الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 72 ] فصل : وكل زنا أوجب الحد ، لا يقبل فيه إلا أربعة شهود ، باتفاق العلماء ; لتناول النص له ، بقوله تعالى : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة } . ويدخل فيه اللواط ، ووطء المرأة في دبرها ; لأنه زنا . وعند أبي حنيفة ، يثبت بشاهدين ، بناء على أصله في أنه لا يوجب الحد .

                                                                                                                                            وقد بينا وجوب الحد به ، ويخص هذا بأن الوطء في الدبر فاحشة ، بدليل قوله تعالى : { أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين } . وقال الله تعالى : { واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم } . فإذا وطئت في الدبر ، دخلت في عموم الآية .

                                                                                                                                            ووطء البهيمة إن قلنا بوجوب الحد به ، لم يثبت إلا بشهود أربعة . وإن قلنا لا يوجب إلا التعزير ففيه وجهان ; أحدهما : يثبت بشاهدين ; لأنه لا يوجب الحد ، فيثبت بشاهدين ، كسائر الحقوق . والثاني : لا يثبت إلا بأربعة . وهو قول القاضي ; لأنه فاحشة ; ولأنه إيلاج في فرج محرم ، فأشبه الزنا . وعلى قياس هذا ، كل وطء لا يوجب الحد ويوجب التعزير ، كوطء الأمة المشتركة ، وأمته المزوجة ، فإن لم يكن وطئا كالمباشرة دون الفرج ونحوها ، ثبت بشاهدين ، وجها واحدا ; لأنه ليس بوطء ، فأشبه سائر الحقوق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية