الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب قول الله عز وجل وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا إلى قوله بالواد المقدس طوى آنست أبصرت نارا لعلي آتيكم منها بقبس الآية قال ابن عباس المقدس المبارك طوى اسم الوادي سيرتها حالتها و النهى التقى بملكنا بأمرنا هوى شقي فارغا إلا من ذكر موسى ردءا كي يصدقني ويقال مغيثا أو معينا يبطش و يبطش يأتمرون يتشاورون والجذوة قطعة غليظة من الخشب ليس فيها لهب سنشد سنعينك كلما عززت شيئا فقد جعلت له عضدا وقال غيره كلما لم ينطق بحرف أو فيه تمتمة أو فأفأة فهي عقدة أزري ظهري فيسحتكم فيهلككم المثلى تأنيث الأمثل يقول بدينكم يقال خذ المثلى خذ الأمثل ثم ائتوا صفا يقال هل أتيت الصف اليوم يعني المصلى الذي يصلى فيه فأوجس أضمر خوفا فذهبت الواو من خيفة لكسرة الخاء في جذوع النخل على جذوع خطبك بالك مساس مصدر ماسه مساسا لننسفنه لنذرينه الضحاء الحر قصيه اتبعي أثره وقد يكون أن تقص الكلام نحن نقص عليك عن جنب عن بعد وعن جنابة وعن اجتناب واحد قال مجاهد على قدر موعد لا تنيا لا تضعفا يبسا يابسا من زينة القوم الحلي الذي استعاروا من آل فرعون فقذفتها ألقيتها ألقى صنع فنسي موسى هم يقولونه أخطأ الرب أن لا يرجع إليهم قولا في العجل

                                                                                                                                                                                                        3213 حدثنا هدبة بن خالد حدثنا همام حدثنا قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به حتى أتى السماء الخامسة فإذا هارون قال هذا هارون فسلم عليه فسلمت عليه فرد ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح تابعه ثابت وعباد بن أبي علي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 488 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 488 ] ( باب قول الله عز وجل : وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا - إلى قوله - بالوادي المقدس طوى ) سقط لفظ " باب " عند أبي ذر وكريمة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( آنست أبصرت ) قال أبو عبيدة في قوله : آنس من جانب الطور نارا أي أبصر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال ابن عباس : المقدس المبارك ، طوى اسم الوادي ) هكذا وقع هذا التفسير وما بعده في رواية أبي ذر عن المستملي والكشميهني خاصة ولم يذكره جميع رواة البخاري هنا ، وإنما ذكروا بعضه في تفسير سورة طه ، وها أنا أشرحه هنا وأبين إذا أعيد في تفسير طه إن شاء الله تعالى ما سبق منه هنا . وقول ابن عباس هذا وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن طلحة عن ابن عباس به ، وروى هو والطبري من وجه آخر عن ابن عباس أنه سمي " طوى " لأن موسى طواه ليلا قال الطبري : فعلى هذا فالمعنى إنك بالوادي المقدس طويته وهو مصدر أخرج من غير لفظه كأنه قال : طويت الوادي المقدس طوى . وعن سعيد بن جبير قال : قيل له طوى أي طإ الأرض حافيا ، وروى الطبري عن مجاهد مثله ، وعن عكرمة أي طأ الوادي ، ومن وجه آخر عن ابن عباس كذلك ، وروى ابن أبي حاتم من طريق مبشر بن عبيد والطبري من طريق الحسن قال : قيل له طوى لأنه قدس مرتين . وقال الطبري : قال آخرون معنى قوله طوى أي ثنى ، أي ناداه ربه مرتين إنك بالوادي المقدس ، وأنشد لذلك شاهدا قول عدي بن زيد :


                                                                                                                                                                                                        أعاذل إن اللوم في غير حينه علي طوى من غيك المتردد



                                                                                                                                                                                                        وقال أبو عبيدة : طوى يكسر أوله قوم ، كقول الشاعر :

                                                                                                                                                                                                        وإن كان حيانا عدى آخر الدهر

                                                                                                                                                                                                        قال : ومن جعل طوى اسم أرض لم ينونه ، ومن جعله اسم الوادي صرفه ، ومن جعله مصدرا بمعنى نودي مرتين صرفه تقول : ناديته ثنى وطوى أي مرة بعد مرة ، وأنشد البيت المذكور .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سيرتها : حالتها ) وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى : سنعيدها سيرتها الأولى يقول حالتها الأولى ، ورواه ابن جرير كذلك . ومن طريق مجاهد وقتادة سيرتها هيئتها .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 489 ] قوله : ( والنهى : التقى ) وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى : يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى قال : لأولي التقى . ومن طريق سعيد عن قتادة " لأولي النهى : لأولي الورع " قال الطبري خص أولي النهى لأنهم أهل التفكر والاعتبار .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( بملكنا بأمرنا ) وصله ابن أبي حاتم والطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : ما أخلفنا موعدك بملكنا يقول : بأمرنا ، ومن طريق سعيد عن قتادة " بملكنا أي بطاقتنا " وكذا قال السدي ; ومن طريق ابن زيد بهوانا . واختلف أهل القراءة في ميم ملكنا فقرءوا بالضم وبالفتح وبالكسر ، ويمكن تخريج هذه التأويلات على هذه القراءات .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( هوى : شقي ) وصله ابن أبي حاتم من الطريق المذكورة في قوله تعالى : ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى قال : يعني شقي . وكذا أخرجه الطبري .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فارغا إلا من ذكر موسى ) وصله سعيد بن عبد الرحمن المخزومي في تفسير ابن عيينة من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى : وأصبح فؤاد أم موسى فارغا قال : من كل إلا من ذكر موسى ، وأخرج الطبري من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس نحوه ، ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس " فارغا لا تذكر إلا موسى " ومن طريق مجاهد وقتادة نحوه ومن طريق الحسن البصري " أصبح فارغا من العهد الذي عهد إليها أنه سيرد عليها " وقال أبو عبيدة في قوله فارغا : أي من الحزن لعلمها أنه لم يغرق . ورد ذلك الطبري وقال : إنه مخالف لجميع أقوال أهل التأويل . وأم موسى اسمها بادونا وقيل : أباذخت ويقال يوحاند .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ردءا كي يصدقني ) وصله ابن أبي حاتم من الطريق المذكورة قبل ، وروى الطبري من طريق السدي قال : كيما يصدقني ، ومن طريق مجاهد وقتادة ردءا أي عونا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ويقال مغيثا أو معينا ) يعني بالمعجمة والمثلثة وبالمهملة والنون ; قال أبو عبيدة في قوله ردءا يصدقني : أي معينا ، يقال فيه أردأت فلانا على عدوه أي أكنفته وأعنته ، أي صرت له كنفا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( يبطش ويبطش ) يعني بكسر الطاء وبضمها ، قال أبو عبيدة في تفسير قوله تعالى : فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما بالطاء مكسورة ومضمومة لغتان . قلت : الكسر القراءة المشهورة هنا ، وفي قوله تعالى : يوم نبطش البطشة الكبرى والضم قراءة ابن جعفر ، ورويت عن الحسن أيضا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( يأتمرون : يتشاورون ) قال أبو عبيدة في قوله تعالى : إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك : أي يهمون بك ويتآمرون ويتشاورون انتهى . وهي بمعنى يتآمرون ، ومنه قول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                        أرى الناس قد أحدثوا شيمة وفي كل حادثة يؤتمر



                                                                                                                                                                                                        وقال ابن قتيبة : معناه يأمر بعضهم بعضا كقوله : وائتمروا بينكم بمعروف .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( والجذوة قطعة غليظة من الخشب ليس لها لهب ) قال أبو عبيدة في قوله تعالى : أو جذوة من النار : أي قطعة غليظة من الحطب ليس فيها لهب ، قال الشاعر :

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 490 ]

                                                                                                                                                                                                        باتت حواطب ليلى يلتمسن لها جزل الجذا غير خوار ولا دعر



                                                                                                                                                                                                        والجذوة مثلثة الجيم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سنشد سنعينك ، كلما عززت شيئا فقد جعلت له عضدا ) وقال أبو عبيدة في قوله تعالى : سنشد عضدك بأخيك : أي سنقويك به ونعينك ، تقول شد فلان عضد فلان إذا أعانه ، وهو من عاضدته على أمره أي عاونته .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال غيره كلما لم ينطق بحرف أو فيه تمتمة أو فأفأة فهي عقدة ) هو قول أبي عبيدة ، قال في قوله تعالى : واحلل عقدة من لساني : العقدة في اللسان ما لم ينطق بحرف أو كانت فيه مسكة من تمتمة أو فأفأة . وروى الطبري من طريق السدي قال : لما تحرك موسى أخذته آسية امرأة فرعون ترقصه ثم ناولته لفرعون ، فأخذ موسى بلحيته فنتفها ، فاستدعى فرعون الذباحين ، فقالت آسية إنه صبي لا يعقل ، فوضعت له جمرا وياقوتا وقالت إن أخذ الياقوت فاذبحه وإن أخذ الجمرة فاعرف أنه لا يعقل ، فجاء جبريل فطرح في يده جمرة فطرحها في فيه فاحترق لسانه فصارت في لسانه عقدة من يومئذ . ومن طريق مجاهد وسعيد بن جبير نحو ذلك ، والتمتمة هي التردد في النطق بالمثناة الفوقانية ، والفأفأة بالهمزة التردد في النطق بالفاء .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أزري : ظهري ) قال أبو عبيدة في قوله تعالى : اشدد به أزري : أي ظهري ، ويقال : قد أزرني أي كان لي ظهرا ومعينا . وأورد بإسناد لين عن ابن عباس في قوله : اشدد به أزري قال : ظهري .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فيسحتكم : فيهلككم ) وصله الطبري عن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، وهو قول أبي عبيدة قال : وتقول سحته وأسحته بمعنى ، قال الطبري سحت أكثر من أسحت . وروي من طريق قتادة في قوله : فيسحتكم أي يستأصلكم ، والخطاب للسحرة ، ويقال إن اسم رؤسائهم غادون وساتور وخطخط والمصفا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( المثلى تأنيث الأمثل يقول بدينكم . يقال خذ المثلى خذ الأمثل ) قال أبو عبيدة في قوله : بطريقتكم أي بسنتكم ودينكم وما أنتم عليه ، والمثلى تأنيث الأمثل يقال خذ المثلى منهما للأنثيين ، وخذ الأمثل منهما إذا كان ذكرا ، والمراد بالمثلى الفضلى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ثم ائتوا صفا ، يقال هل أتيت الصف اليوم يعني المصلى الذي يصلى فيه ) قال أبو عبيدة في قوله : ثم ائتوا صفا أي صفوفا ، وله معنى آخر من قولهم : هل أتيت الصف اليوم ؟ أي المصلى الذي يصلى فيه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فأوجس : أضمر خوفا فذهبت الواو من خيفة لكسرة الخاء ) قال أبو عبيدة في قوله تعالى : فأوجس منهم خيفة أي فأضمر منهم خيفة أي خوفا ، فذهبت الواو فصارت ياء من أجل كسرة الخاء . قال الكرماني : مثل هذا الكلام لا يليق بجلالة هذا الكتاب أن يذكر فيه انتهى . وكأنه رأى فيه ما يخالف اصطلاح المتأخرين من أهل علم التصريف فقال ذلك حيث قالوا في مثل هذا أصل خيفة خوفة فقلبت الواو ياء [ ص: 491 ] لكونها بعد كسرة ، وما عرف أنه كلام أحد الرءوس العلماء باللسان العربي وهو أبو عبيدة معمر بن المثنى البصري .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( في جذوع النخل : على جذوع ) هو قول أبي عبيدة ، واستشهد بقول الشاعر

                                                                                                                                                                                                        هم صلبوا العبدي في جذع نخلة

                                                                                                                                                                                                        وقال : إنما جاء على موضع في إشارة لبيان شدة التمكن في الظرفية .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( خطبك بالك ) قال أبو عبيدة في قوله : قال فما خطبك أي ما بالك وشأنك قال : الشاعر

                                                                                                                                                                                                        يا عجبا ما خطبه وخطبي

                                                                                                                                                                                                        وروى الطبري من طريق السدي في قول الله : قال فما خطبك قال : ما لك يا سامري واسم السامري المذكور يأتي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( مساس مصدر ماسه مساسا ) قال الفراء . قوله : لا مساس أي لا أمس ولا أمس ، والمراد أن موسى أمرهم أن لا يؤاكلوه ولا يخالطوه ، وقرئ لا مساس بفتح الميم وهي لغة فاشية ، واسم السامري موسى بن طفر وكان من قوم يعبدون البقر . وقال أبو عبيدة في قوله تعالى : لا مساس : إذا كسرت الميم جاز النصب والرفع والجر بالتنوين ، وجاءت هنا منفية ففتحت بغير تنوين ، قال النابغة :


                                                                                                                                                                                                        فأصبح من ذاك كالسامري إذ قال موسى له لا مساسا



                                                                                                                                                                                                        قال : والمماسة والمخالطة واحد ، قال : ومنهم من جعلها اسما فكسر آخرها بغير تنوين ، قال الشاعر :


                                                                                                                                                                                                        تميم كرهط السامري وقوله ألا لا مريد السامري مساس

                                                                                                                                                                                                        أجراها مجرى قطام وحزام .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لننسفنه : لنذرينه ) وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : لننسفنه في اليم نسفا يقول لنذرينه في البحر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( الضحاء الحر ) قال أبو عبيدة في قوله تعالى : وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى أي لا تعطش ولا تضحى للشمس فتجد الحر ، وروى الطبري من طريق علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس : لا يصيبك فيها عطش ولا حر . قلت : وهذا الموضع وقع استطرادا ، وإلا فلا تعلق له بقصة موسى عليه السلام .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قصيه : اتبعي أثره ، وقد يكون أن يقص الكلام : نحن نقص عليك ) أما الأول فهو قول مجاهد والسدي ، وغيرهما أخرجه ابن جرير ، وقال أبو عبيدة في قوله تعالى : وقالت لأخته قصيه أي اتبعي أثره تقول : قصصت آثار القوم ، وأما الثاني هو من قبل المصنف . وأخت موسى اسمها مريم وافقتها في ذلك مريم بنت عمران والدة عيسى عليه السلام .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن جنب : عن بعد ، وعن جنابة وعن اجتناب واحد ) روى الطبري من طريق مجاهد في قوله : عن جنب قال : عن بعد . وقال أبو عبيدة في قوله تعالى : فبصرت به عن جنب أي عن بعد وتجنب ، ويقال ما تأتينا إلا عن جنابة وعن جنب ، قال الشاعر :


                                                                                                                                                                                                        فلا تحرمني نائلا عن جنابة فإني امرؤ وسط القباب غريب



                                                                                                                                                                                                        [ ص: 492 ] وفي حديث القنوت الطويل عن ابن عباس : الجنب أن يسمو بصر الإنسان إلى الشيء البعيد وهو إلى جنبه لم يشعر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال مجاهد : على قدر موعد ) وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عنه ، وروى الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله : على قدر يا موسى أي على ميقات .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لا تنيا : لا تضعفا ) وصله الفريابي أيضا عن مجاهد ، وروى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : لا تنيا في ذكري قال : لا تبطئا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( مكانا سوى : منصف بينهم ) وصله الفريابي أيضا عن مجاهد ، وقال أبو عبيدة بضم أوله وبكسره كعدى وعدى ، والمعنى النصف والوسط .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( يبسا : يابسا ) وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا أي يابسا ، وقال أبو عبيدة في قوله : طريقا في البحر يبسا متحرك الحروف وبعضهم يسكن الباء ، وتقول شاة يبس بالتحريك أي يابسة ليس لها لبن .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( من زينة القوم : الحلي الذي استعاروا من آل فرعون ) وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم أي الحلي الذي استعاروا من آل فرعون ، وهي الأثقال أي الأوزار ، وروى الطبري من طريق ابن زيد قال : الأوزار الأثقال وهي الحلي الذي استعاروه من آل فرعون ، وليس المراد بها الذنوب ، ومن طريق قتادة قال كان الله وقت لموسى ثلاثين ليلة ثم أتمها بعشر ، فلما مضت الثلاثون قال السامري لبني إسرائيل : إنما أصابكم الذي أصابكم عقوبة بالحلي الذي كان معكم ، وكانوا قد استعاروا ذلك من آل فرعون فساروا وهي معهم فقذفوها إلى السامري فصورها صورة بقرة ، وكان قد صر في ثوبه قبضة من أثر فرس جبريل فقذفها مع الحلي في النار فأخرج عجلا يخور .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقذفتها : ألقيتها ، ألقى صنع ) وقع في رواية الكشميهني " فقذفناها " وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى : فقبضت قبضة من أثر الرسول فقذفناها قال : ألقيناها ، وفي قوله : ألقى السامري أي صنع ، وفي قوله : فنبذتها أي ألقيتها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فنسي موسى ، هم يقولونه أخطأ الرب ) وصله الفريابي عن مجاهد كذلك ، وروى الطبري من طريق السدي قال : لما خرج العجل فخار قال لهم السامري : هذا إلهكم وإله موسى ، فنسي أي فنسي موسى وضل ، ومن طريق قتادة نحوه قال : نسي موسى ربه . ومن طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس " فنسي " أي السامري نسي ما كان عليه من الإسلام .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أن لا يرجع إليهم قولا في العجل ) وصله الفريابي عن مجاهد كذلك ، وقال أبو عبيدة : تقدير القراءة بالضم أنه لا يرجع ، ومن لم يضم العين نصب بأن .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) :

                                                                                                                                                                                                        لمح المصنف بهذه التفاسير لما جرى لموسى في خروجه إلى مدين ، ثم في رجوعه إلى مصر ، ثم في أخباره مع فرعون ، ثم في غرق فرعون ، ثم في ذهابه إلى الطور ، ثم في عبادة بني إسرائيل العجل وكأنه لم يثبت عنده في ذلك من المرفوعات ما هو على شرطه ، وأصح ما ورد في جميع ذلك ما أخرجه النسائي وأبو [ ص: 493 ] يعلى بإسناد حسن عن ابن عباس في حديث القنوت الطويل في قدر ثلاث ورقات ، وهو في تفسير طه عنده وعند ابن أبي حاتم وابن جرير وابن مردويه وغيرهم ممن خرج التفسير المسند .

                                                                                                                                                                                                        ثم ذكر المصنف في هذا الباب طرفا من حديث الإسراء من رواية قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة ، وسيأتي بتمامه في السيرة النبوية ، واقتصر منه هنا على قوله : " حتى أتى السماء الخامسة فإذا هارون " الحديث بهذه القصة خاصة ، ثم قال : تابعه ثابت وعباد بن أبي علي عن أنس ، وأراد بذلك أن هذين تابعا قتادة عن أنس في ذكر هارون في السماء الخامسة لا في جميع الحديث ، بل ولا في الإسناد ، فإن راوية ثابت موصولة في صحيح مسلم من طريق حماد بن سلمة عنه ليس فيها ذكر مالك بن صعصعة ، نعم فيها ذكر هارون في السماء الخامسة ، وكذلك في رواية عباد بن أبي علي وهو بصري ليس له في البخاري ذكر إلا في هذا الموضع ووافق ثابتا في أنه لم يذكر لأنس فيه شيخا ، وقد وافقهما شريك عن أنس في ذلك وفي كون هارون في الخامسة ، وسيأتي حديثه في أثناء السيرة النبوية . وأما قتادة فقال : عن أنس عن مالك بن صعصعة ، وأما الزهري فقال : عن أنس عن أبي ذر كما مضى في أول الصلاة ، ولم يذكر في حديثه هارون أصلا ، وإلى هذا أشار المصنف بالمتابعة . والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية