الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 442 ] ( من فرائضها ) التي لا تصح بدونها ( التحريمة ) قائما ( وهي شرط ) في غير جنازة على القادر به يفتى ، فيجوز بناء النفل على النفل وعلى الفرض وإن كره لا فرض على فرض أو نفل على الظاهر ولاتصالها بالأركان روعي لها الشروط [ ص: 443 ] وقد منعه الزيلعي ثم رجع إليه بقوله ولئن سلم ، نعم في التلويح تقديم المنع على التسليم أولى ، لكن نقول الاحتياط [ ص: 444 ] خلافه . وعبارة البرهان : وإنما اشترط لها ما اشترط للصلاة لا باعتبار ركنيتها ، بل باعتبار اتصالها بالقيام الذي هو ركنها .

التالي السابق


مطلب قد يطلق الفرض على ما يقابل الركن وعلى ما ليس بركن ولا شرط

( قوله من فرائضها ) جمع فريضة أعم من الركن الداخل الماهية والشرط الخارج عنها ، فيصدق على التحريمة والقعدة الأخيرة والخروج بصنعه على ما سيأتي ، وكثيرا ما يطلقون الفرض على ما يقابل الركن كالتحريمة والقعدة ، وقدمنا في أوائل كتاب الطهارة عن شرح المنية أنه قد يطلق الفرض على ما ليس بركن ولا شرط كترتيب القيام والركوع والسجود والقعدة ، وأشار بمن التبعيضية إلى أن لها فرائض أخر كما سيأتي في قول الشارح وبقي من الفروض إلخ أفاده ح ( قوله التي لا تصح بدونها ) صفة كاشفة إذ لا شيء من الفروض ما تصح الصلاة بدونه بلا عذر ( قوله التحريمة ) المراد بها جملة ذكر خالص . مثل : الله أكبر . كما سيأتي مع بيان شروطها العشرين نظما . والتحريم جعل الشيء محرما ، سميت بها لتحريمها الأشياء المباحة قبل الشروع بخلاف سائر التكبيرات والتاء فيها للمبالغة قهستاني وهو الأظهر برجندي ، وقيل للوحدة ، وقيل للنقل من الوصفية إلى الاسمية ( قوله قائما ) هو أحد شروطها العشرين الآتية ، وسيذكره المصنف في الفصل الآتي ( قوله وهو شرط ) وإنما لم يذكرها مع الشروط المارة لاتصالها بها بمنزلة الباب للدار أفاده في السراج ( قوله في غير جنازة ) أما فيها فهي ركن اتفاقا كبقية تكبيراتها كما سيأتي في بابه ح .

( قوله على القادر ) متعلق بشرط لتضمنه معنى الفرض : أي وهي شرط مفترض عليه ح . أما الأمي والأخرس لو افتتحا بالنية جاز لأنهما أتيا بأقصى ما في وسعهما بحر عن المحيط وسيأتي تمام الكلام على ذلك في الفصل الآتي ( قوله به يفتى ) الضمير راجع إلى الحكم عليها بالشرطية ، وهو مضمون النسبة الإيقاعية في قوله وهي شرط ( قوله فيجوز بناء النفل على النفل ) تفريع على كون التحريمة شرطا ، لكن كونها شرطا يقتضي صحة بناء أي صلاة على تحريمة أي صلاة ، كما يجوز بناء أي صلاة على طهارة أي صلاة ، وكذا بقية الشروط ، لكن منعنا بناء الفرض على غيره ، لا لأن التحريمة ركن ، بل لأن المطلوب في الفرض تعيينه وتمييزه عن غيره بأخص أوصافه وجميع أفعاله وأن يكون عبادة على حدة ، ولو بني على غيره لكان مع ذلك الغير عبادة واحدة كما في بناء النفل على النفل .

قال في البحر : فإنه يكون صلاة واحدة بدليل أن القعود لا يفترض إلا في آخرها على الصحيح ، وقولهم إن كل ركعتين من النفل صلاة لا يعارضه لأنه في أحكام دون أخرى ا هـ ح ( قوله وعلى الفرض ) لأن الفرض أقوى فيستتبع النفل لضعفه ط ( قوله وإن كره ) يعني أنه مع صحته مكروه لأن فيه تأخير السلام وعدم كون النفل بتحريمة مبتدأة ح وهذا في العمد ، إذ لو سها بعد قعدة الفرض فزاد خامسة يضم سادسة بلا كراهية ( قوله على الظاهر ) أي ظاهر المذهب خلافا لصدر الإسلام حيث قال بالجواز فيهما كما في البحر ، لكن ذكر في النهاية بعد عزوه الجواز في بناء الفرض على مثله إلى صدر الإسلام أن بناء الفرض على النفل لم نجد فيه رواية ، ثم قال : ولكن يجب أن لا يجوز حتى على قول صدر الإسلام لأنه جوز بناء المثل ، فلا يجوز بناء الأقوى على الأدنى ولأن الشيء يستتبع مثله أو دونه لا ما هو أقوى إلى آخر ما أطال به ، وتبعه في المعراج والعناية ، وبهذا ظهر عدم صحة قول النهر . ولا خلاف في جواز بناء النفل على النفل والفرض عليه فتنبه ( قوله ولاتصالها إلخ ) علة مقدمة على المعلول ، وهو قوله روعي لها الشروط .

وهذا حاصل عبارة البرهان الآتية ، وهو جواب عن [ ص: 443 ] سؤال مقدر ، وهو أنها إذا كانت شرطا فلم روعي لها الشروط والشروط تراعى للأركان . والجواب إنما روعيت الشروط لها من الطهارة والاستقبال ونحوهما لا لكونها ركنا للصلاة بل لاتصالها بالقيام الذي هو ركن الصلاة ( قوله وقد منعه الزيلعي ) أي منع ما ذكر من قوله روعي لها الشروط حيث قال في الرد على الشافعي القائل بركنية التحريمة ، وقوله يشترط لها ما يشترط للصلاة ممنوع فإنه لو أحرم حاملا للنجاسة فألقاها عند فراغه منها أو مكشوف العورة فسترها عند فراغه من التكبير بعمل يسير أو شرع في التكبير قبل ظهور الزوال مثلا ثم ظهر عند فراغه منها أو منحرفا عن القبلة فاستقبلها عند الفراغ منها جاز ، ولئن سلم فإنما يشترط لما يتصل به من الأداء ، لا لأن التحريمة من الصلاة ا هـ .

( قوله ثم رجع إليه ) أي إلى القول بمراعاة الشروط لها بقوله ولئن سلم إلخ ، فإنه وإن كان على سبيل التنزل مع الخصم ، لكن قوله فإنما يشترط لما يتصل به من الأداء إلخ صريح في لزوم مراعاة الشروط وقتها لا لها بل لاتصالها بالقيام الذي هو ركن اتفاقا ونظير ذلك قولك لا نسلم أن الحركة تجتمع مع السكون ، ولئن سلم يلزم اجتماع الضدين ، فقولك ولئن سلم كلام فرضي به ما بعده ، فعلم أن الزيلعي أراد بهذا الكلام لزوم مراعاة الشروط وقت التحريمة لاتصالها بالقيام الذي هو ركن الصلاة ، وعليه فلو أحرم حاملا للنجاسة فألقاها عند فراغه من التحريمة لا تصح صلاته لاتصال النجاسة بجزء من القيام ، وكذا بقية المسائل المارة في عبارة الزيلعي ، ولو لم يكن مراده ذلك لم يصح تفريعه على فرض التسليم المذكور ، فثبت أن ما منعه أولا رجع إليه ثانيا فافهم ( قوله نعم ) تصديق لما فعله الزيلعي من تقديم المنع على التسليم جريا على قواعد علماء المناظرة ، وقوله في التلويح إلخ تأييد له ، وقصد بذلك الرد على من قدم التسليم على المنع عكس ما فعله الزيلعي كما يعلم من كلام البحر ، فراجعه فافهم ( قوله لكن نقول إلخ ) استدراك على المنع وتأييد لما رجع إليه الزيلعي بأنه الاحتياط ، وقوله وعبارة البرهان إلخ تقوية للاستدراك لأن قول البرهان وإنما اشترط لها إلخ صريح في مراعاة الشروط لها وإن لم تكن ركنا لاتصالها بالقيام الذي هو ركن الصلاة . وقال الشارح في خزائن الأسرار : ظاهر كلام الهداية والكافي وشروح المجمع وغيرها صريح في اشتراط وجود شروط الصلاة حين التحريمة لكونها ركنا بل لاتصالها بالأركان ، وقد منع الزيلعي الاشتراط أولا إلخ .




الخدمات العلمية