الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ بقق ]

                                                          بقق : البق : البعوض ، واحدته بقة ; وأنشد ابن بري لعبد الرحمن بن الحكم ، وقيل لزفر بن الحارث :


                                                          ألا إنما قيس بن عيلان بقة إذا وجدت ريح العصير تغنت .



                                                          ، وقيل : هي عظام البعوض ، قال جرير :


                                                          أغر من البلق العتاق يشقه     أذى البق إلا ما احتوى بالقوائم .



                                                          وقال رؤبة :


                                                          يمصعن بالأذناب من لوح وبق .



                                                          وأنشد ابن بري لبعض الأعراب يهجو قوما قصروا في ضيافته :


                                                          يا حاضري الماء ، لا معروف عندكم     لكن أذاكم علينا رائح غادي
                                                          بتنا عذوبا ، وبات البق يلسبنا     نشوي القراح كأن لا حي بالوادي
                                                          إني لمثلكم في مثل فعلكم     إن جئتكم ، أبدا ، إلا معي زادي .



                                                          ومعنى نشوي القراح أي نسخن الماء البارد بالنار لأن البارد مضر على الجوع ، ويقال : البق الدارج في حيطان البيوت ، وقيل : هي دويبة مثل القملة حمراء منتنة الريح تكون في السرر والجدر ، وهي التي يقال لها بنات الحصير إذا قتلتها شممت لها رائحة اللوز المر ، قال :


                                                          إلى بلد لا بق فيه ولا أذى     ولا نبطيات يفجرن جعفرا .



                                                          وبق المكان وأبق : كثر بقه . وأرض مبقة : كثيرة البق . وبق النبت بقوقا ، وذلك حين يطلع . وأبق الوادي : إذا أخرج نباته ، قال الراعي :


                                                          رعت من خفاف حين بق عيابه     وحل الروايا كل أسحم ماطر .



                                                          وقال بعضهم : بق عيابه أي نشرها . وبق الرجل يبق ويبق بقا وبققا وبقيقا وأبق وبقبق : كثر كلامه . وبق علينا كلامه : أكثره ، وبق كلاما وبق به . ورجل مبق وبقاق وبقباق : كثير الكلام ، أخطأ أو أصاب ، وقيل : كثير الكلام مخلط . ويقال : بقبق علينا الكلام أي فرقه . وبقت المرأة وأبقت : كثر ولدها . قال سيبويه : بقت ولدا وبقت كلاما كقولك نثرت ولدا ونثرت كلاما . وامرأة مبقة : مفعلة من ذلك ، قال :


                                                          إن لنا لكنه     مبقة مفنه
                                                          منتيجة معنه     سمعنة نظرنه
                                                          كالذئب وسط القنه     إلا تره تظنه .



                                                          وأبق ولد فلان إبقاقا : إذا كثروا . ورجل بقاق وبقاقة أي كثير الكلام ، والهاء للمبالغة ، وكذلك بقباق وبقباقة وفقفاق وفقفاقة وذقذاق وذقذاقة وثرثار وثرثارة وبربار وبربارة ، كل ذلك الكثير الكلام . ورجل بقباق : هذر ، قال :


                                                          وقد أقود بالدوى المزمل     أخرس في السفر بقاق المنزل .



                                                          وكذلك البقباق ، يقول : إذا سافر فلا بيان له ، وإذا أقام بالمنزل كثر كلامه ، والدوى : الرجل الأحمق ، والمزمل : المدثر ، والمفعول محذوف تقديره : أقود البعير بالدوى ، و ( أخرس ) حال من الدوى ، وكذلك بقاق ، يصفه بكثرة كلامه في بيته وعيه في المجالس . وبقت السماء بقا وأبقت : كثر مطرها وتتابع وجاءت بمطر شديد . وبق يبق بقا : أوسع من العطية . وبق لنا العطاء : أوسعه ، قال :


                                                          وبسط الخير لنا وبقه     فالخلق طرا يأكلون رزقه .



                                                          وبق فلان ماله أي فرقه ، قال الراجز :

                                                          [ ص: 127 ]

                                                          أم كتم الفضل الذي قد بقه     في المسلمين ، جله ودقه .



                                                          والبق : الواسع العريض : قال الأخطل :


                                                          تجد أثرا بقا وعزا خنابسا .



                                                          وبق الشيء يبقه : أخرج ما فيه ; وأنشد بيت الراعي :


                                                          رعت بخفاف حين بق عيابه     وحل الروايا كل أسحم هاطل .



                                                          والبقاق : أسقاط ما في البيت من المتاع . قال صاحب العين : بلغنا أن عالما من علماء بني إسرائيل وضع للناس سبعين كتابا من الأحكام وصنوف العلم ، فأوحى الله إلى نبي من أنبيائهم أن قل لفلان : إنك قد ملأت الأرض بقاقا ، وأن الله لم يقبل من بقاقك شيئا : ، قال الأزهري : البقاق كثرة الكلام ، ومعنى الحديث أن الله - تعالى - لم يقبل مما أكثرت شيئا . وفي الحديث : أنه - عليه الصلاة والسلام - قال لأبي ذر - رضي الله عنه - : " ما لي أراك لقا بقا ؟ كيف بك إذا أخرجوك من المدينة ؟ " يقال : رجل لقاق بقاق أي كثير الكلام ، ويروى لقا بقا ، بوزن عصا ، وهو تبع ل ( لقا ) المرمي المطروح . ويقال للكثير الكلام : بقباق . ابن الأعرابي : البققة الثرثارون . وبق الخبر بقا : نشره وأرسله . والبقبقة : حكاية صوت كما يبقبق الكوز في الماء . يقال : بقبق الكوز بالماء أي صوت . وبقبقت القدر : غلت . وبقة : موضع بالعراق قريب من الحيرة كان به جذيمة الأبرش ، قيل إنه على شاطئ الفرات ; قال عدي بن زيد :


                                                          دعا بالبقة الأمراء يوما     جذيمة ، يستشير الناصحينا .



                                                          ومنه المثل : خلفت الرأي ببقة ، وهذا قول قصير بن سعد اللخمي لجذيمة الأبرش حين أشار عليه أن لا يسير إلى الزباء ، فلما ندم على سيره قال قصير ذلك .

                                                          وبقة : اسم امرأة ; وأنشد الأحمر :


                                                          يوم أديم بقة الشريم     أفضل من يوم احلقي وقومي .



                                                          أراد بقوله ( احلقي وقومي ) في الشدة . ورقصت امرأة طفلها فقالت : حزقة حزقه ترق عين بقه ، قيل : بقة اسم حصن ، أرادت اصعد عين بقة أي اعلها ، وقيل : إنها شبهت طفلها بالبقة لصغر جثته ، وقوله :

                                                          ألم تسمعا بالبقتين المناديا

                                                          أراد بقة الحصن ومكانا آخر معها ، كما قال :


                                                          ومهمهين قذفين مرتين     قطعته بالسمت لا بالسمتين .



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية