الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 290 ] 66

ثم دخلت سنة ست وستين

ذكر وثوب المختار بالكوفة

في هذه السنة رابع عشر ربيع الأول وثب المختار بالكوفة وأخرج عنها عبد الله بن مطيع عامل عبد الله بن الزبير .

وسبب ذلك أن سليمان بن صرد لما قتل قدم من بقي من أصحابه الكوفة ، فلما قدموا وجدوا المختار محبوسا قد حبسه عبد الله بن يزيد الحطمي وإبراهيم بن محمد بن طلحة ، وقد تقدم ذكر ذلك ، فكتب إليه من الحبس يثني عليهم ويمينهم الظفر ويعرفهم أنه هو الذي أمره محمد بن علي ، المعروف بابن الحنفية ، يطلب الثأر ، فقرأ كتابه رفاعة بن شداد والمثنى بن مخربة العبدي وسعد بن حذيفة بن اليمان ويزيد بن أنس وأحمر بن شميط الأحمسي وعبد الله بن شداد البجلي وعبد الله بن كامل ، فلما قرأ كتابه بعثوا إليه ابن كامل يقولون له : إننا بحيث يسرك ، فإن شئت أن نأتيك ونخرجك من الحبس فعلنا . فأتاه فأخبره ، فسر بذلك وقال لهم : إني أخرج في أيامي هذه .

وكان المختار قد أرسل إلى ابن عمر يقول له : إنني قد حبست مظلوما ، ويطلب إليه أن يشفع فيه إلى عبد الله بن يزيد وإبراهيم بن محمد بن طلحة ، فكتب إليهما ابن عمر في أمره ، فشفعاه وأخرجاه من السجن وضمناه ، وحلفاه أنه لا يبغيهما غائلة ولا يخرج عليهما ما كان لهما سلطان ، فإن فعل فعليه ألف بدنة ينحرها عند الكعبة ومماليكه أحرار ، ذكرهم وأنثاهم .

فلما خرج نزل بداره ، فقال لمن يثق به : قاتلهم الله ما أحمقهم حين يرون أني أفي لهم ! أما حلفي بالله فإنني إذا حلفت على يمين فرأيت خيرا منها ( كفرت عن ) [ ص: 291 ] يميني ، وخروجي عليهم خير من كفي عنهم ، وأما هدي البدن وعتق المماليك فهو أهون علي من بصقة ، فوددت أن تم لي أمري ولا أملك بعده مملوكا أبدا .

ثم اختلفت إليه الشيعة واتفقوا على الرضى به ، ولم يزل أصحابه يكثرون ، وأمره يقوى حتى عزل ابن الزبير عبد الله بن يزيد الحطمي وإبراهيم بن محمد بن طلحة واستعمل عبد الله بن مطيع على عملهما بالكوفة ، فلقيه بحير بن ريسان الحميري عند مسيره إلى الكوفة فقال له : لا تسر الليلة فإن القمر بالناطح فلا تسر ، فقال له : وهل نطلب إلا النطح ! فلقي نطحا كما يريد ، فكان البلاء موكلا بمنطقه ، وكان شجاعا .

وسار إبراهيم إلى المدينة وكسر الخوارج وقال : كانت فتنة ، فسكت عنه ابن الزبير .

وكان قدوم ابن مطيع في رمضان لخمس بقين منه ، وجعل على شرطته إياس بن مضارب العجلي ، وأمره بحسن السيرة والشدة على المريب ، ولما قدم صعد المنبر فخطبهم وقال : أما بعد فإن أمير المؤمنين بعثني على مصركم وثغوركم ، وأمرني بجباية فيئكم وأن لا أحمل فضل فيئكم عنكم إلا برضى منكم ، وأن أتبع وصية عمر بن الخطاب التي أوصى بها عند وفاته ، وسيرة عثمان بن عفان ، فاتقوا الله واستقيموا ولا تختلفوا وخذوا على أيدي سفهائكم ، فإن لم تفعلوا فلوموا أنفسكم [ ولا تلوموني ] فوالله لأوقعن بالسقيم العاصي ، ولأقيمن درء الأصعر المرتاب .

فقام إليه السائب بن مالك الأشعري فقال : أما حمل فيئنا برضانا فإنا نشهد أنا لا نرضى أن يحمل عنا فضله وأن لا يقسم إلا فينا ، وأن لا يسار فينا إلا بسيرة علي بن أبي طالب التي سار بها في بلادنا هذه حتى هلك ، ولا حاجة لنا في سيرة عثمان في فيئنا ولا في أنفسنا ، ولا في سيرة عمر بن الخطاب فينا ، وإن كانت أهون السيرتين علينا ، وقد كان يفعل بالناس خيرا .

فقال يزيد بن أنس : صدق السائب وبر .

فقال ابن مطيع : نسير فيكم بكل سيرة أحببتموها . ثم نزل .

[ ص: 292 ] وجاء إياس بن مضارب إلى ابن مطيع فقال له : إن السائب بن مالك من رءوس أصحاب المختار ، فابعث إلى المختار فليأتك ، فإذا جاء فاحبسه حتى يستقيم أمر الناس ، فإن أمره قد استجمع له وكأنه قد وثب بالمصر .

فبعث ابن مطيع إلى المختار زائدة بن قدامة وحسين بن عبد الله البرسمي من همدان ، فقالا : أجب الأمير ، فعزم على الذهاب ، فقرأ زائدة : وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك الآية ، فألقى المختار ثيابه وقال : ألقوا علي قطيفة فقد وعكت ، إني لأجد بردا شديدا ، ارجعا إلى الأمير فأعلماه حالي . فعادا إلى ابن مطيع فأعلماه ، فتركه . ووجه المختار إلى أصحابه فجمعهم حوله في الدور وأراد أن يثب في الكوفة في المحرم ، فجاء رجل من أصحاب شبام ، وشبام حي من همدان ، وكان شريفا اسمه عبد الرحمن بن شريح ، فلقي سعيد بن منقذ الثوري وسعر بن أبي سعر الحنفي والأسود بن جراد الكندي وقدامة بن مالك الجشمي فقال لهم : إن المختار يريد أن يخرج بنا ولا ندري أرسله ابن الحنفية أم لا ، فانهضوا بنا إلى ابن الحنفية نخبره بما قدم علينا به المختار ، فإن رخص لنا في اتباعه تبعناه وإن نهانا عنه اجتنبناه ، فوالله ما ينبغي أن يكون شيء من الدنيا آثر عندنا من سلامة ديننا . قالوا له : أصبت .

فخرجوا إلى ابن الحنفية ، فلما قدموا عليه سألهم عن حال الناس فأخبروه عن حالهم وما هم عليه وأعلموه حال المختار وما دعاهم إليه واستأذنوه في اتباعه .

فلما فرغوا من كلامهم قال لهم بعد أن حمد الله وأثنى عليه وذكر فضيلة أهل البيت والمصيبة بقتل الحسين ، ثم قال لهم : وأما ما ذكرتم ممن دعاكم إلى الطلب بدمائنا فوالله لوددت أن الله انتصر لنا من عدونا بمن شاء من خلقه ، ولو كره لقال لا تفعلوا .

فعادوا وناس من الشيعة ينتظرونهم ممن أعلموه بحالهم وكان ذلك قد شق على المختار وخاف أن يعودوا بأمر يخذل الشيعة عنه ، فلما قدموا الكوفة دخلوا على المختار قبل دخولهم إلى بيوتهم ، فقال لهم : ما وراء كم فقد فتنتم وارتبتم ! فقالوا له : إنا قد أمرنا بنصرك . فقال : الله أكبر ، اجمعوا إلي الشيعة ، فجمع من كان قريبا منهم ، فقال لهم : إن نفرا قد أحبوا أن يعلموا مصداق ما جئت به فرحلوا إلى الإمام المهدي ، فسألوه عما قدمت به عليكم ، فنبأهم أني وزيره وظهيره ورسوله وأمركم باتباعي وطاعتي فيما [ ص: 293 ] دعوتكم إليه من قتال المحلين والطلب بدماء أهل بيت نبيكم المصطفين .

فقام عبد الرحمن بن شريح وأخبرهم بحالهم ومسيرهم وأن ابن الحنفية أمرهم بمظاهرته ومؤازرته ، وقال لهم : ليبلغ الشاهد الغائب واستعدوا وتأهبوا .

وقام جماعة من أصحابه فقالوا نحوا من كلامه .

فاستجمعت له الشيعة ، وكان من جملتهم الشعبي وأبوه شراحيل ، فلما تهيأ أمره للخروج قال له بعض أصحابه : إن أشراف أهل الكوفة مجمعون على قتالكم مع ابن مطيع ، فإن أجابنا إلى أمرنا إبراهيم بن الأشتر رجونا القوة على عدونا ، فإنه فتى رئيس ، وابن رجل شريف ، له عشيرة ذات عز وعدد .

فقال لهم المختار : فالقوه وادعوه . فخرجوا إليه ومعهم الشعبي فأعلموه حالهم وسألوه مساعدتهم عليه وذكروا له ما كان أبوه عليه من ولاء علي وأهل بيته . ( فقال لهم : إني قد أجبتكم إلى الطلب بدم الحسين وأهل بيته على أن تولوني الأمر ) فقالوا له : أنت لذلك أهل ولكن ليس إلى ذلك سبيل ، هذا المختار قد جاءنا من قبل المهدي وهو المأمور بالقتال وقد أمرنا بطاعته . فسكت إبراهيم ولم يجبهم ، فانصرفوا عنه فأخبروا المختار ، فمكث ثلاثا ثم سار في بضعة عشر من أصحابه والشعبي وأبوه فيهم إلى إبراهيم فدخلوا عليه ، فألقى لهم الوسائد ، فجلسوا عليها وجلس المختار معه على فراشه ، فقال له المختار : هذا كتاب من المهدي محمد بن علي أمير المؤمنين وهو خير أهل الأرض اليوم وابن خير أهلها قبل اليوم بعد أنبياء الله ورسله ، وهو يسألك أن تنصرنا وتؤازرنا .

قال الشعبي : وكان الكتاب معي ، فلما قضى كلامه قال لي : ادفع الكتاب إليه ، فدفعه إليه الشعبي ، فقرأه فإذا فيه : من محمد المهدي إلى إبراهيم بن مالك الأشتر ، سلام عليك فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو ، أما بعد فإني قد بعثت إليكم وزيري وأميني الذي ارتضيته لنفسي وأمرته بقتال عدوي ، والطلب بدماء أهل بيتي ، فانهض معهم بنفسك وعشيرتك ومن أطاعك فإنك إن نصرتني وأجبت دعوتي ، كانت لك بذلك عندي فضيلة ، ولك أعنة الخيل وكل جيش غاز وكل مصر ومنبر وثغر ظهرت عليه فيما بين الكوفة وأقصى بلاد الشام .

فلما فرغ من قراءة الكتاب قال : قد كتب إلي ابن الحنفية قبل اليوم وكتبت فلم يكتب إلي باسمه واسم أبيه . قال المختار : إن ذلك زمان وهذا زمان . قال : فمن يعلم [ ص: 294 ] أن هذا كتابه [ إلي ] ؟ فشهد جماعة ممن معه ، منهم : زيد بن أنس وأحمر بن شميط وعبد الله بن كامل وجماعتهم إلا الشعبي .

فلما شهدوا تأخر إبراهيم عن صدر الفراش وأجلس المختار عليه وبايعه ثم خرجوا من عنده ، وقال إبراهيم للشعبي : قد رأيتك لم تشهد مع القوم أنت ولا أبوك ، أفترى هؤلاء شهدوا على حق ؟ فقال له : هؤلاء سادة القراء ومشيخة المصر وفرسان العرب ولا يقول مثلهم إلا حقا .

فكتب أسماءهم وتركها عنده ، ودعا إبراهيم عشيرته ومن أطاعه وأقبل يختلف إلى المختار كل عشية عند المساء يدبرون أمورهم ، واجتمع رأيهم على أن يخرجوا ليلة الخميس لأربع عشرة من ربيع الأول سنة ست وستين .

فلما كان تلك الليلة عند المغرب صلى إبراهيم بأصحابه ثم خرج يريد المختار وعليه على أصحابه السلاح ، وقد أتى إياس بن مضارب عبد الله بن مطيع فقال له : إن المختار خارج عليك بإحدى هاتين الليلتين وقد بعث ابني إلى الكناسة فلو بعثت في كل جبانة عظيمة بالكوفة رجلا من أصحابك في جماعة من أهل الطاعة لهاب المختار وأصحابه الخروج عليك .

فبعث ابن مطيع عبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني إلى جبانة السبيع ، وقال : اكفني قومك ولا تحدثن بها حدثا . وبعث كعب بن أبي كعب الخثعمي إلى جبانة بشر . وبعث زحر بن قيس الجعفي إلى جبانة كندة . وبعث عبد الرحمن بن مخنف إلى جبانة الصائديين . وبعث شمر بن ذي الجوشن إلى جبانة سالم . وبعث يزيد بن رويم إلى جبانة المراد ، وأوصى كلا منهم أن لا يؤتى من قبله . وبعث شبث بن ربعي إلى السبخة وقال : إذا سمعت صوت القوم فوجه نحوهم .

وكان خروجهم إلى الجبابين يوم الاثنين ، وخرج إبراهيم بن الأشتر يريد المختار ليلة الثلاثاء وقد بلغه أن الجبابين قد ملئت رجالا ، وأن إياس بن مضارب في الشرط قد أحاط بالسوق والقصر ، فأخذ معه من أصحابه نحو مائة دارع ، وقد لبسوا عليها الأقبية ، فقال له أصحابه : تجنب الطريق . فقال : والله لأمرن وسط السوق بجنب القصر ولأرعبن عدونا ولأرينهم هوانهم علينا .

فسار على باب الفيل ثم على دار عمرو بن حريث ، فلقيهم إياس بن مضارب في [ ص: 295 ] الشرط مظهرين السلاح . فقال : من أنتم ؟ فقال إبراهيم : أنا إبراهيم بن الأشتر . فقال إياس : ما هذا الجمع الذي معك وما تريد ؟ لست بتاركك حتى آتي بك الأمير . فقال إبراهيم : خل سبيلا . قال : لا أفعل ، وكان مع إياس بن مضارب رجل من همدان يقال له أبو قطن ، وكان يكرمه ، وكان صديقا لابن الأشتر ، فقال له ابن الأشتر : ادن مني يا أبا قطن ، فدنا منه ، وهو يظن أن إبراهيم يطلب منه أن يشفع فيه إلى إياس ، فلما دنا منه أخذ رمحا كان معه وطعن به إياسا في ثغرة نحره فصرعه ، وأمر رجلا من قومه فاحتز رأسه ، وتفرق أصحاب إياس ورجعوا إلى ابن مطيع .

فبعث مكانه ابنه راشد بن إياس على الشرط ، وبعث مكان راشد إلى الكناسة سويد بن عبد الرحمن المنقري أبا القعقاع بن سويد . وأقبل إبراهيم بن الأشتر إلى المختار وقال له : إنا اتعدنا للخروج القابلة ، وقد جاء أمر لا بد من الخروج الليلة ، وأخبره الخبر ، ففرح المختار بقتل إياس وقال : هذا أول الفتح إن شاء الله تعالى ! ثم قال لسعيد بن منقذ : قم فأشعل النيران في الهوادي والقصب وارفعها وسر أنت يا عبد الله بن شداد فناد : يا منصور أمت ، وقم أنت يا سفيان بن ليلى وأنت يا قدامة بن مالك فناديا : يا لثارات الحسين ! ثم لبس سلاحه .

فقال له إبراهيم : إن هؤلاء الذين في الجبابين يمنعون أصحابنا من إتياننا فلو سرت إلى قومي بمن معي ودعوت من أجابني وسرت بهم في نواحي الكوفة ودعوت بشعارنا لخرج إلينا من أراد الخروج ومن أتاك حبسته عندك إلى من معك ، فإن عوجلت كان عندك من يمنعك إلى أن آتيك . فقال له : افعل وعجل وإياك أن تسير إلى أميرهم تقاتله ولا تقاتل أحدا وأنت تستطيع أن لا تقاتله إلا أن يبدأك أحد بقتال .

فخرج إبراهيم وأصحابه حتى أتى قومه ، واجتمع إليه جل من كان أجابه ، وسار بهم في سكك المدينة ليلا طويلا وهو ينتخب المواضع التي فيها الأمراء الذين وضعهم ابن مطيع ، فلما انتهى إلى مسجد السكون أتاه جماعة من خيل زحر بن قيس الجعفي ليس عليهم أمير ، فحمل عليهم إبراهيم فكشفهم حتى أدخلهم جبانة كندة وهو يقول : اللهم إنك تعلم أنا غضبنا لأهل بيت نبيك وثرنا لهم فانصرنا على هؤلاء .

ثم رجع إبراهيم عنهم بعد أن هزمهم ، ثم سار حتى أتى جبانة أثير ، فتنادوا بشعارهم ، فوقف فيها ، فأتاه سويد بن عبد الرحمن المنقري ورجا أن يصيبهم فيحظى بها عند ابن مطيع ، فلم يشعر به إبراهيم إلا وهو معه فقال إبراهيم لأصحابه : يا شرطة [ ص: 296 ] الله انزلوا فإنكم أولى بالنصر من هؤلاء الفساق الذين خاضوا في دماء أهل بيت نبيكم ، فنزلوا ، ثم حمل عليهم إبراهيم حتى أخرجهم إلى الصحراء فانهزموا ، فركب بعضهم بعضا وهم يتلاومون ، وتبعهم حتى أدخلهم الكناسة ، فقال لإبراهيم أصحابه : اتبعهم واغتنم ما دخلهم من الرعب . فقال : لا ولكن نأتي صاحبنا يؤمن الله بنا وحشته ، ويعلم ما كان من نصرنا له فيزداد هو وأصحابه قوة ، مع أني لا آمن أن يكون قد أتي .

ثم سار إبراهيم حتى أتى باب المختار ، فسمع الأصوات عالية والقوم يقتتلون ، وقد جاء شبث بن ربعي من قبل السبخة ، فعبأ له المختار يزيد بن أنس . وجاء حجار بن أبجر العجلي فجعل المختار في وجهه أحمر بن شميط . فبينما الناس يقتتلون إذ جاء إبراهيم من قبل القصر فبلغ حجارا وأصحابه أن إبراهيم قد أتاهم من ورائهم ، فتفرقوا في الأزقة قبل أن يأتيهم ، وجاء قيس بن طهفة النهدي في قريب من مائة ، وهو من أصحاب المختار ، فحمل على شبث بن ربعي ( وهو يقاتل يزيد بن أنس ، فخلى لهم الطريق حتى اجتمعوا وأقبل شبث ) إلى ابن مطيع وقال له : اجمع الأمراء الذين بالجبابين وجميع الناس ثم أنفذ إلى هؤلاء فقاتلهم ، فإن أمرهم قد قوي وقد خرج المختار وظهر واجتمع له أمره .

فلما بلغ قوله المختار خرج في جماعة من أصحابه حتى نزل في ظهر دير هند في السبخة وخرج أبو عثمان النهدي فنادى في شاكر وهم مجتمعون في دورهم يخافون أن يظهروا لقرب كعب الخثعمي منهم ، وكان قد أخذ عليهم أفواه السكك . فلما أتاهم أبو عثمان في جماعة من أصحابه نادى : يا لثارات الحسين ! يا منصور أمت أمت ! يا أيها الحي المهتدون ، إن أمين آل محمد ووزيرهم قد خرج فنزل دير هند وبعثني إليكم داعيا ومبشرا ، فاخرجوا رحمكم الله ! فخرجوا يتداعون : يا لثارات الحسين ! وقاتلوا كعبا حتى خلى لهم الطريق ، فأقبلوا إلى المختار فنزلوا معه ، وخرج عبد الله بن قتادة في نحو من مائتين فنزل مع المختار ، وكان قد تعرض لهم كعب ، فلما عرفهم أنهم من قومه خلى عنهم . وخرجت شبام ، وهم حي من همدان ، من آخر ليلتهم ، فبلغ خبرهم [ ص: 297 ] عبد الرحمن بن سعيد الهمداني ، فأرسل إليهم : إن كنتم تريدون المختار فلا تمروا على جبانة السبيع . فلحقوا بالمختار ، فتوافى إلى المختار ثلاثة آلاف وثمانمائة من اثني عشر ألفا كانوا بايعوه ، فاجتمعوا له قبل الفجر ، فأصبح وقد فرغ من تعبيته وصلى بأصحابه بغلس .

وأرسل ابن مطيع إلى الجبابين فأمر من بها أن يأتوا المسجد ، وأمر راشد بن إياس فنادى في الناس : برئت الذمة من رجل لم يأت المسجد الليلة . فاجتمعوا فبعث ابن مطيع شبث بن ربعي في نحو ثلاثة آلاف إلى المختار ، وبعث راشد بن إياس في أربعة آلاف من الشرط .

فسار شبث إلى المختار ، فبلغه خبره وقد فرغ من صلاة الصبح ، فأرسل من أتاه بخبرهم ، وأتى إلى المختار ذلك الوقت سعر بن أبي سعر الحنفي ، وهو من أصحابه ، لم يقدر على إتيانه إلا تلك الساعة ، فرأى راشد بن إياس في طريقه فأخبر المختار خبره أيضا ، فبعث المختار إبراهيم بن الأشتر إلى راشد في سبع مائة ، وقيل في ستمائة فارس وستمائة راجل ، وبعث نعيم بن هبيرة ، أخا مصقلة بن هبيرة ، في ثلاثمائة فارس وستمائة راجل وأمره بقتال شبث بن ربعي ومن معه ، وأمرهما بتعجيل القتال وأن لا يستهدفا لعدوهما فإنه أكثر منهما ، فتوجه إبراهيم إلى راشد ، وقدم المختار يزيد بن أنس في موضع مسجد شبث بن ربعي في تسعمائة أمامه ، فتوجه نعيم إلى شبث فقاتله قتالا شديدا ، فجعل نعيم سعر بن أبي سعر على الخيل ومشى هو في الرجالة فقاتلهم حتى أشرقت الشمس وانبسطت ، فانهزم أصحاب شبث حتى دخلوا البيوت ، فناداهم شبث وحرضهم ، فرجع إليه منهم جماعة ، فحملوا على أصحاب نعيم وقد تفرقوا ، فهزمهم ، وصبر نعيم فقتل ، وأسر سعر بن أبي سعر وجماعة من أصحابه ، فأطلق العرب وقتل الموالي ، وجاء شبث حتى أحاط بالمختار ، وكان قد وهن لقتل نعيم .

وبعث ابن مطيع يزيد بن الحارث بن رويم في ألفين ، فوقفوا في أفواه السكك ، وولى المختار يزيد بن أنس خيله وخرج هو في الرجالة ، فحملت عليه خيل شبث فلم يبرحوا مكانهم ، فقال لهم يزيد بن أنس : يا معشر الشيعة إنكم كنتم تقتلون وتقطع أيديكم وأرجلكم وتسمل أعينكم وترفعون على جذوع النخل في حب أهل بيت نبيكم ، وأنتم مقيمون في بيوتكم وطاعة عدوكم ، فما ظنكم بهؤلاء القوم إذا ظهروا عليكم اليوم ؟ والله [ ص: 298 ] لا يدعون منكم عينا تطرف ، وليقتلنكم صبرا ، ولترون منهم في أولادكم وأزواجكم وأموالكم ما الموت خير منه ، والله لا ينجيكم منهم إلا الصدق والصبر والطعن الصائب والضرب الدراك ، تهيئوا للحملة ، فتيسروا ينتظرون أمره وجثوا على ركبهم .

وأما إبراهيم بن الأشتر فإنه لقي راشدا فإذا معه أربعة آلاف ، فقال إبراهيم لأصحابه : لا يهولنكم كثرة هؤلاء ، فوالله لرب رجل خير من عشرة ، والله مع الصابرين . وقدم خزيمة بن نصر إليهم في الخيل ، ونزل هو يمشي في الرجالة ، وأخذ إبراهيم يقول لصاحب رايته : تقدم برايتك ، امض بهؤلاء وبها .

واقتتل الناس قتالا شديدا ، وحمل خزيمة بن نصر العبسي على راشد فقتله ، ثم نادى : قتلت راشدا ورب الكعبة ! وانهزم أصحاب راشد ، وأقبل إبراهيم وخزيمة ومن معهما بعد قتل راشد نحو المختار ، وأرسل البشير إلى المختار بقتل راشد ، فكبر هو وأصحابه وقويت نفوسهم ، ودخل أصحاب ابن مطيع الفشل .

وأرسل ابن مطيع حسان بن فائد بن بكر العبسي في جيش كثيف نحو ألفين ، فاعترض إبراهيم ليرده عمن بالسبخة من أصحاب ابن مطيع ، فتقدم إليهم إبراهيم ، فانهزموا من غير قتال ، وتأخر حسان يحمي أصحابه ، فحمل عليه خزيمة ، فعرفه فقال : يا حسان لولا القرابة لقتلتك ، فانج بنفسك .

فعثر به فرسه فوقع ، فابتدره الناس ، فقاتل ساعة ، قال له خزيمة : أنت آمن فلا تقتل نفسك ، وكف عنه الناس وقال إبراهيم : هذا ابن عمي وقد آمنته ، فقال : أحسنت ! وأمر بفرسه فأحضر فأركبه وقال : الحق بأهلك .

وأقبل إبراهيم نحو المختار وشبث بن ربعي محيط به ، فلقيه يزيد بن الحارث وهو على أفواه السكك التي تلي السبخة ، فأقبل إلى إبراهيم ليصده عن شبث وأصحابه ، فبعث إبراهيم إليه طائفة من أصحابه مع خزيمة بن نصر وسار نحو المختار وشبث فيمن بقي معه ، فلما دنا منهم إبراهيم حمل على شبث ، وحمل يزيد بن أنس ، فانهزم شبث ومن معه إلى أبيات الكوفة ، وحمل خزيمة بن نصر على يزيد بن الحارث فهزمه ، وازدحموا على أفواه السكك وفوق البيوت وأقبل المختار . فلما انتهى إلى أفواه السكك رمته الرماة بالنبل فصدوه عن الدخول إلى الكوفة من ذلك الوجه .

ورجع الناس من السبخة منهزمين إلى ابن مطيع ، وجاءه قتل راشد بن إياس فسقط في يده ، فقال له عمرو بن الحجاج الزبيدي : أيها الرجل لا تلق بيدك واخرج إلى الناس واندبهم إلى عدوك ، فإن الناس كثير وكلهم معك إلا هذه الطائفة التي خرجت والله يخزيها ، وأنا أول منتدب ، فانتدب معي طائفة ومع غيري طائفة .

[ ص: 299 ] فخرج ابن مطيع فقام في الناس ووبخهم على هزيمتهم وأمرهم بالخروج إلى المختار وأصحابه .

ولما رأى المختار أنه قد منعه يزيد بن الحارث من دخول الكوفة عدل إلى بيوت مزينة وأحمس وبارق ، وبيوتهم منفردة ، فسقوا أصحابه الماء ولم يشرب هو ، فإنه كان صائما ، فقال أحمر بن شميط لابن كامل : أتراه صائما ؟ قال : نعم . قال : لو أفطر كان أقوى له . قال : إنه معصوم ، وهو أعلم بما يصنع . فقال أحمر : صدقت ، أستغفر الله .

فقال المختار : نعم المكان للقتال هذا . فقال إبراهيم : إن القوم قد هزمهم الله وأدخل الرعب في قلوبهم ، سر بنا ، فوالله ما دون القصر مانع . فترك المختار هناك كل شيخ ضعيف ذي علة ( ونقلهم ) واستخلف عليهم أبا عثمان النهدي ، وقدم إبراهيم أمامه ، وبعث ابن مطيع عمرو بن الحجاج ( في ألفين ، فخرج عليهم ، فأرسل المختار إلى إبراهيم أن اطوه ولا تقم عليه ، فطواه وأقام ، وأمر المختار يزيد بن أنس أن يواقف عمرو بن الحجاج ) ، فمضى إليه ، وسار المختار في أثر إبراهيم ، ثم وقف في موضع مصلى خالد بن عبد الله ومضى إبراهيم ليدخل الكوفة من نحو الكناسة ، فخرج إليه شمر بن ذي الجوشن في ألفين ، فسرح إليه المختار سعيد بن منقذ الهمداني فواقعه ، وأرسل إلى إبراهيم يأمره بالمسير ، فسار حتى انتهى إلى سكة شبث ، فإذا نوفل بن مساحق في ألفين ، وقيل خمسة آلاف ، وهو الصحيح ، وقد أمر ابن مطيع مناديا فنادى في الناس أن الحقوا بابن مساحق .

وخرج ابن مطيع فوقف بالكناسة واستخلف شبث بن ربعي على القصر ، فدنا ابن الأشتر من ابن مطيع فأمر أصحابه بالنزول وقال لهم : لا يهولنكم أن يقال جاء شبث وآل عتيبة بن النهاس وآل الأشعث وآل يزيد بن الحارث وآل فلان ، فسمى بيوتات أهل الكوفة ، ثم قال : إن هؤلاء لو وجدوا حر السيوف لانهزموا عن ابن مطيع انهزام المعزى من الذئب . ففعلوا ذلك .

وأخذ ابن الأشتر أسفل قبائه فأدخله في منطقته ، وكان القباء على الدرع ، فلم يلبثوا حين حمل عليهم أن انهزموا يركب بعضهم بعضا على أفواه السكك وازدحموا ، وانتهى ابن الأشتر إلى ابن مساحق ، فأخذ بعنان دابته ورفع السيف عليه ، فقال له : يا ابن الأشتر أنشدك الله هل بيني وبينك من إحنة أو تطلبني بثأر ؟ فخلى سبيله ، وقال : [ ص: 300 ] اذكرها . فكان يذكرها له .

ودخلوا الكناسة في آثارهم حتى دخلوا السوق والمسجد وحصروا ابن مطيع ومعه الأشراف من الناس غير عمرو بن حريث ، فإنه أتى داره ثم خرج إلى البر ، وجاء المختار حتى نزل جانب السوق . وولى إبراهيم حصار القصر ومعه يزيد بن أنس وأحمر بن شميط ، فحصروهم ثلاثا ، فاشتد الحصار عليهم ، فقال شبث لابن مطيع : ( انظر لنفسك ولمن معك فوالله ما عندهم غناء عنك ولا عن أنفسهم . فقال : أشيروا علي . فقال شبث ) : الرأي أن تأخذ لنفسك ولنا أمانا ونخرج ولا تهلك نفسك ومن معك . فقال ابن مطيع : إني لأكره أن آخذ منه أمانا ، والأمور لأمير المؤمنين مستقيمة بالحجاز والبصرة . قال : فتخرج ولا يشعر بك أحد ، فتنزل بالكوفة عند من تثق به حتى تلحق بصاحبك .

وأشار بذلك عبد الرحمن بن سعيد وأسماء بن خارجة وابن مخنف وأشراف الكوفة ، فأقام حتى أمسى وقال لهم : قد علمت أن الذين صنعوا هذا بكم أراذلكم وأخساؤكم وأن أشرافكم وأهل الفضل منكم سامعون مطيعون ، وأنا مبلغ ذلك صاحبي ومعلمه طاعتكم وجهادكم حتى كان الله الغالب على أمره . فأثنوا عليه خيرا .

وخرج عنهم وأتى دار أبي موسى ، ( فجاء ابن الأشتر ونزل ) القصر ، ففتح أصحابه الباب وقالوا : يا ابن الأشتر آمنون نحن ؟ قال : أنتم آمنون .

فخرجوا فبايعوا المختار ، ودخل المختار القصر فبات فيه ، وأصبح أشراف الناس في المسجد وعلى باب القصر ، وخرج المختار فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه فقال :

الحمد لله الذي وعد وليه النصر وعدوه الخسر ، وجعله فيه إلى آخر الدهر وعدا مفعولا وقضاء مقضيا ، وقد خاب من افترى ، أيها الناس إنا رفعت لنا راية ومدت لنا غاية ، فقيل لنا في الراية أن ارفعوها وفي الغاية أن اجروا إليها ولا تعدوها ، فسمعنا دعوة الداعي ومقالة الواعي ، فكم من ناع وناعية لقتلى في الواعية ، وبعدا لمن طغى وأدبر وعصى وكذب وتولى ، ألا فادخلوا أيها الناس وبايعوا بيعة هدى ، فلا والذي [ ص: 301 ] جعل السماء سقفا مكفوفا ، والأرض فجاجا سبلا ، ما بايعتم بعد بيعة علي بن أبي طالب وآل علي أهدى منها !

ثم نزل ودخل عليه أشراف الكوفة فبايعوه على كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والطلب بدماء أهل البيت ، وجهاد المحلين ، والدفع عن الضعفاء ، وقتال من قاتلنا ، وسلم من سالمنا .

وكان ممن بايعه المنذر بن حسان وابنه حسان ، فلما خرجا من عنده استقبله سعيد بن منقذ الثوري في جماعة من الشيعة ، فلما رأوهما قالوا : هذان والله من رءوس الجبارين ، فقتلوا المنذر وابنه حسان ، فنهاهم سعيد حتى يأخذوا أمر المختار ، فلم ينتهوا ، فلما سمع المختار ذلك كرهه ، وأقبل المختار يمني الناس ، ويستجر مودة الأشراف ، ويحسن السيرة .

وقيل له : إن ابن مطيع في دار أبي موسى ، فسكت ، فلما أمسى بعث له بمائة ألف درهم وقال : تجهز بهذه فقد علمت مكانك ، وأنك لم يمنعك من الخروج إلا عدم النفقة . وكان بينهما صداقة .

ووجد المختار في بيت المال تسعة آلاف ألف ، ( فأعطى أصحابه الذين قاتل بهم حين حصر ابن مطيع في القصر ، وهم ثلاثة [ آلاف ] وخمسمائة ) ، لكل رجل منهم خمسمائة درهم ، وأعطى ستة آلاف من أصحابه أتوه بعدما أحاط بالقصر ، وأقاموا معه تلك الليلة وتلك الأيام الثلاثة مائتين مائتين ، واستقبل الناس بخير ، وجعل الأشراف جلساءه ، وجعل على شرطته عبد الله بن كامل الشاكري ، وعلى حرسه كيسان أبا عمرة .

فقام أبو عمرة على رأسه ذات يوم وهو مقبل على الأشراف بحديثه ووجهه ، فقال لأبي عمرة بعض أصحابه من الموالي : أما ترى أبا إسحاق قد أقبل على العرب ما ينظر إلينا ؟ فسأله المختار عما قالوا ، فأخبره ، فقال : قل لهم لا يشق عليهم ذلك ، فأنتم مني وأنا منكم ، وسكت طويلا ثم قرأ : إنا من المجرمين منتقمون . فلما سمعوها قال بعضهم لبعض : أبشروا ، كأنكم والله قد قتلتم . يعني الرؤساء .

وكان أول راية عقدها المختار لعبد الله بن الحارث أخي الأشتر على أرمينية ، وبعث محمد بن عمير بن عطارد على أذربيجان ، وبعث عبد الرحمن بن سعيد بن قيس على الموصل ، وبعث إسحاق بن مسعود على المدائن وأرض جوخى ، وبعث قدامة بن [ ص: 302 ] أبي عيسى بن زمعة النصري حليف ثقيف على بهقباذ الأعلى ، وبعث محمد بن كعب بن قرظة على بهقباذ الأوسط ، وبعث سعد بن حذيفة بن اليمان على حلوان ، وأمره بقتال الأكراد وإقامة الطرق .

وكان ابن الزبير قد استعمل على الموصل محمد بن الأشعث بن قيس ، فلما ولي المختار وبعث عبد الرحمن بن سعيد إلى الموصل أميرا سار محمد عنها إلى تكريت ، ينظر ما يكون من الناس ، ثم سار إلى المختار فبايعه .

فلما فرغ المختار مما يريد صار يجلس للناس ويقضي بينهم ، ثم قال : إن لي فيما أحاول لشغلا عن القضاء ، ثم أقام شريحا يقضي بين الناس ، ثم خافهم شريح فتمارض ، وكانوا يقولون : إنه عثماني ، وإنه شهد على حجر بن عدي ، وإنه لم يبلغ هانئ بن عروة ما أرسله به ، وإن عليا عزله عن القضاء . فلما بلغ شريحا ذلك منهم تمارض ، فجعل المختار مكانه عبد الله بن عتبة بن مسعود ، ثم إن عبد الله مرض ، فجعل مكانه عبد الله بن مالك الطائي .

التالي السابق


الخدمات العلمية