الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قبر ]

                                                          قبر : القبر : مدفن الإنسان وجمعه قبور ، والمقبر المصدر . والمقبرة بفتح الباء وضمها : موضع القبور . قال سيبويه : المقبرة ليس على الفعل ولكنه اسم . الليث : والمقبر أيضا موضع القبر وهو المقبري ، والمقبري . الجوهري : المقبرة ، والمقبرة واحدة المقابر ، وقد جاء في الشعر المقبر ، قال عبد الله بن ثعلبة الحنفي :


                                                          أزور وأعتاد القبور ولا أرى سوى رمس أعجار عليه ركود     لكل أناس مقبر بفنائهم
                                                          فهم ينقصون والقبور تزيد



                                                          قال ابن بري : قول الجوهري : وقد جاء في الشعر المقبر يقتضي أنه من الشاذ ، قال : وليس كذلك بل هو قياس في اسم المكان من قبر يقبر المقبر ، و من خرج يخرج المخرج ، و من دخل يدخل المدخل ، وهو قياس مطرد لم يشذ منه غير الألفاظ المعروفة ، مثل المبيت ، والمسقط ، والمطلع ، والمشرق ، والمغرب ونحوها . والفناء : ما حول الدار ، قال : وهمزته منقلبة عن واو ، بدليل قولهم : شجرة فنواء ، أي : واسعة الفناء لكثرة أغصانها . وفي الحديث : نهى عن الصلاة في المقبرة ، هي موضع دفن الموتى ، وتضم باؤها وتفتح ، وإنما نهى عنها لاختلاط ترابها بصديد الموتى ونجاساتهم ، فإن صلى في مكان طاهر منها صحت صلاته ، ومنه الحديث : لا تجعلوا بيوتكم مقابر ، أي : لا تجعلوها لكم كالقبور لا تصلون فيها ; لأن العبد إذا مات وصار في قبره لم يصل ، ويشهد له قوله فيه : اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا ، وقيل : معناه لا تجعلوها كالمقابر التي لا تجوز الصلاة فيها ، قال : والأول الوجه . وقبره يقبره ، ويقبره : دفنه . وأقبره : جعل له قبرا . وأقبر إذا أمر إنسانا بحفر قبر . قال أبو عبيدة : قالت بنو تميم للحجاج وكان قتل صالح بن عبد الرحمن : أقبرنا صالحا ، أي : ائذن لنا في أن نقبره ، فقال لهم : دونكموه . الفراء في قوله تعالى : ثم أماته فأقبره أي : جعله مقبورا ممن يقبر ولم يجعله ممن يلقى للطير والسباع ، ولا ممن يلقى في النواويس ، كان القبر مما أكرم به المسلم ، وفي الصحاح : مما أكرم به بنو آدم ، ولم يقل فقبره ; لأن القابر هو الدافن بيده ، والمقبر هو الله ؛ لأنه صيره ذا قبر ، وليس فعله كفعل الآدمي ، والإقبار : أن يهيئ له قبرا أو ينزله منزله . وفي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الدجال ولد مقبورا ، قال أبو العباس : معنى قوله : ولد مقبورا أن أمه وضعته وعليه جلدة مصمتة ليس فيها شق ولا نقب ، فقالت قابلته : هذه سلعة وليس ولدا ، فقالت أمه : بل فيها ولد وهو مقبور فيها ، فشقوا عنه فاستهل . وأقبره : جعل له قبرا يوارى فيه ويدفن فيه . وأقبرته : أمرت بأن يقبر . وأقبر القوم قتيلهم : أعطاهم إياه يقبرونه . وأرض قبور : غامضة . ونخلة قبور : سريعة الحمل ، وقيل : هي التي يكون حملها في سعفها ، ومثلها كبوس . والقبر : موضع متأكل في عود الطيب . والقبرى : العظيم الأنف ، وقيل : هو الأنف نفسه . يقال : جاء فلان رامعا قبراه ورامعا أنفه إذا جاء مغضبا ، ومثله : جاء نافخا قبراه ووارما خورمته وأنشد :


                                                          لما أتانا رامعا قبراه     لا يعرف الحق وليس يهواه



                                                          ابن الأعرابي : القبيرة تصغير القبراة ، وهي رأس القنفاء . قال : والقبراة أيضا طرف الأنف ، تصغيره قبيرة . والقبر : عنب أبيض فيه طول وعناقيده متوسطة ، ويزبب . والقبر ، والقبرة ، والقنبر ، والقنبرة ، والقنبراء : طائر يشبه الحمرة ، الجوهري : القبرة واحدة القبر ، وهو ضرب من الطير ، قال طرفة وكان يصطاد هذا الطير في صباه :


                                                          يا لك من قبرة بمعمر     خلا لك الجو فبيضي واصفري
                                                          ونقري ما شئت أن تنقري     قد ذهب الصياد عنك فابشري
                                                          لا بد من أخذك يوما فاصبري



                                                          قال ابن بري :


                                                          يا لك من قبرة بمعمر



                                                          لكليب بن ربيعة التغلبي وليس لطرفة كما ذكر وذلك أن كليب بن ربيعة خرج يوما في حماه فإذا هو بقبرة على بيضها ، والأكثر في الرواية بحمرة على بيضها ، فلما نظرت إليه صرصرت وخفقت بجناحيها ، فقال لها : أمن روعك ، أنت وبيضك في ذمتي ، ثم دخلت ناقة البسوس إلى الحمى ، فكسرت البيض فرماها كليب في ضرعها . والبسوس : امرأة ، وهي خالة جساس بن مرة الشيباني ، فوثب جساس على كليب فقتله فهاجت حرب بكر وتغلب ابني وائل بسببها أربعين سنة . والقنبراء : لغة فيها ، والجمع القنابر مثل العنصلاء ، والعناصل ، قال : والعامة تقول القنبرة ، وقد جاء ذلك في الرجز أنشده أبو عبيدة :


                                                          جاء الشتاء واجثأل القنبر     وجعلت عين الحرور تسكر



                                                          أي : يسكن حرها وتخبو . والقبار : قوم يتجمعون لجر ما في الشباك من الصيد ، عمانية ، قال العجاج :


                                                          كأنما تجمعوا قبارا



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية