الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قتر ]

                                                          قتر : القتر والتقتير : الرمقة من العيش . قتر يقتر ، ويقتر قترا وقتورا فهو قاتر وقتور وأقتر ، وأقتر الرجل : افتقر ، قال :


                                                          لكم مسجدا الله المزوران والحصى لكم قبصه من بين أثرى وأقترا



                                                          يريد من بين من أثرى وأقتر ، وقال آخر :


                                                          ولم أقتر لدن أني غلام



                                                          وقتر وأقتر كلاهما : كقتر . وفي التنزيل العزيز : والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا ؛ ) ولم يقتروا ) ؛ قال الفراء : لم يقتروا عما يجب عليهم من النفقة . يقال : قتر وأقتر وقتر بمعنى واحد . وقتر على عياله يقتر ، ويقتر قترا وقتورا ، أي : ضيق عليهم في النفقة . وكذلك التقتير ، والإقتار ثلاث لغات . الليث : القتر الرمقة في النفقة . يقال : فلان لا ينفق على عياله إلا رمقة ، أي : ما يمسك إلا الرمق ، ويقال : إنه لقتور مقتر . وأقتر الرجل إذا أقل فهو مقتر ، وقتر فهو مقتور عليه . والمقتر : عقيب المكثر . وفي الحديث : بسقم في بدنه وإقتار في رزقه . الإقتار : التضييق على الإنسان في الرزق ، ويقال : أقتر الله رزقه ، أي : ضيقه وقلله . وفي الحديث : موسع عليه في الدنيا ومقتور عليه في الآخرة . وفي الحديث : فأقتر أبواه حتى جلسا مع الأوفاض ، أي : افتقرا حتى جلسا مع الفقراء . والقتر : ضيق العيش ، وكذلك الإقتار .

                                                          [ ص: 21 ] وأقتر : قل ماله وله بقية مع ذلك . والقتر : جمع القترة ، وهي الغبرة ، ومنه قوله تعالى : ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة ؛ عن أبي عبيدة ، وأنشد للفرزدق :


                                                          متوج برداء الملك يتبعه     موج ترى فوقه الرايات والقترا



                                                          التهذيب : القترة غبرة يعلوها سواد كالدخان ، والقتار ريح القدر وقد يكون من الشواء ، والعظم المحرق وريح اللحم المشوي . ولحم قاتر إذا كان له قتار لدسمه وربما جعلت العرب الشحم والدسم قتارا ، ومنه قول الفرزدق :


                                                          إليك تعرقنا الذرى برحالنا     وكل قتار في سلامى وفي صلب



                                                          وفي حديث جابر رضي الله عنه : لا تؤذ جارك بقتار قدرك . هو ريح القدر والشواء ونحوهما . وقتر اللحم وقتر يقتر بالكسر ، ويقتر وقتر : سطعت ريح قتاره . وقتر للأسد : وضع له لحما في الزبية يجد قتاره . والقتار : ريح العود الذي يحرق فيدخن به ، قال الأزهري : هذا وجه صحيح ، وقد قاله غيره ، وقال الفراء : هو آخر رائحة العود إذا بخر به قاله في كتاب المصادر ، قال : والقتار عند العرب ريح الشواء إذا ضهب على الجمر ، وأما رائحة العود إذا ألقي على النار فإنه لا يقال له القتار ، ولكن العرب وصفت استطابة المجدبين رائحة الشواء أنه عندهم لشدة قرمهم إلى أكله كرائحة العود لطيبه في أنوفهم . والتقتير : تهييج القتار ، والقتار : ريح البخور ، قال طرفة :


                                                          حين قال القوم في مجلسهم     أقتار ذاك أم ريح قطر



                                                          ، والقطر : العود الذي يتبخر به ، ومنه قول الأعشى :


                                                          وإذا ما الدخان شبه بالآ     نف يوما بشتوة أهضاما



                                                          ، والأهضام : العود الذي يوقد ليستجمر به ، قال لبيد في مثله :


                                                          ولا أضن بمعبوط السنام إذا     كان القتار كما يستروح القطر



                                                          أخبر أنه يجود بإطعام اللحم في المحل إذا كان ريح قتار اللحم عند القرمين كرائحة العود يبخر به . وكباء مقتر ، وقترت النار : دخنت ، وأقترتها أنا ؛ قال الشاعر :


                                                          تراها الدهر مقترة كباء     ومقدح صفحة فيها نقيع



                                                          وأقترت المرأة فهي مقترة إذا تبخرت بالعود . وفي الحديث : وقد خلفتهم قترة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، القترة : غبرة الجيش وخلفتهم ، أي : جاءت بعدهم . وقتر الصائد للوحش إذا دخن بأوبار الإبل لئلا يجد الصيد ريحه فيهرب منه . والقتر ، والقتر : الناحية ، والجانب ، لغة في القطر ، وهي الأقتار ، والأقطار وجمع القتر ، والقتر أقتار . وقتره : صرعه على قترة . وتقتر فلان ، أي : تهيأ للقتال مثل تقطر . وتقتر للأمر : تهيأ له وغضب . وتقتره واستقتره : حاول ختله والاستمكان به ، الأخيرة عن الفارسي ، والتقاتر : التخاتل عنه أيضا ، وقد تقتر فلان عنا ، وتقطر إذا تنحى ، قال الفرزدق :


                                                          وكنا به مستأنسين كأنه     أخ أو خليط عن خليط تقترا



                                                          ، والقتر : المتكبر عن ثعلب ، وأنشد :


                                                          نحن أجزنا كل ذيال قتر     في الحج من قبل دآدي المؤتمر



                                                          وقتر ما بين الأمرين وقتره : قدره . الليث : التقتير أن تدني متاعك بعضه من بعض أو بعض ركابك إلى بعض ، تقول : قتر بينها ، أي : قارب . والقترة : صنبور القناة ، وقيل هو الخرق الذي يدخل منه الماء الحائط . والقترة : ناموس الصائد وقد اقتتر فيها . أبو عبيدة : القترة البئر يحتفرها الصائد يكمن فيها وجمعها قتر . والقترة : كثبة من بعر أو حصى تكون قترا قترا ، قال الأزهري : أخاف أن يكون تصحيفا وصوابه القمزة ، والجمع القمز ، والكثبة من الحصى وغيره . وقتر الشيء : ضم بعضه إلى بعض . والقاتر من الرحال والسروج : الجيد الوقوع على ظهر البعير ، وقيل : اللطيف منها ، وقيل : هو الذي لا يستقدم ولا يستأخر ، وقال أبو زيد : هو أصغر السروج . ورحل قاتر ، أي : قلق لا يعقر ظهر البعير . والقتير : الشيب ، وقيل : هو أول ما يظهر منه . وفي الحديث : أن رجلا سأله عن امرأة أراد نكاحها ، قال : وبقدر أي النساء هي ؟ قال : قد رأت القتير ، قال : دعها القتير : المشيب وأصل القتير رءوس مسامير حلق الدروع تلوح فيها شبه بها الشيب إذا ثقب في سواد الشعر . الجوهري : والقتير رءوس المسامير في الدرع ، قال الزفيان :


                                                          جوارنا ترى لها قتيرا



                                                          وقول ساعدة بن جؤية :


                                                          ضبر لباسهم القتير مؤلب



                                                          القتير : مسامير الدرع وأراد به هاهنا الدرع نفسها . وفي حديث أبي أمامة رضي الله تعالى عنه : من اطلع من قترة ففقئت عينه فهي هدر ، القترة بالضم : الكوة النافذة وعين التنور وحلقة الدرع وبيت الصائد ، والمراد الأول . وجوب قاتر ، أي : ترس حسن التقدير ، ومنه قول أبي دهبل الجمحي :


                                                          درعي دلاص شكها شك عجب     وجوبها القاتر من سير اليلب



                                                          ، والقتر ، والقترة : نصال الأهداف ، وقيل : هو نصل كالزج حديد الطرف قصير نحو من قدر الأصبع ، وهو أيضا القصب الذي ترمى به الأهداف ، وقيل : القترة واحد ، والقتر جمع ، فهو على هذا من باب سدرة وسدر ، قال أبو ذؤيب يصف النخل :


                                                          إذا نهضت فيه تصعد نفرها     كقتر الغلاء مستدر صيابها



                                                          الجوهري : والقتر بالكسر ضرب من النصال نحو من المرماة ، وهي سهم الهدف ، وقال الليث : هي الأقتار ، وهي سهام صغار ؛ يقال : أغاليك إلى عشر أو أقل ، وذلك القتر بلغة هذيل . يقال : كم فعلتم قتركم ، وأنشد بيت أبي ذؤيب . ابن الكلبي : أهدى يكسوم ابن أخي الأشرم للنبي صلى الله عليه وسلم سلاحا فيه سهم لغب قد ركبت معبلة في رعظه فقوم فوقه ، وقال : هو مستحكم الرصاف ، وسماه قتر الغلاء . وروى حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس : أن أبا طلحة كان يرمي والنبي صلى الله عليه وسلم يقتر بين يديه وكان راميا ، فكان أبو طلحة رضي الله تعالى عنه يشور نفسه ، ويقول له إذا رفع شخصه : نحري دون نحرك [ ص: 22 ] يا رسول الله ، يقتر بين يديه ، قال ابن الأثير : يقتر بين يديه ، أي : يسوي له النصال ، ويجمع له السهام من التقتير ، وهو المقاربة بين الشيئين وإدناء أحدهما من الآخر ، قال : ويجوز أن يكون من القتر وهو نصل الأهداف ، وقيل : القتر سهم صغير ، والغلاء مصدر غالى بالسهم إذا رماه غلوة ، وقال أبو حنيفة : القتر من السهام مثل القطب واحدته قترة ، والقترة والسروة واحد . وابن قترة : ضرب من الحيات خبيث إلى الصغر ما هو لا يسلم من لدغها مشتق من ذلك ، وقيل : هو بكر الأفعى ، وهو نحو من الشبر ينزو ثم يقع ، شمر : ابن قترة حية صغيرة تنطوي ثم تنزو في الرأس ، والجمع بنات قترة ، وقال ابن شميل : هو أغيبر اللون صغير أرقط ينطوي ثم ينقز ذراعا أو نحوها وهو لا يجرى ، يقال : هذا ابن قترة ، وأنشد :


                                                          له منزل أنف ابن قترة يقتري     به السم لم يطعم نقاخا ولا بردا



                                                          وقترة معرفة لا ينصرف . وأبو قترة : كنية إبليس . وفي الحديث : تعوذوا بالله من قترة وما ولد هو بكسر القاف وسكون التاء اسم إبليس .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية