه من قذاة وقعت فيها . ابن الأعرابي : الاقتذاء نظر الطير ثم إغماضها تنظر نظرة ثم تغمض ، وأنشد بيت حميد . ابن سيده : القذى ما يسقط في الشراب من ذباب أو غيره . وقال أبو حنيفة : القذى ما يلجأ إلى نواحي الإناء فيتعلق به ، وقد قذي الشراب قذى قال الأخطل :


                                                          وليس القذى بالعود يسقط في الإنا     ولا بذباب قذفه أيسر الأمر
                                                          ولكن قذاها زائر لا نحبه     ترامت به الغيطان من حيث لا ندري



                                                          ، والقذى : ما هراقت الناقة والشاة من ماء ودم قبل الولد وبعده ، وقال اللحياني : هو شيء يخرج من رحمها بعد الولادة ، وقد قذت . وحكى اللحياني : أن الشاة تقذي عشرا بعد الولادة ، ثم تطهر ، فاستعمل الطهر للشاة . وقذت الأنثى تقذي إذا أرادت الفحل فألقت من مائها . يقال : كل فحل يمذي ، وكل أنثى تقذي . قال اللحياني : ويقال أيضا : كل فحل يمني وكل أنثى تقذي . ويقال : قذت الشاة فهي تقذي قذيا إذا ألقت بياضا من رحمها ، وقيل : إذا ألقت بياضا من رحمها حين تريد الفحل . وقاذيته : جازيته ، قال الشاعر :


                                                          فسوف أقاذي الناس إن عشت سالما     مقاذاة حر لا يقر على الذل



                                                          ، والقاذية : أول ما يطرأ عليك من الناس ، وقيل : هم القليل ، وقد قذت قذيا ، وقيل : قذت قاذية إذا أتى قوم من أهل البادية قد أنجموا وهذا يقال بالذال والدال ، وذكر أبو عمرو أنها بالذال المعجمة . قال ابن بري : وهذا الذي يختاره علي بن حمزة الأصبهاني ، قال : وقد حكاها أبو زيد بالدال المهملة ، والأول أشهر . أبو عمرو : أتتنا قاذية من الناس ، بالذال المعجمة ، وهم القليل وجمعها قواذ ، قال أبو عبيد : والمحفوظ بالذال ؛ وقول النبي صلى الله عليه وسلم في فتنة ذكرها : هدنة على دخن وجماعة على أقذاء ، الأقذاء : جمع قذى ، والقذى جمع قذاة ، وهو ما يقع في العين ، والماء والشراب من تراب أو تبن أو وسخ أو غير ذلك ، أراد أن اجتماعهم يكون على فساد من قلوبهم ، فشبهه بقذى العين والماء والشراب . قال أبو عبيد : هذا مثل يقول اجتماع على فساد في القلوب شبه بأقذاء العين . ويقال : فلان يغضي على القذى إذا سكت على الذل والضيم وفساد القلب . وفي الحديث : يبصر أحدكم القذى في عين أخيه ، ويعمى عن الجذع في عينه ، ضربه مثلا لمن يرى الصغير من عيوب الناس ويعيرهم به وفيه من العيوب ما نسبته إليه كنسبة الجذع إلى القذاة ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية