الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 369 ] ذكر سيفه عليه الصلاة والسلام

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الإمام أحمد : ثنا سريج ، ثنا ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن الأعمى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن ابن عباس قال : تنفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه ذا الفقار يوم بدر وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد قال : رأيت في سيفي ذي الفقار فلا ، فأولته فلا يكون فيكم ، ورأيت أني مردف كبشا فأولته كبش الكتيبة ، ورأيت أني في درع حصينة ، فأولتها المدينة ، ورأيت بقرا تذبح ، فبقر والله خير ، فبقر والله خير فكان الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد رواه الترمذي وابن ماجه من حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد ذكر أهل السنن أنه سمع قائل يقول : لا سيف إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا علي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وروى الترمذي من حديث هود بن عبد الله بن سعد ، عن جده مزيدة بن جابر العبدي العصري ، رضي الله عنه ، قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وعلى سيفه ذهب وفضة . الحديث ، ثم قال : هذا حديث غريب .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 370 ] وقال الترمذي في " الشمائل " : حدثنا محمد بن بشار ، ثنا معاذ بن هشام : ، ثنا أبي ، عن قتادة ، عن سعيد بن أبي الحسن قال : كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وروى أيضا من حديث عثمان بن سعد ، عن ابن سيرين قال : صنعت سيفي على سيف سمرة ، وزعم سمرة أنه صنع سيفه على سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان حنفيا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد صار إلى آل علي سيف من سيوف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما ، بكربلاء عند الطف كان معه ، فأخذه علي بن الحسين زين العابدين ، فقدم معه دمشق حين دخل على يزيد بن معاوية ، ثم رجع معه إلى المدينة فثبت في " الصحيحين " عن المسور بن مخرمة ، أنه تلقاه إلى الطريق ، فقال له : هل لك إلي من حاجة تأمرني بها؟ قال : فقال : لا . فقال : هل أنت معطي سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فإني أخشى أن يغلبك عليه القوم ، وايم الله إن أعطيتنيه لا يخلص إليه أحد حتى يبلغ نفسي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم غير ذلك من السلاح ، من ذلك الدروع ، كما روى غير واحد منهم ، السائب بن يزيد ، وعبد الله بن الزبير ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر [ ص: 371 ] يوم أحد بين درعين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي " الصحيحين " من حديث مالك ، عن الزهري ، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل يوم الفتح وعلى رأسه المغفر ، فلما نزعه قيل له : هذا ابن خطل متعلق بأستار الكعبة . فقال : اقتلوه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وعند مسلم من حديث أبي الزبير ، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل يوم الفتح ، وعليه عمامة سوداء .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال وكيع ، عن مساور الوراق ، عن جعفر بن عمرو بن حريث ، عن أبيه قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وعليه عمامة سوداء .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال وكيع ، عن عبد الرحمن ابن الغسيل أبي سلمان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عمامة دسماء . ذكرهما الترمذي في " الشمائل " .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وله من حديث الدراوردي ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتم سدلها بين كتفيه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 372 ] وقد قال الحافظ أبو بكر البزار في " مسنده " : حدثنا أبو شيبة إبراهيم بن عبد الله بن محمد ، ثنا مخول بن إبراهيم ، ثنا إسرائيل ، عن عاصم ، عن محمد بن سيرين ، عن أنس بن مالك ، أنه كانت عنده عصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمات فدفنت معه بين جنبه وبين قميصه . ثم قال البزار : لا نعلم رواه إلا مخول بن راشد ، وهو صدوق فيه شيعية ، واحتمل على ذلك . وقال الحافظ البيهقي بعد روايته هذا الحديث من طريق مخول هذا ، قال : وهو من الشيعة يأتي بأفراد عن إسرائيل لا يأتي بها غيره ، والضعف على رواياته بين ظاهر .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية